إلى سيف تمثال سلطان باشا الأطرش، بطل تمرد الدروز زمن الاحتلال الفرنسي، تمت إضافة علم أسود في الأيام الأخيرة. إلى جانب شخصية القائد، صبّ الفنان، حسن خاطر، ابن مجدل شمس، شخصية معلم الذي يمسك كتبًا، وتحت قدميه أمّ درزية التي تمسك بابنها الذي سقط في الحرب، وإلى جانبهما مقاتل الذي يحمل سلاحًا. في ظهر الكبار يقف ثلاثة أطفال – ابنان وابنة – الذين يمسكون باقة من الشوفان وحقيبة مدرسة. في الساعات الحارة من يوم العزاء الأول للعائلات الـ 12 الثاكلة، كان الظل الذي فرضه الأطرش والأطفال ضروريًا.
أمام الدوار المنصوب فيه تمثال الأطرش، الجماهير ملأت بيت الشعب، الذي تجمّع فيه أبناء العائلات الثاكلة. رجال دين مسلمون، يرتدون القبعات وكهنة مسيحيين، إلى جانب أبناء الطائفة الدرزية، صعدوا إلى الطابق الثاني الذي وقف فيه الرجال واستقبلوا آلاف المعزين.
الشباب، الذين ارتدوا جميعهم بناطيل وقمصان سوداء، وزعوا زجاجات مياه صغيرة بنظرة ثقيلة. مكبرات الصوت قرأت أسماء أعضاء الكنيست من القائمة المشتركة ومن القائمة العربية الموحدة الذين حضروا، وترجمت للغة العربية اقوال سفير روسيا، الذي إلى جانب المشاركة في الحزن، قال ان روسيا هي عنصر توازن في الشرق الأوسط. سلطان باشا الأطرش سمع أقواله وصمت، وهو يرفع السيف والعلم الأسود.
في الطابق الأسفل تواجدت النساء ، وتم حظر دخول الرجال. الحزن على وجوه الفتيات، صديقات وقريبات عائلات الذين لاقوا مصرعهم، ملحوظ بشكل جيد. تمسك احداها بالأخرى، شابات وكبيرات في السن، مع غطاء على الرأس وعلى وجه الخصوص من دونه، ولا يعرفن كيف يستفقن من الأزمة بفقدان 12 طفلًا وطفلة في الحرب التي لا يعرف أي شخص نهايتها.
على عكس الزيارة إلى واشنطن، فإنه إلى بيت العزاء في مجدل شمس، لم تنضم حرم رئيس الحكومة. بالذات زوجة رئيس الحكومة السابق ، ليهيا لبيد، حضرت، ومن دون زوجها رئيس المعارضة، الذي زار البلدة قبل ذلك بيوم. وقالت لبيد لـ ‘دفار‘: "حضرت كأم إسرائيلية التي حضرت لزيارة أمهات إسرائيليات"، وأضافت: " لنحتضن، لنكون جزءًا، ولنُظهر أن قلبنا مكسور".
"الطفل هو طفل، كيف يمكن ذلك؟"
منيرة ومجيد فلاح حضرا من كسرى في الجليل الغربي من أجل تقديم العزاء، وفي ملعب كرة القدم المصغرة، الذي تحوّل إلى ميدان للقتل، لم تتوقف منيرة عن البكاء . يوجد لديهما 6 أولاد و – 11 حفيدًا، الكثير منهم خدموا ولا يزالون يخدمون في جيش الدفاع الإسرائيلي. أحد الأحفاد، في الصف الثامن الابتدائي، يسكن في المجدل، وكان في الطرف الثاني من الملعب عندما سقط الصاروخ وقتل الأطفال. هو نفسه خرج من دون خدش، إلا أنه منذ ذلك الحين فإنه لا يرد على جده على الهاتف. يقول مجيد: "بعد 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر الدروز زعلوا من قلوبهم، ركضوا إلى الجنوب، تجندوا للطهو وليقدموا المساعدة، لذلك فإن هذا أمر جيد أنه يوجد هنا يهود".
وقال مجيد الذي حارب في حرب الأيام الستة، وإلى جانب الخبرة العسكرية – السياسية : " من أجل تحقيق النظام في الشمال يجب العمل. اللبنانيون لا يحبون نصر الله. يوجد هناك فقر وهم لا يريدونه ولا يريدون طريقه، إلا أنه يتلقى التعليمات من إيران". مجيد هو من الجيل الذي آمن بأن للحروب أيضًا توجد حدود. وأضاف مجيد فلاح بدهشة: "الويل الويل لجندينا الذي كان يمس بطفل بريء. الطفل هو طفل، كيف يمكن ذلك؟". على مدار ساعات كانوا متأكدين أن حفيدهما قد لقي مصرعه، حتى نجحا في الوصول إلى العائلة وعادوا لتنفس الصعداء.
عندما التقت منيرة مع اسي خلف، بدأت بالبكاء وحدثته عن الذي حدث في الملعب الذي تحوّل إلى مكان للحج. يقول خلف، الذي حضر مع أولاده نوعا – حيمو أورئيل، يوسف حاييم ويسرائيل مئير: "حضرنا من عمانويل لتقديم العزاء بشكل خاص". وأضاف اسي خلف: "جئنا لنقدم لهم التعازي، أولًا وقبل كل شيء من أجل أن نقول لهم أنهم جزء من الجمهور في أرض إسرائيل، يوجد لدينا حزن. في كل مكان الدروز موجودون، نعمل سوية، حتى في الخدمة النظامية، الجميع سوية. نحن نشعر بحزنهم، وجئنا لنقدم لهم الاحترام. هذا مثل أي واحد منا. كان أحد الأهداف هو أن نصغي إليهم وأن نحترمهم، هذا هو الوقت من أجل أن يصغي الواحد للآخر".
تغيب الشمس على مجدل شمس، وتدفق المعزين لا يتوقف. من يحضر – يحضر بنيّة حقيقية. الوضع متوتر جدًا. لا يوجد حتى مطعم واحد أو مكان ترفيهي جاذب واحد آخر في محيط عشرات الكيلو مترات، لا يوجد ما يسهّل على الاستثمار في الوصول إلى البلدة التي تقع أقصى الشمال في إسرائيل تقريبًا.
بعد أسبوع من نصب تمثال سلطان باشا الأطرش في الدوار في عام 1987، حاول عدد من السكان المتدينين الذين يعارضون استخدام التماثيل، أن يفجروه باستخدام عبوة ناسفة. تم وضع العبوة الناسفة على بطن الشخصية التي ترمز إلى الدروز الذين لاقوا مصرعهم في الثورة الكبرى، وبالشكل الذي يبدو كجزء تكاملي من تخطيط الفنان، خلق ما يبدو وكأنه جرح في بطن سلطان باشا الأطرش. وبقي الأطفال الثلاثة من دون إصابة، يمسكون بحقيبة مدرسة وباقة من الشوفان.