48% من الطلاب المترفعين إلى الصف الثاني عشر أفادوا عن تدهور في حالتهم النفسية في العام الماضي، وهذا ما تبين من استطلاع نشره اليوم باحثون من كلية بيت بيرل، حيث تبيّن أن 40% من أولياء أمور الطلاب من الصفوف الأولى حتى الصف الثاني عشر أبلغوا عن تدهور في حالة أطفالهم النفسية خلال العام الماضي.
كما وجد الباحثون أن ربع الأهالي يخشون إرسال أطفالهم إلى المدرسة عند افتتاح السنة الدراسية. وترتفع هذه النسبة بين سكان الشمال، حيث يخشى 35% من أولياء الأمور إرسال أبنائهم إلى المدرسة، وفي أوساط الجمهور العربي تبين أن 46% من أولياء الأمور يخشون من افتتاح السنة الدراسية.
على حد قول الدكتورة حايا ريبيتسكي، وهي الطبيبة النفسية التي تعالج الأطفال والشبيبة في صندوق المرضى "كلاليت" في بئر السبع، والتي لم تشارك في الدراسة، فإن فترة العودة إلى المدرسة وسط واقع الحرب يمكن أن تشير لتحديات نفسية للأطفال والشبيبة.
"الفترة الحالية مربكة للغاية، خاصة بالنسبة للأطفال والشبيبة الذين لا يعرفون دائما كيف يعيشون الواقع. فمن ناحية، هناك محاولة لتعميم الانطباع بأن كل شيء كالمعتاد، كانت عطلة طويلة والآن عائدون إلى المدرسة كما في كل عام، لكن من الصعب فصل أنفسنا عن الواقع القاسي الذي نتعرض فيه للمآسي، سواء بشكل مباشر، أو من خلال الرسائل التي نتلقاها من الكبار من حولهم، أو من خلال وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
"هذه التجربة المربكة تخلق مشاعر عدم اليقين وانعدام السيطرة وانعدام الأمن التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم نفسي من الكآبة والقلق واليأس وغيرها من الحالات، حتى في وسط الأطفال والشبيبة الذين لم يتأثروا بشكل مباشر بالحرب".
وتشير الدكتورة ريبيتسكي إلى زيادة في إحالات الأطفال والشبيبة إلى عيادات الصحة النفسية، ووفقًا لأقوالها فإن معظم الأطفال والشبيبة غير قادرين على التعبير عن التجارب العاطفية التي يمرون بها، كما ذكرت عدداً من الأعراض التي يجب على الوالدين الانتباه إليها، والتي يمكن أن تشير إلى صعوبات نفسية:
الشكاوى الجسدية: "الجسد يتحدث عن العقل – تظهر فجأة آلام في المعدة، وصداع، وحتى أعراض حقيقية مثل الإسهال أو القيء." ووفقًا لحديثها، من المهم مراجعة الجهات الطبيّة لاستبعاد الأسباب الطبية للأعراض الجسدية.
تغير في السلوك: "الطفل الذي كان اجتماعيًا وينسحب فجأة ولا يبادر إلى اللقاءات الاجتماعية، أو العكس، طفل كان أكثر انطواءً على نفسه ويثور بغضب".
تراجع القدرة على معرفة الواقع: "خاصة الأطفال الصغار أحيانًا الذين يصفون حالات من الهلوسة، سيقولون إنهم رأوا شيئًا غير موجود، وحوشًا أو شياطين، كجزء من الحالات النفسية المصاحبة للاكتئاب والقلق".
اضطرابات الشهية: عندما لا يرغب الطفل أو المراهق في تناول الطعام ويفقد وزنه، أو العكس – يبدأ في تناول الطعام أكثر من المعتاد بكثير، فقد يكون السبب نفسيًا.
اضطرابات النوم: تشير د. ريبيتسكي إلى مشاكل النوم باعتبارها "واحدة من أكثر العلامات حساسية لدى الأطفال والشبيبة الذين ليسوا على ما يرام"، والتي يمكن أن تظهر على شكل صعوبة في النوم، والنوم الضحل، وكثرة الاستيقاظ، والشكوى من كوابيس الليل.
ما الذي يمكننا فعله؟
"بدايةً علينا أن نكون يقظين، لأن الطفل الذي يحتاج إلى المساعدة لن يعي ويعرف لذلك بمفرده. ومن المهم إجراء حديث مباشر وصريح مع الطفل حول الموقف، بطريقة مناسبة لعمره، حول ما يمر به وما يمر عليه – يمكن استخدام القصص لتطبيع الوضع غير الطبيعي الذي نتواجد فيه جميعًا؛ الحد قدر الإمكان من التعرض لوسائل الإعلام؛ ومحاولة استعادة بعض الشعور بالأمان؛ وعدم تعريضهم بشكل مباشر لمخاوفنا نحن الكبار؛ لنقول لهم أننا هنا من أجلهم؛ لا أن نقول أشياء لا يمكن القيام بها، مثل "كل شيء سيكون على ما يرام"، بل خلق شعور بالأمان على المدى القصير، وهذا الذي يمكننا السيطرة عليه؛ محاولة إنشاء جدول للروتين العادي – إلى جانب العودة إلى المدرسة والدورات والأنشطة البدنية ومرافقة ولي الأمر في المهمات.
"إذا شعرتم بالقلق من حدوث تغيير دائم في المزاج أو السلوك، فتوجهوا لأخصائي – يُعتبر طبيب الأطفال أو طبيب الأسرة عنوان لبداية العناية ، فيمكنهم إحالة الطفل إلى طبيب نفسي أو أخصائي نفسي أو أخصائي اجتماعي. لا ينبغي الخوف من التوجه والتواصل مع الأخصائي، فالغالبية العظمى من الأطفال والشبيبة الذين يلجؤون للعلاج يتحسنون ويعودون إلى طبيعتهم وحياتيهم الروتينية.