
عُقد يوم الأربعاء (24/07) مؤتمر في سخنين حول الاعتداء الجنسي في المجتمع العربي عنوانه باللغة العربية "جئنا لنتحدث بصراحة". حضر المؤتمر مربيات وأخصائيون اجتماعيون ممن يهتمون ويعتنون بنحو 430 طفلاً من 83 بلدة في منطقة الشمال، وناقشوا موضوعات لا يعرفها إلا قلة قليلة من الناس في المجتمع العربي.
وقال صالح بكري، مدير مركز لين في الناصرة، "بشكل عام، لا يتم الحديث عن هذه القضية في المجتمع العربي، ومع الوضع الحالي، أصبح الحديث عنها أقل. عندما آتي للحديث عن ذلك في المدارس فأنهم يقولون لي: ليس لدينا شيء من هذا القبيل. نحن لا نتحدث عنه. من المهم أن نتحدث عن الاعتداء الجنسي وأن نتحدث عنه باللغة العربية".
ونُظمت الندوة بالشراكة بين كلاً من جمعية "أهداف للشمال" (مركز كرم) وبيت لين في الناصرة ومجلس سلامة الطفل وبلدية سخنين. تدير جمعية "أهداف للشمال" 3 مراكز خدمة علاجية للأطفال والشباب الذين تعرضوا للاعتداء الجنسي في الجليل – الجولان والجليل الغربي والناصرة. ويتم علاج حوالي 430 طفلًا من 83 بلدة في جميع أنحاء منطقة الشمال سنويًا في مراكز الخدمة العلاجية.
مؤامرة سر وسكوت
أمير سلامة، أخصائي نفسي علاجي وتربوي ومدير مركز "كرم" التابع لجمعية "أهداف للشمال" لعلاج ضحايا الاعتداء الجنسي، ومن أحد المبادرين للندوة. وأشار إلى أنه في العام الماضي تم علاج نحو 106 ضحايا اعتداء جنسي ومنهم 135 ضحية في مركز "كرم". 46.5% من المتعالجين في المركز هم من العرب، و53.5% من اليهود.
وناقش سلامة عملية الانكشاف وبناء الثقة مع المتعالجين. ووفقا لحديثه، هناك مؤامرة سر وسكوت حول هذا الموضوع، حيثُ تجد الأسرة والمجتمع صعوبة في استيعاب حادثة الاعتداء الجنسي. وشدد على أهمية الرد الأولي على الكشف، وأوضح أن الرد غير المناسب قد يسكت الضحية التي كانت لديها الشجاعة لكشف سر الإصابة.
تم تضمين ودمج أدلة الاعتداء الجنسي في محادثته. وفي إحدى الأدلة، لوحظ صمت الأم وعدم فهم الأب فيما يتعلق بالاعتداء الجنسي الذي كان من قِبل العم. شهد الصمت المسموع في الجمهور أن الكثير منهم يعرفون قصصًا مماثلة.
وقال صالح بكري: "هناك فرق بين الصدمة العامة والصدمة السريّة. ووفقا لحديثه، فإن الصدمة العامة هي تمامًا مثل حادث الطرق، تأتي الأسرة بأكملها لدعم الضحية، ولكن في صدمة الاعتداء الجنسي، يتم ترك الضحية بمفردها وتبقي الصدمة سرًا بسبب الشعور بالخوف والارتباك. يتعرض واحد من كل خمسة قاصرين لاعتداء جنسي في إسرائيل، ويتم الإبلاغ عن 50 ألف حالة اعتداء جنسي كل عام.

وقدم بكري النموذج العلاجي لمراكز لين، والذي يجمع تحت سقف واحد كل العوامل التي تتعلق بالقضيّة، من طبيب وأخصائي اجتماعي إلى باحث في مجال الأطفال ورجل شرطة. يُعالج المركز ضحايا الاعتداء الجنسي والجسدي من سن 3 إلى 18 عامًا بالإضافة إلى الأطفال المعتدين جنسيًا حتى سن 12 عامًا والذين هم تحت سن المسؤولية الجنائية. يقوم المركز أيضًا بالتحقيق ومعالجة الأطفال والمراهقين (أبناء الشبيبة) الذين تعرضوا للأذى عبر وسائل الإنترنت.
القاضي صائب دبور: "لدينا هدف مشترك"
منى محاجنة وليئا كوك من مركز مرافقة الأطفال ضحايا الجرائم في مجلس سلامة الطفل تحدثتا عن العملية بدءً من تقديم الشكوى بشأن الاعتداء الجنسي وحتى إصدار الحكم. ووفقًا لحديثهن، تم تقديم حوالي 60 ألف بلاغ اعتداء في عام 2021، لكن تم فتح حوالي 13 ألف قضية فقط. وبحسب كوك فإن الفجوة تكمن في عدم توافق الإجراء الجنائي مع قدرات القاصر مقدم الشكوى وفهمه. وأوضحت كوك أن هناك فجوة بين الحديث العلاجي الملتزم بقصة الضحية والحديث القانوني الملتزم بالدليل، وأن هذه الفجوة تجعل من الصعب على الطفل إثبات قصة الاعتداء.
وشدد القاضي صائب دبور، نائب رئيس المحكمة المركزية في الناصرة، على أهمية المحكمة باعتبارها مكانًا آمنًا يستطيع المشتكي فيه التحدث بحُريّة ودون خوف. "أتذكر قضية جاءت فيها فتاة لتشهد ضد والديّها أثناء تواجدهما في قاعة المحكمة. التزمت الصمت. صمتها كان شهادتها. لن أنسى وجهها أبدًا".

وأكد القاضي دبور أنه على الرغم من الألم والتضامن، عليه أن يستمع للطرفين ويحكم بينهما. "لدينا هدف مشترك: إعادة تأهيل الضحية وإعادة تأهيل الجاني". وأشار إلى أن التصرفات الصغيرة مثل تقديم كوب من الماء للضحية أو وجود شخص داعم قد تخفف من حدة الموقف.
في حالات الاعتداء الجنسي في منطقة شمال البلاد، يمكن التوجه إلى مركز "كرم" عبر الموقع الإلكتروني أو عبر الهاتف على الرقم 9027701-04، أو إلى مركز لين على الرقم 9519*.