السؤال أين في الحياة ضبطك 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر؟ يسبّب لريما خوري قشعريرة. تقول ريما خوري: "كم لا أعرف ماذا سوف يحدث وأي فترة سوف تأتي"، وأضافت خوري: "من ناحيتي هذا تاريخ جزين لا يطاق". ترعرعت خوري التي تبلغ من العمر (55 عامًا) في حيفا وتسكن في الواقع منذ 30 عامًا في قرية فسوطة في الجليل، بالقرب من الحدود مع لبنان. هي معلمة مربية ومالكة "بيت ريما" – بيت للإبداع، معرض للفنون ومركز زوّار في القرية. متزوجة، أم لابنتين وأين بالغين. وتابعت ريما خوري قائلة: "أنا أنظر في هذه الأيام إلى الأمهات وأقول: ‘كيف ينجحن في التركيز؟‘ أن تكوني أمًّا فهذا ليس سهلًا في الحياة العادية الروتينية، إذن في مثل هذا الوضع…".
يوم الذي لم ينتهي حتى الآن
في صباح 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر 2023 كانت خوري في بيتها، خططت لزيارة مجموعتين في "بيت ريما". كان ذلك آخر يوم في فترة الأعياد اليهودية، وتوقعت يومًا سياحيًا ذا أهمية. إلا أنه حينئذ وصلت رسالة بأنه سوف يتم على ما يبدو إلغاء الزيارة على ضوء الوضع. تقول ريا خوري: "بالفعل ليس على ضوء..، وتضيف قائلة: "الأصح ظلام. على الفور توجهنا إلى التلفاز مع تفكير أنه بالتأكيد حدث شيء صغير، وعلى أمل أن تعود الحياة في القريب، ونحن منذ ذلك الوقت على في القريب هذا. تستمر الحياة. تستمر العاصفة وتهزنا في كل ثانية حتى. من ناحيتي فإن السابع من شهر تشرين الأول / أكتوبر هو يوم الذي بدأ ولم ينتهي".
قلق
تقول ريما خوري: "معنى اسم ريما هو الغزالة، وأنا حقيقة إنسانة التي تقفز وتراقب من عمل إلى عمل آخر. حتى أنني أمشي مشية سريعة من اجل أن يتسنى لي فعل كل شيء". إلا أنها في الأسبوع الأول من الحرب كانت من دون قوى، تتحرك من السرير إلى الكنبة وقالت: " كان يجب أن يكون هناك الكثير من القوة فقط من أجل أن أستمر لساعة أخرى وساعة أخرى. نحن، سكان الشمال، قلقنا من الأسوأ من كل شيء وقلقنا من أن غزة سوف تكون هنا".
الجميلة النائمة
توقف النشاط السياحي في "بيت ريما" التابع لها ولم يتجدد حتى اليوم. تقول ريما خوري: "هذا مؤلم. أنا على الرغم من أنني إحدى النساء اللواتي لديهن عمل آخر، إلا أنني اعتمدت ايضًا على السياحة. اعتقدت أنني أستطيع أن أقدم كل ما لديّ في السياحة. اعتقدت أنني أستطيع أن أحقق حلمًا شخصيًا وكذلك نسويًا واجتماعيًا أوسع".
خلال هذا العام رسمت ريما خوري عدة لوحات في أعقاب 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر، وأنشأت في بيت ريما نصبًا تذكاريًا، على الرغم من أنها عرفت أنه لن يأتي أي شخص. تقول ريما: "قلت أن كل زاوية يجب أن تتحدث. البيت يرمز إلى الحياة. سوف أفكك النصب التذكاري عندما يعود جميع المخطوفين إلى بيوتهم. هذا جزء من أن تكون فعالًا وليس سلبيًا. إذا ما قام كل شخص بخطوة صغيرة، طوبى لنا".
وأضافت ريما خوري قائلة: "بيت ريما هو مثل الجميلة النائمة. هو يستريح وأنا رويدًا رويدًا أنسج أحلامًا. يوجد لديّ مليون حلم آخر. سوف يأتي اليوم، في الوقت الصحيح، وسوف تستيقظ الجميلة النائمة وسوف تعود إلى الحياة، وهي لن تحتاج إلى أمير بل إلى قوتها الداخلية".
مصدر رزق وروح
عندما انقطع بيت ريما عن العمل، فإن عملها الثاني كمعلمة مربية استحوذ على مكان رئيسي. بالنسبة لها فإن التربية والتعليم هي أيضًا مصدر رزق، إلا أن قيمة مصدر الرزق هامشي مقارنة مع القيمة الموجودة في اللقاء البشري. وتتابع ريما خوري حديثها بالقول: "اليوم أنا افهم أن العمل في التدريس منحني الامتياز والإمكانية لأن أمنح القوة للأطفال. ربما من يجلب الأمل هي أسوار الطفولة التي تتيح للأطفال أن ينظروا إلى اللحظة ويستمتعوا بها، أن يكونوا من دون قلق".
"الناس يقولون لي تعوّدنا على صفارات الإنذار. أنا أرفض قبول ذلك. أن تتعوّد معناه أن تقبل. ولسنا معتادين. زوجي يعمل من البيت في فسوطة. هو فزع أقل مني. إلا أنه لا يوجد تنافس في هذا الشأن"
هي في الواقع معلمة ومربية منذ 22 عامًا. علّمت بالقرب من البيت، في المدرسة الابتدائية في فسوطة. تقول ريما خوري: "قبل السابع من شهر تشرين الأول / أكتوبر كنا في بداية السنة الدراسية مع توقعات كبيرة. كنت مربية للصف الثالث. غرفة الصف كانت مزينة، الأطفال تأثروا وتحمسوا، بيئة جديدة، وحينها كل شيء تغيّر. توقف". قررت الدولة أن لا تقوم بإخلاء البلدة التي تقع في الشمال. تم وقف التعليم وبعد ما يقارب أسبوعين تم تجديد التعلم عن بُعد. بعد ذلك انتقلت المدرسة إلى التعلّم في الملاجئ. وأضافت ريما خوري تقول: "استمر الصباح والليل لأن الشمس نعم تشرق ونعم تغيب، إلا أن الأيام والعمل كله كان في اهتزاز كبير. حاول من هم مسؤولون عن المنظومات أن يحافظوا على حياة عادية وروتينية للحرب، إلا أنه من غير الممكن أن تكون حرب في الأوقات العادية الروتينية ولا حياة عادية روتينية في فترة الحرب. هذه السريالية في تجسّدها".
إجازة مرضية
ومضت ريما خوري تقول: "عندما بدأنا نعلّم في الملاجئ نشأت لديّ عدة أمور. تطورت لديّ مشكلة في التنفس التي اضطرتني أن لا أكون في المدرسة. على ما يبدو من دمج الملجأ والضغط وجميع شتى الأمور التي لا نراها بالعين، إلا أننا نراها بالجسم. هذا مسّني بشكل قوي. بعد شهرين ونصف، عندما عدت من الإجازة المرضية، كان استقبال الأطفال لي مؤثرًا. حينها فهمت كم كان هذا محزنًا أنني لم أستطع أن أكون معهم، وكم هو من المهم أنني عدت".
زهرة من دون ماء
في القرية يتعاملون مع حياة عادية وروتينية من صفارات الإنذار وأصوات الانفجار، وتمضي ريما خوري قائلة: "إلا أن الناس في إنكار، ينجحون بشكل أو بآخر في أن يعيشوا بشكل إيجابي. فقط في اللحظة التي توجد فيها صفارة إنذار فإن الواقع يتغير. هذا مثل أن تأخذ أجمل زهرة ولا تقدم لها الماء. هذه زهرة، إلا أنها ليست مع ذات الحيوية".
وتابعت خوري تقول: "كان لديّ أمل كبير أن هذا الأمر سوف ينتهي في القريب، وأن يوم غد هذا سوف لن يكون وسوف يبدأ يوم جديد. إلا أنه في الأيام الأخيرة أنا أشعر أنه يكفي. هل هذا العام حدث أم أنني حلمت حلمًا؟ وهذا في الواقع ليس حلمًا، هذا حلم مفزع".
يوم ميلاد
تقول ريما خوري: "نحن في الواقع لسنا أطفالًا ونحن نعرف بالضبط متى يكون هناك انقباض حاد في الصدر. وعندما يكون هناك انقباض في الصدر توجد هناك إمكانيتان: إما أن تنعزل في قوقعتك، أو أن تنهض وتعمل. أن تتغلب وأن تتواصل. وهذا ما رغبت به. هذا العام أنا أبلغ من العمر 55 عامًا ومن ناحيتي أيام الميلاد هي محطة لفحص ماذا فعلت وما الذي أرغب في أن أفعله أيضًا".
وكان لديها حلم ترغب في تحقيقه. السنة الدراسية الحالية قررت أن تُفتتح بشكل مختلف عن سابقتها. وتابعت خوري قائلة: "قلت، الحرب لم تنتهي، لكن على الأقل ننهي فصلًا في الحياة ونبدأ فصلًا جديدًا عن طريق العمل المهني".
الوقت للتغيير
بعد سنوات علّمت فيها في مدرسة مسيحية في القرية قررت أن تنتقل إلى مدرسة إعدادية يهودية، وهذا العام بدأت تعلّم وتربي في الصف الثامن في مدرسة "اوفيك" في القرية التعاونية كيبوتس عفرون. وأردفت ريما خوري قائلة: ""صممت أن أصل إلى مدرسة في المجتمع اليهودي، لأعلّم ولألتقي مجتمعًا آخر. قلت أنه بالذات في هذه الفترة يجب علينا أن نجد ما يجمعنا، الأماكن الجيدة والناس الذين لا يزالون يرغبون في اللقاءات. كان هذا هامًا بالنسبة لي إلى درجة أنني قلت إذا لم أكن في الوسط اليهودي إذن أنا لن أعلّم. أردت أن أعيش تجربة جديدة، أن أجلب من كياني ايضًا إلى ألوية جديدة. من غير الممكن أن تنتعش ليس عن طريق التغيير. شعرت أن هذا هو الوقت للتغيير".
أن تكون اللاصق
في الاجتماع الأول لأولياء أمور الطلاب الذي تم تنظيمه في الأسبوع الثاني من التعليم، قال الطلاب لها أنهم استمتعوا معها، وهي قالت أنها استمتعت ليس أقل منهم. وأضافت خوري قائلة: "شعرت أنه يوجد لديّ الكثير من ما اقدمه. الأيام سوف تثبت ذلك. أنا واثقة من أن القرار كان صحيحًا وحكيمًا بالنسبة لي وبالنسبة لهم. عملي في الذهاب للتعليم في مدرسة يهودية تتحدث عن نفسها. كل الوقت توجد فرص، لا يجب أن ننتظر الحرب ولا نخاف. يوجد هناك معلمون عرب آخرون الذين يعلّمون في مدارس يهودية والعكس صحيح".
ومضت خوري تقول: "نحن، الذين نعمل في التربية والتعليم، واجبنا الإنساني والشخصي هو أن نجعل الجيل القادم لا يبتعد ولا ينعزل، وأن ينظر بعينيه وأن يعرف أنه فقط سوية يمكننا أن ننجح، لأننا مجتمع واحد موحد. نحن، كمعلمين، يجب علينا أن نكون في وظيفة لاصق يجمع".
القدر والأمل
الانتقال إلى التعليم في عفرون يطيل لها وقت السفر إلى العمل والعودة منه – ما يقارب ساعة في كل اتجاه مع الازدحامات المرورية وصفارات الإنذار. في أحد الإنذارات توقفت في الطريق في معلوت حتى يهدأ الوضع. وتابعت خوري قائلة: "يوجد هناك حد للمخاطر الذي يمكن أن نأخذه. عندما نعرف أنه يوجد هناك خطر لا نتحرش بالقدر. إلا أن القدر يمكن أن يلحق الضرر بنا في أي لحظة. لذا فبدلًا من الاستيقاظ في الساعة السادسة صباحًا فإنني استيقظ في الساعة الخامسة صباحًا، إلا أن هذا الوضع يقودني إلى السفر بسعادة. في الفترة الحزينة والسوداء إلى هذه الدرجة فإن الوصول إلى المدرسة يمنح الأمل".
تقول ريما خوري: "لحظة أمل هي كل لحظة. لم اصدق أن يأتي الأول من شهر أيلول / سبتمبر ونحن لا نزال في مثل هذا الكابوس، إلا أن هذه كانت لحظة سعادة كبيرة في داخل دائرة كبيرة. الـ – 1 من شهر أيلول / سبتمبر كان رائعًا. مدرسة جديدة والكثير من اللقاءات. إلا أن اليوم التالي أتى وبدأت الصعوبة تطرأ. يجب أن نصمم على التفاؤل وأن لا نيأس. أنا أحاول أن لا أسمع الاخبار، وعندما افتح يوجد لديّ أمل بأنهم سوف يُسمعون شيئًا الذي يجلب الحيوية".
قلب وليس إعجاب
وأردفت خوري تقول: "هذا العام، في الفيسبوك دائمًا ما عقّبت مع قلب وليس مع إعجاب. أنا دائمًا متفائلة. أنا أنظر إلى الخلف وأرى أن الرمز التعبير للوجه الذي يبكي منتشر. هذا شيء يترك بصمته. الدمعة هناك".
الأطفال
كسيدة تعمل في التربية والتعليم وأم فهي منزعجة من تأثير الوضع على الأطفال. تقول ريما خوري: "أنا لا أعرف كيف سيتمثل ما يحدث لنا. لا أعرف كيف ألتقي مع الأطفال الشباب في فسوطة أو في كفار فرديم أو بشكل عام. لا أعرف كم يلزمنا أن نناقش هذا وأن نهتم بهم من أجل أن يكونوا صامدين وأقوياء. لكن أكثر شيء أكثر شيء أنا لا أعرف كيف سينظرون إلى هذا العالم وأي مثال سوف يكون لهم من ناحية ما الذي يجب فعله، ماذا يعني بالغ مسؤول، ماذا يعني أشخاص الذين ينظرون إلى الواقع ويقولون: ‘ما الذي يمكنني أن أفعل ايضًا من أجل غد أفضل‘. وهذا لا ينتمي إلى العرق، إلى الدين أو إلى المدينة".
"عملي في الذهاب للتعليم في مدرسة يهودية تتحدث عن نفسها. كل الوقت توجد فرص، لا يجب أن ننتظر الحرب"
وأضافت ريم خوري: "أنا آمل بأن يعود الطلاب إلى المكان الطبيعي، وأن لا يكونوا في وضع غرفة صف هنا وغرفة صف هناك. جميع المدارس في الشمال ليست في حياة عادية روتينية وأن لا أنجح في التعوّد. أنا آمل أن تسير هذه السنة. الطواقم تتطور. تفاح في العسل إلا أنه يوخز قليلًا. قوتنا هي أن نستمر، ليس هناك خيار آخر، دعنا نتمنى ليوم غد وأن لا نشتاق إلى يوم أمس. أنا أريد أن آمل أن يأتي يوم غد، أن يكون لنا يوم غد أيضًا".
وحش الفزع
تقول ريما خوري: "الناس يقولون لي تعوّدنا على صفارات الإنذار. أنا أرفض قبول ذلك. أن تتعوّد معناه أن تقبل. ولسنا معتادين. زوجي يعمل من البيت في فسوطة. هو فزع أقل مني. إلا أنه لا يوجد تنافس في هذا الشأن. إذا شعرت بالفزع فإنني اسمح لنفسي بأن أشارك وأعبّر عن هذا".
في الآونة الأخيرة تزايد الهلع والضغط: "اليوم تحوّل هلعي إلى وحش بأبعاد ضخمة. أنا أخرج من البيت بسرعة. هذا بالفعل شيء غريب. أتصرف كالمعتاد، إلا أنه في اللحظة التي توجد فيها صفارة إنذار أنا بالفعل أدخل في حالة من الذعر. وحينها أكون حزينة ومن ثم أهدأ".
عائلة ودولة
وأضافت ريم خوري قائلة: "من هذه السنة فهمت أن اللحظة هي يوم، ويمكن أن يكون كل يوم لحظة. فهمت أن مغزى اللحظة هو أن اللحظة هي شيء مقدس، إذ لا يجب أن نضيّع ثانية، حتى لو كانت ثانية واحدة. فهمت كم أن العائلة هامة، لكن كم أن دولة عاقلة وهادئة هي الأمر الأهم".
الواجب الإنساني
وخلصت ريما خوري إلى القول: "السابع من شهر تشرين الأول / أكتوبر يدق بعد قليل على بوابات دولتنا مرة أخرى، ويذكّرنا بأنه توجد هناك مهمة أخرى التي يجب أن نقوم بها، يوجد لدينا واجب إنساني تجاه من هم موجودون هناك. من غير الممكن أننا حتى الآن في داخل نفق الزمن هذا، الذي ليسه فيه ضوء – ليس من خلفنا ولا في مقدمة النفق. ما من شك أن أكثر مًن يعاني هو مًن هو موجود هناك بشكل شخصي".