افتتاح السنة الدراسية في مجدل شمس مصحوب بتأثر، تخوفات من الحرب ومحاولة المضي قدمًا رغم الكارثة القاسية التي ألمّت بالمدينة قبل شهر، التي تمثلت بمقتل 12 طفلًا من أطفال البلدة نتيجة سقوط قذيفة صاروخية أطلقها حزب الله على ملعب كرة القدم.
خارج المدرسة الابتدائية التابعة للمجمع التربوي في البلدة، الفايز القلعاني يمنح قبلة أخيرة لابنه قيصر، الذي سوف يترفع إلى الصف الأول. "هذا افتتاح سنة دراسية صعب جدًا. من الصعب العودة إلى المدرسة التي لقي فيها الأطفال مصرعهم"، يقول القلعاني.
كولي أمر طالب، لا يخفي القلعاني تخوفه، إلا أنه يرى الحماس على وجه الطفل، الذي يبتسم عندما يدخل أصدقاؤه إلى الغرفة الدراسية. هو يؤمن بحديث مفتوح عن الوضع، ويتحدث كثيرًا مع أطفاله حول الحادث. يقول القلعاني: "من المهم بالنسبة لي أن أوضح أننا في فترة حرب. أنا متطوع في نجمة داود الحمراء في القرية وهذا يساعدنا في العائلة، لأن الابن يعرف أنه حتى عندما يكون الوضع صعبًا، يوجد لديه أب يفتخر به".
"العودة إلى المدرسة هي مثل البدء من جديد"
فايا، التي سوف تترفع إلى الصف الأول، تودع أختها الكبيرة كندة، وتركض إلى صديقتها. يظهر على وجوه الكثير من كبار السن بأن التخوفات ثقيلة. معظمهم تركوا أولادهم بالقرب من البيت منذ الكارثة. إلا أن الأطفال فقط متحمسون إلى الخروج من سيارات أولياء الأمور والركض إلى داخل المدرسة. قسم منهم حتى يتنازلون عن القبلة. تقول صفدي، أم لطلاب في المدرسة: "تخوفات الأطفال هي الدراسة الجديدة. الأصدقاء الجدد. أما بالنسبة لنا نحن الكبار، فهي الوضع الأمني". وأضافت: "للأسف فإن الحرب لا تنتهي".
تقول عبير أبو صالح، والدة جان، الذي سوف يترفع إلى الصف الثاني: "منذ الكارثة وأنا أخاف طوال على الوقت على الأطفال. فقد أريد أن أكون إلى جانبهم. الآن هذا سهل قليلًا أنهم في مكان آمن مع كبار السن الذين يحافظون عليهم". المدرسة موجودة في مبنى جديد الذي يوجد فيه ما يكفي من الغرف المحمية لجميع طلاب وطواقم التدريس. خلال الصيف ركّب المجلس المحلي في مدخل المدرسة غرفتي حماية كبيرتين، اللتين سوف تكونان هناك من أجل الطلاب في الوقت الذي سوف ينتظرون فيها للسفر إلى بيوتهم. وأضافت عبير أبو صالح قائلة: "العودة إلى المدرسة هي مثل البدء من جديد"، وخلصت أبو صالح إلى القول: "انتظرناها بحماس لأننا نعتقد أنها سوف تساعدنا في المضي قدمًا إلى الأمام".
في داخل المدرسة، أمام طاولة العمل، تستعد نتالي بشارة معلمة موضوع الحاسوب قبل الدرس الأول. تقول بشارة: "بالفعل نحن نشعر كيف أن الأطفال اشتاقوا الواحد للآخر، وكذلك نحن اشتقنا إليهم". وتضيف بشارة: "الأمر الأكثر تأثرًا هو أن ترى كيف أنهم جميعًا بروح طيبة، على الرغم من كل شيء".
"توجد لدينا مسؤولية في أن نبث للطلاب بأن يستمروا قدمًا إلى الأمام"
تشهد بشارة على نفسها وعلى الطاقم أنهم مستعدون للسنة غير البسيطة هذه، إلا أنه في موازاة ذلك هم أيضًا يحافظون على التأهب. في الشهر الأخير كانت المدرسة مفتوحة على أساس يومي تقريبًا، وأجرى الطاقم تنظيمًا عميقًا قبل استقبال الأطفال. وخلصت بشارة إلى القول: "لنصف الطلاب هنا يوجد ابن عائلة أو صديق مقرب الذي أُصيب بجروح خطيرة أو لقي مصرعه . هذا وضع صعب جدًا لكن نحن يجب علينا أن نستمر. توجد لدينا مسؤولية في أن نبث للطلاب بأن يستمروا قدمًا إلى الأمام".
يوجد في المدرسة 270 طفلًا، تعرفهم مديرة المدرسة بلقيس أبو صالح جميعهم كل واحد باسمه، وكلهم يحصلون منها على تحية ‘صباح الخير‘ وقبلة على الوجنة. طالبات الصف الثاني يشخصنها من بعيد، يركضن للحصول على حضن وهي في موازاة ذلك تنجح في حضن ثلاثة منهن. تقول أبو صالح: "نحن بحاجة إلى نظام وإطار من أجل أن ننجح في تصميم حياتنا من جديد، والمدرسة هي أفضل مكان من أجل ذلك". أبو صالح كانت الأولى التي تصل صباح اليوم إلى المدرسة، بعد أن مكثت فيها تقريبًا كل يوم منذ الكارثة. وأضافت بلقيس أبو صالح تقول: "هنا في المدرسة نفذنا دوائر تمكين. للأطفال وللطاقم. ورشات عمل حميمة لـ 3 – 5 طلاب، العلاج بالفنون والحلقات الدراسية غير الرسمية من أجل تعزيز واحتواء العاطفة".
المدرسة العصرية سوف تضع تركيزًا خاصًا هذا العام على التربية غير الرسمية، من أجل إعطاء مكان أوسع للأطفال للتعامل مع الكارثة. حلقات دراسية في داخل إطار المدرسة، البستنة، الرياضة، الحاسوب وحتى العلاج مع الكلاب. وتابعت أبو صالح تقول: "حصلت على الكثير جدًا من الموارد للتعامل مع ما يحدث لكن ممنوع علي أن أكون طائشة مع ذلك – يجب أن نكون دقيقين في أين نستثمر، كم وكيف".
الهدف: "أن نبدأ السنة الدراسية بأمل"
الأطفال يدخلون إلى المدرسة مبتسمون، وكذلك أولياء أمور الطلاب الذين يرافقونهم. هذا يمكن أن يبدو وكأن الحرب والكارثة تثقلان أكثر على كبار السن. لكن من معرفتها القريبة مع أولاد كثيرين، تقول أبو صالح أن الواقع بالفعل أكثر تعقيدًا. وتضيف أبو صالح قائلة: "هذا حادث الذي وقع في داخل بيوتهم. لدى الكثيرين توجد الآن صور الأطفال وهذا عميق في داخل حياتهم".
تقول بلقيس أبو صالح: "ملعب كرة القدم وحديقة الأطفال الموجودان في مركز القرية، هو المكان الرئيسي الذي لعب فيه الأطفال والذي كلهم يعرفون بعضهم البعض فيه، كان مغلقًا لفترة من الوقت، وقسم منه لا يزال مغلقًا. تم تغطية الحفرة التي نجمت عن سقوط الصاروخ، إلا أن الملعب محاط بزوايا لتخليد الذكرى وبقايا الدراجات الهوائية المتفحمة. سوف يستغرق وقت أن يتحول الملعب إلى المكان الرئيسي للأطفال ليلتقوا فيه". وتضيف أبو صالح قائلة: "جيد أنه توجد المدرسة هناك من أجلهم حتى ذلك الوقت".
وتابعت أبو صالح تقول: "أنا سعيدة أنني أقف هنا في هذا الصباح، وعلى الرغم من كل المخاوف – تم فتح المدرسة بسلام". وخلصت بلقيس أبو صالح إلى القول: "خفت أن أنهار إلا أنني قلت لنفسي أنه يجب أن يكون هدفنا أن نبدأ السنة الدراسية بأمل. نبدأ بأمل ونستمر بأمل".