صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الجمعة 3 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

44 عاماً على كامب ديفيد علاقات نظامية قائمة وسلام "شعبي ما زال مجمداً"

تحل علينا هذا الشهر الذكرى 44 على توقيع اتفاقات "كامب ديفيد " بين مصر وإسرائيل

بقلم محمد سعد خيرالله

44 عامأ كاملة مرت على تلك المعاهدة التي تم توقيعها في 17 سبتمبر 1978 وتوقع لها الرئيس الراحل السادات أن تكون سببا رئيسا في نقل المنطقة برمتها إلى آفاق أكثر رحابة وإنسانية فإذا بها تدخل "الثلاجة على مستوى السلام الشعبي " بعد ثلاثة أعوام من توقيعها و معها تدخل أيضا معاهدة السلام التي وقعت في 26 مارس 1979 بالعاصمة الأمريكية واشنطن .
"باغتيال الرئيس السادات في 6 أكتوبر 1981 أثناء العرض العسكري حادث المنصة " أصبح السلام بارداً و بدرجة تجميد حاضرة حتى لحظة كتابة المقال ولا يلوح في الأمد القريب أي أمل لفكها.
لم يكن يتوقع أبدًا السادات أن تكون مآلات حلمه الذي آمن به "على مستوى السلام الشعبي" كما هي الآن بين الطرفين المصري والإسرائيلي فيما يخص علاقات الشعبين ، وللتسجيل فأنا لي على الرئيس السابق العديد والعديد من التحفظات ولكنه في قضية السلام أشهد له بأنه كان حقيقياً وصادقاً ودفع الثمن إزاء ذلك حياته وتلك" قصة أخرى وموضوع لمقال آخر"، بعد رحيله تحول مشروع السلام إلى علاقات نظامية وفقط ما بين القاهرة وتل أبيب في ظل تغييب وإبعاد كامل ممنهج ومتعمد للمصريين من قبل النظام الحاكم ولكي يكون كلامي منطقيا سنذهب إلى "نقطة الالتقاء" التي من المفروض أن تكون أكثر دفئا على مستوى العلاقات الشعبية وتحديداً في "جنوب سيناء " الواجهة الأولى في مصر لاستقبال السياح الإسرائيليين ، سنعرض بعض مما جاء في شهادة هامة جدا وفارقة وردت لي ،الشهادة تكشف لنا ما يحدث ويتم على أرض الواقع وقد تحققت ممن جاء فيها تمامآ عبر مصادر عدة ، تقول صاحبتها وهو تعمل منذ فترة طويلة في المجال السياحي بجنوب سيناء ،وأنا أنقل بالنص من كلامها "أريد أن ألفت نظرك لعدة أمور تحدث في جنوب سيناء ومنها ما أصبح عيني عينك بعض الشباب المصريين من ملاك أو مستأجري الكامبات في منطقتي نوبيع أو طابا وبالأخص نوبيع يواجهون صعوبات في العمل لأن الإجراءات الأمنية تتزايد يومآ بعد يوم وهناك تعليمات صارمة وصريحة من قبل الأجهزة الأمنية بضرورة التواصل الفوري وإعلامهم بأي تعارف على المستوى الإنساني يتم بين السياح الإسرائيليين و الشباب المصري المتواجد في الكامبات لابد من الإبلاغ الفوري لضابط الأمن الوطني أو المخابرات الحربية المسئول عن متابعة الكامب ومن لا يلتزم بهذه التعليمات أو يسهو عليه لأي سبب يتم التنكيل به وترحيله على القاهرة ،تضيف صاحبة الشهادة لا يريدون أي تعارف إنساني وتواصل ما بين المجتمعين حتى لو كان في الحد الأدنى ،الأمور أصبحت خانقة وإلى أقصى درجة يضيقون علينا في رزقنا بدرجة غريبة كما لو كانوا يريدون تطفيشنا، إيه المشكلة أن الناس تعرف بعض وتتكلم وتتواصل وتتناقش ما هي المشكلة والجرم في ذلك ؟؟".
أنتهت الفقرات وهي تظهر لنا بقمة الوضوح حال الأوضاع في المنطقة التي من المفروض أن تكون أكثر دفئا كما سبق وأشرت فإذا بها "مجمدة " شأنها شأن الملف برمته، وهنا لابد من حضور كل معاني الاندهاش والاستغراب في القواميس العربية فالقاصي والداني يعلم علم اليقين بأنه لا يوجد شخص يعمل في مجال السياحة بجنوب سيناء الإ بعد مراجعة سجله، مراجعة دقيقة من كل الأجهزة الأمنية لابد أن يكون شخص لا توجد عليه شائبة من أي نوع على المستوى الجنائي أو الفكري فيما يخص تأثره بفكر الجماعات الإسلاموية، كذلك كل مصري يذهب إلى جنوب سيناء يتم توقيفه في عدة كمائن للكشف والتأكد التام من عدم تسببه في إثارة المشاكل وقد سبق لي شخصيا في أحد المرات منذ عدة أعوام عندما كنت في مصر وأردت الذهاب لقضاء إجازة لمدة أسبوع في جنوب سيناء أن رأيت بأم عيني هذا الإجراء" توقيف الحافلة "والكشف على أوراق جميع الركاب من خلال لجان كمائن مشكلة من عدة أجهزة ، فلماذا كل هذا التضييق الذي يتم تحت مسمى التحديات والإجراءات والاحترازات الأمنية ؟
ما يتم انتهاجه له توابع سلبية بدرجة كبيرة على مستقبل السياحة ولنا أن نتخيل واقع ونتائج الضجر والضيق على كل العاملين بالقطاع ملاك أو مستاجري الكامبات كنتيجة للأداء الأمني !

ولكي تزداد الصورة وضوحاً واتساعاً سنطرح عدد من الأسئلة وهي غيض من فيض لأن كل من حاول الخروج عن هذا الإطار المرسوم بدقة وأراد فتح علاقات حرة مع نظرائه من الإسرائيليين أو كان له موقف "حر " إيجابي من قضية السلام تعرض لحملات ضارية للاغتيال المعنوي والتخوين والاتهام بالعمالة تحت مسمى "مطبع " من أبواق تابعة للنظام الحاكم عبر صحفه ونوافذة الإعلامية تلك الحملات كانت دائما محل ترحيب ومشاركة مما يقال عنهم أنهم معارضين من أجل كسب نقاط لدى النظام أو من أجل المزايدة ودغدغة مشاعر الجماهير باثارة خطابات النعرة الوطنية وضخ كميات هائلة من أدرينالين الكراهية الذي يسمم المجال العام لكي يكون كل من يفعل ذلك عبرة لمن يعتبر و رأس ذئب طائر لكل من يفكر في إتخاذ نفس المنحى ،وقائمة الذين تعرضوا للحملات المسعورة والاتهام "بالتطبيع " تطول والكتابة عنها تحتاج الى مقالات ودراسات، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر ، على سالم ،أمين المهدي،وكاتب هذه السطور. وآخرهم الروائي علاء الاسواني والحملة الموتورة الصاخبة التي تعرض لها في مايو الماضي ٢٠٢٢ بعد استضافته "عبر وسيط " في حوار إذاعي مع الكاتب الصحفي المخضرم جاكي خوجي لإذاعة glz بمناسبة ترجمة رواية جمهورية كأن للعبرية، شارك في الحملة القنوات الإعلامية المملوكة للأجهزة الأمنية بالقاهرة واطلقوا قائمة طويلة من الاتهامات على الكاتب. والتحريض على الإسرائيليين بسعار وصخب عالي الصوت تكفلوا بتخوين الأسواني في حين دخلت معهم على الخط الجماعات الإسلاموية عبر إعلامها في عدة عواصم ومعها قنوات عديدة تابعة لهم على اليوتيوب يتابعها الملايين للمشاركة في الاغتيال المعنوي للروائي الشهير المعارض لنظام الحكم في القاهرة وكنت أتمنى من كل قلبي عدم تراجعه أمام المزايدات الصييانية الخائبة التي تنتمي إلى أيديولوجيات الكراهية و حنجوريات الستينات والسبعينيات "الناصرية والبعثية والقومجية و الإسلاموية التي لحقت بهم " إذن مثال حاضر أمامنا لم "يبرد بعد " مثال يؤكد القاعدة تمامآ ويثبت بأنه لا شيء تغير تحول المصطلح الاجوف التطبيع إلى صنم لدى البعض ووصلوا لمرحلة عبادته والصلاة من أجله.

ولكي تكون الأمور محددة شديدة الوضوح والدلالة أطرح عدد من الأسئلة :
السؤال الأول/ بعد ٤٤ عاما من توقيع الاتفاقيات بين الحكومتين المصرية والإسرائلية ما هي النتائج على مستوى "السلام الشعبي " ما بين المجتمعين ؟ وما هي النتائج لو تمت المقارنة? ما بين النموذج المصري ونماذج الدول الموقعة على الاتفاق الإبراهيمي؟
السؤال الثاني/هل يستطيع كاتب أو باحث أو صحفي أو أحد نشطاء المجتمع المصري السفر من مصر إلى إسرائيل دون موافقة مسبقة من السلطات الأمنية؟
السؤال الثالث/ يونيو الماضي وفد من رجال الأعمال المصريين قام بزيارة إسرائيل فهل الخطوات التي اتخذتها مصر مؤخرا جادة وحقيقية؟ أم مجرد "خطوة براجماتية " لتحقيق مصالح اقتصادية وبخاصة في ملف الغاز وللوجود في الصورة بعد التقارب الشعبي بين دول الاتفاق الإبراهيمي وما يلوح في الأفق بخصوص انضمام السعودية التي فتحت "اجوائها للطيران الإسرائيلي " وما كان يتردد في الاروقة منذ فترة عن إعادة العلاقات الكاملة مع تركيا وبالفعل "تم مؤخرا " وهو تطور هام وفارق إلى أقصى مدى.
السؤال الرابع/ إذا كانت الخطوات حقيقية فلماذا التحريض السافر على الإسرائيليين في كل مؤسسات الدولة الرسمية "الأزهر منابر الأوقاف، الصحافة والاعلام ، بالمناهج التعليمية للنشء وما يتم حفره ومأسسته من كراهية للآخر بداخل عقولهم، وصل التحريض لحد إطلاق عشرات القنوات على اليوتيوب بموافقة الأجهزة الأمنية المصرية ورعايتها لهذه القنوات التي تتابع من الملايين والمهمة الوحيدة لها مأسسة الكراهية والعداء ،وكان الأزهر "يطلقون عليه قلعة الوسيطة" قد إطلق وانتج في 5 أبريل 2022 فيديو عبر صفحته الرسمية للتحريض على الإسرائيليين واليهود ظننت للوهلة الأولى أنه من إنتاج داعش مرفق لحضراتكم الرابط.
https://fb.watch/dY8InishIn/ مستوى "أدرنالين الكراهية والتحريض في الفيلم في منتهى الخطورة " و للتنويه من آن إلى آخر يعاد نشر الفيديو على الصفحة والنتيجة بالتأكيد تبعتها كارثية على مجتمع مغلق بالضبة والمفتاح لا توجد فيه ديمقراطية ومؤشر حرية الرأي فكيف من يفعل ذلك مع ما تم الإشارة له يريد السلام ؟ وأي سلام؟ أم يريدون إظهار أنهم وفقط الحمائم في دولة يقطنها الحمقى؟
السؤال الخامس/ تنص معاهدة السلام الموقعة ما بين مصر وإسرائيل على إقامة مراكز لابحاث ودراسات السلام فأين القاهرة منها حتى الآن؟
…………………..

السؤال السادس / لماذا كلما تندلع المواجهات العسكرية ما بين إسرائيل وحركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي، تمارس القاهرة دور مزدوج داخليا هجوم ضاري وتحريض ضد إسرائيل عبر كل النوافذ المقروءة والمسموعة والمرئية وفي نفس ذات الوقت توفد مندوبين للتهدئة طوعاً أو تلبية لرغبة تل أبيب وبعض الدول الغربية؟ على الرغم من نعت الإعلام المصري لحماس بالحركة الإرهابية في بعض الفترات لماذا دائما يتم تسخين وتعبئة الشارع برغم أن الاشتباكات تحدث دائما للرد على إطلاق ميليشيات حماس والجهاد للصواريخ على الداخل الإسرائيلي؟؟
السؤال السابع / منذ شهرين تلقيت دعوة كريمة من أحد الأصدقاء الأعزاء في إسرائيل لحضور ندوة عبر الويب للحديث عن "تغير المناخ من تل أبيب إلى شرم الشيخ، الندوة تقام بمناسبة الاستعداد لانعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ ( COP27) المقرر في شرم الشيخ نوفمبر 2022 وينظمها معهد دراسات الأمن القومي INSS بالتعاون مع وزارة الخارجية الإسرائيلة ومنتدى المناخ الإسرائيلي ومن القائمة الطويلة للمتحدثين السفيرة الإسرائيلية في القاهرة "أميرة أورون " ودكتور طارق أبو حامد المدير التنفيذي لمعهد وادي عربة وآخرين ولا يوجد متحدث واحد من القاهرة على الرغم من أن الندوة ستناقش فاعلية تقام على أرض مصر ؟ وبالطبع بديهياً فلقد تم إرسال دعوات إلى القاهرة وقيل سندرس الأمر وكالعادة لم يحضر أحد أمر في غاية الغرابة بالنسبة للبعض ؟ ولكنه متوقع جدا لدى كل من يعلم حقيقية الأمور .

وهو "غياب" عظيم الدلالة وغني عن الشرح، إلى هنا أنتهى طرح الأسئلة وأترك الإجابة لحضراتكم ! ولكنني من منطلق كوني "رجل سلام " أريد أيضا طرح عدد من الحلول والمقترحات" على الرغم من وضوح الرؤية الضبابية للمشهد ، ولكن يتعين علي ذلك.

أولا / لابد من حذف كل المواد التي تؤسس للعداء وكراهية الآخر من المواد الدراسية في كل المراحل التعليمية المختلفة.

ثانيا / للأديان رسائل سامية تعمل على تهذيب وأنسنة النفس البشرية فكيف تستغل منابر المساجد والاذاعات والمؤسسات الدينية في تبني خطابات الكراهية والعداء التي تشحن الشارع بطاقات عنف وشطط لابد من أن يتوقف ذلك تماما وتعود كل تلك المؤسسات لاداء رسالتها الأصلية وفيها التشجيع على تقبل الآخر والتعايش والتكامل والعمل المشترك.

ثالثا / التحريض ليس من حرية الإعلام لم ولن يكن أبدا ،في أي دولة من دول العالم الحر المواد التي بها تحريض وحض على العنف والكراهية وازدراء الآخر ممنوعة ومجرمة ومن الممكن جدا أن تذهب بصاحبها إلى المحاكمة حال عدم اعتزاره عنها ،فكيف يخرج علينا إعلاميون في ساعات بث من أجل المساهمة في إشعال الحرائق ما بين الشعوب لابد من أن يتوقف هذا العبث فوراً وتفعل وتسن قوانين لتجريمه إن لم تكن موجودة.

رابعاً / في الأصل والاساس وبعد "الفلترة الأمنية " التي تتم فإن كل مصري بجنوب سيناء مواطن لا توجد عليه شائبة من أي نوع لذلك يجب أن تترك الأمور على طببعتها يجب أن يترك المواطنين المصريين مع
نظرائهم الإسرائيليين على حريتهم للتعارف والتواصل والنقاش دون تقييد أمني ودون تدخلات ودون تفتيش هزلي في نوايا البشر.

خامساً / إزالة القيود التي تحول دون سفر أنصار السلام من الكتاب والصحفيين والباحثين والنشطاء المصريين إلى إسرائيل وفتح المجال العام بالكامل لهم لكي يعبروا باريحية عن قناعتهم وأرائهم ولا يتم " مهاجمتهم ووصمهم بالخيانة والعمالة وقائمة التهم المعتادة"

سادسا / فتح النوافذ الإعلامية المصرية أمام الكتاب والصحفيين الإسرائيليين واستضافتهم لعرض وجهة نظرهم في شتى الموضوعات بالمنطقة فلرأي يقابل بالرأي والفكر بالمثل وليس بالمنع والحجب.

سابعا / العمل على تذليل العوائق الحكومية التي تمنع تأسيس مراكز مصرية مجتمعية لدراسات وأبحاث السلام مع الإسرائيليين.

وفي النهاية أتمنى من كل قلبي أن يأتي يومآ عن ما قريب نرى فيه "السلام الشعبي " يتحقق على أرض الواقع نرى فيه نموذج علاقة العظيمين "نجيب محفوظ وساسون سوميخ " لارواحهما السلام قدوة محببة دائمة التكرار ومثال للأجيال القادمة.

فكفى 44 عاماً من السلام المجمد والمستفيد الأوحد منه الأنظمة والحكومات وليس الشعوب.

ستوكهلوم

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع