صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأحد 19 كانون الثاني 2025
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

هذا العام / "كان مؤثرًا جدًا عندما تم إطلاق سراح الجدات من نير عوز. هذه السعادة، السرور بأنهن عدن، هو أمر الذي لا أستطيع أن أصفه"

هيله أبو يمن، عامة اجتماعية من إيلات، أدارت في فندق "البحر الأحمر" المركز الهاتفي للمساعدة والدعم النفسي للأشخاص الذين تم إخلاؤهم من نير عوز. ابتداء من إيصال أخبار سيئة ولحظات معالجة صعبة لا تطاق حتى العودة إلى العمل في المكتب. "مقارنة مع ما كان في الفندق، كل شيء بدا لي فجأة ليس هامًا على الإطلاق. قلت لنفسي: ، أين كنت قبل لحظة وأين أنتِ الآن"

هيله أبو يمن: "أنا أتذكر عندما سألت سيدة: ‘ماذا تحتاجين؟‘ فقالت لي: ‘اختطفوا أولادي، عل تستطيعين أن تعيديهم إليّ‘؟" (تصوير : هداس يوم طوف)
هيله أبو يمن: "أنا أتذكر عندما سألت سيدة: ‘ماذا تحتاجين؟‘ فقالت لي: ‘اختطفوا أولادي، عل تستطيعين أن تعيديهم إليّ‘؟" (تصوير : هداس يوم طوف)
بقلم هداس يوم طوف

هذا العام بالنسبة لهيله أبو يمن، عاملة اجتماعية في إيلات، يقاس بالبيانات المؤسفة. تقول هيله أبو يمن: "حسب رأيي"، تضيف أبو يمن قائلة: "عدد البيانات المؤسفة التي اضطررت إلى نقلها هذه العام أكثر من عدد البيانات المؤسفة لكل السنوات قبل ذلك. عدد لا يحتمل".
بيان واحد كان مؤسفًا على وجه الخصوص: "عاملة اجتماعية من سكان نير عوز، التي تم إخلاؤها مع عائلتها إلى الفندق، عملت معنا بشكل ملاصق طوال الوقت كجزء من الطاقم المعالج. أصبحنا صديقتين جيدتين. بعد مرور شهرين اضطررت أن أنقل لها أنه تم العثور على جثة والدها وأخيها، اللذين هما في الواقع تم قتلهما. هي رأتني في الفندق في المساء ولم تفهم ماذا أفعل أنا هناك. عندما قلت لها أن تأتي معي إلى الغرفة، كما فعلنا سوية مع عشرات العائلات، في النهاية أدركت الحقيقة".
أبو يمن التي تبلغ من العمر (40 عامًا)، من سكان إيلات، متزوجة من صوفي وأم لثلاثة أطفال، تعمل في الأوقات العادية كمركّزة لجان وخطط علاج وعاملة اجتماعية لشؤون الإجراءات القضائية في بلدية إيلات، المختصة في العلاج العائلي والزوجي. اقدمية لمدة 12 عامًا. تقول هيله أبو يمن: "العام الماضي"، تضيف أبو يمن: "بالذات بدأت بقشعريرة. نهاية الصيف والأعياد هي فترة التي يوجد في المدينة الكثير من السياح، إيلات ممتلئة، ودائمًا توجد أحداث والكثير من العروض والحفلات، فعاليات ترفيهية. يوجد هناك إيلاتيون (من سكان إيلات) الذين لا يعشقون ذلك، إلا أنه حسب رأيي فإن هذه فترة لطيفة جدًا في المدينة، وفي الصيف الماضي وفي الصيف الذي قبله هذا فقط بداية العودة منذ الكورونا".
في الأعياد كانت هي مع العائلة في إجازة وتقول: "أسبوع هادئ. شمس، بحر، إيلات"، وقبل عيد فرحة التوراة (سمحات هتوراة) سافرت مع زوجها وأصدقاء إلى مهرجان هتمار في البحر الميت، للاحتفال بيوم ميلادها الـ 39، الذي صادف في – 1 من شهر تشرين الأول / أكتوبر. نهاية أسبوع طويلة. وقالت هيله أبو يمن: "كان رائعًا. كنا في حفلات عومر آدم، مارينا مكسميليان. بالفعل يوم ميلاد من الأحلام". لكن في يوم السبت صباحًا استيقظت على أحلام مروعة وكوابيس. تضيف هيله أبو يمن: "نحن كنا هناك، الأولاد كانوا عند أمي. عدنا إلى البيت. في الواقع ونحن في الطريق تلقى صوفي إشعارًا بأنهم يجندونه، وعندما اقتربنا من إيلات رأينا أمامنا بالفعل تدفق لأشخاص يخرجون من المدينة. الكثير من الأشخاص الذين كانوا يستجمون سارعوا في صباح يوم السبت إلى العودة إلى البيت. كنت في صدمة على الإطلاق. لم افهم ما حدث. جلست طوال اليوم أمام الأخبار فاغرة الفم وبعيون دامعة".
وتتابع هيله تقول: "في يوم الأحد لم اذهب إلى العمل، لم أكن قادرة. صوفي سافر إلى الجيش، الأولاد كانوا في البيت، لم أعرف ما المفروض عليّ أن افعل". في ساعات الظهر رن الهاتف: "قالوا لي: ‘توجد حافلات ركاب التي خرجت الآن من نير عوز وسوف تصل في ساعات المساء، من المفروض أن تكون هناك بيانات مؤسفة التي يجب أن ننقلها لهم‘. لا زلت لا أفهم ما الذي يحدث. اعتقدت أنهم سوف يأتون لنوع من الانتعاش، لم افهم أنهم سوف يأتون لأنه لا يوجد لهم بيت يعودون إليه. تنظمنا على الفور في طاقمين من العاملين الاجتماعيين، الأقدم والمجربين في موضوع البيانات المؤسفة. لم نعرف ماذا سنقابل".
وأضافت هيله أبو يمن قائلة: "من غير الممكن أن أنسى هذه اللحظة, في الساعة الثامنة مساء وصلت حافلتا الركاب من نير عوز إلى ساحة موقف السيارات في الفندق. نزلوا منهما أشخاص تم تضميدهم، مصابون مجروح، فقط مع الملابس على أجسادهم، قسم منهم مع أكياس سوبر ماركت مع أدوية وأشياء ضرورية التي نجحوا في التقاطها من البيت. هم وصلوا بالفعل من دون أي شيء. قسم منهم حتى كانوا حفاة. هم كانوا مفزوعين. عيون حمراء. هادئين. هادئين من الخوف. هدوء تام. لم يكونوا في تلك اللحظات يبكون أو متفككون، كان بكل بساطة شيء ما منطفئ في عيونهم. كان هذا منظرًا صعبًا جدًا. وأنا أتذكر على وجه الخصوص الرائحة. رائحة الدم والدخان، رائحة الموت".
وأردفت هيله أبو يمن تقول: "توجهنا إليهم وحاولنا أن نتحدث معهم قليلًا، أن نستمع منهم، أن نفهم ماذا يجب علينا أن نفعل لهم. أنا أتذكر أنني سألت سيدة: ‘ماذا تحتاجين؟‘ فقالت لي: ‘اختطفوا أولادي، عل تستطيعين أن تعيديهم إليّ‘؟".
إيلات مجربة في استيعاب اشخاص تم إخلاؤهم من حروب سابقة، وفي البلدية استعدوا. 15 عاملًا اجتماعيًا، من بين ما يقارب – 60 عاملًا اجتماعيًا الذين يعملون في المدينة، تم وضعهم في الفنادق التي تم تخصيصها لاستيعاب الأشخاص الذين تم إخلاؤهم. تم تعيين أبو يمن مسؤولة عن إدارة المركز الهاتفي للمساعدة والدعم النفسي الذي تم فتحه في فندق "البحر الأحمر": "اذهبي وتعاملي مع مجتمع الذي ليس لديه ثقة بأي أحد، وبحق، وأنت تأتين ممثلة عن الدولة، الدولة التي أهملتهم، التي لم تأت لإنقاذهم. في مكان ما خجلت جدًا".
وأردفت أبو يمن تقول: "كانت فوضى في الدولة. هرج ومرج. بسرعة كبيرة فهمنا أن العاملين الاجتماعيين التابعين للسلطات المحلية التي تم إخلاؤها، الذين كانوا بأنفسهم اشخاصًا تم إخلاؤهم، وفي كثير من المرات كانوا ايضًا ثكالى أو مصابين بجروح، من غير الممكن أن يكونوا شاغرين. فهمنا أننا، كسلطة محلية، يجب أن نكون هناك من أجلهم. أنه من غير الممكن أن نتركهم لوحدهم".

"كان في المدينة آلاف المتطوعين الذين حضروا وذهبوا. هم كانوا رائعين، إلا أن العمل هنا تطلب استمرارية، تتابع. إذا احتاج شخص ما أن يعود إلى صدمته كل يومين من أجل أن يتم ربطه بالمعالج الجديد، فإن هذا قد يسبّب ضررًا أكثر من الفائدة"

وتابعت هيله قائلة: "كنا مع عدد من المتطوعين الذين حضروا وعدد من العاملات الاجتماعيات من السلطة المحلية، وفي وقت لاحق أيضًا تواصلوا معنا من الصحة النفسية. جميعهم حضروا، وضعوا كل شيء من وراء ظهورهم. إذا كان هناك قبل ذلك أنانية وحب الأنا بين عدد من الوظائف والجهات، انتهى هذا، لم يعد هناك كذلك. فقط من رؤية الناس، أنت تفهم أن كل شيء يتقزم ويصبح صغيرًا جدًا".
وأضافت هيله أبو يمن تقول: "في البداية كانت احتياجات الأشخاص الذين تم إخلاؤهم جسدية وبدنية جدًا. اشخاص جاءوا من دون أي شيء. في اليوم الأول طلبوا نظارات، ملابس داخلية، أحذية، جوارب. فقط بعد ذلك بدأت تدخلات شخصية أكثر، وفي وقت لاحق زوجية وعائلية. العلاج اختلف جدًا مع مرور الوقت، ولاءمنا في كل مرة العلاج وفقًا لما يطرأ. كان أصعب شيء هو أنه لا توجد إجابات. نحن لا نستطيع أن نعيد أطفالهم وآباءهم وأصدقاءهم، وهذا هو ما يحتاجونه".
بعد مرور ما يقارب يوم – يومين فهمت أبو يمن أنه لن تكون للعمل ساعات وحدود. واستطردت هيله أبو يمن قائلة: "لم أعرف ماذا أفعل مع الأطفال. لدي ابنان كبيران، اللذان يبلغان من العمر 13 عامًا و – 16 عامًا، والصغيرة التي تبلغ من العمر 7 سنوات، التي كانت من النوع القلق والهلع قليلًا وكان من الصعب جدًا عليها أن تتكيف مع غياب صوفي. فهمت أنني بحاجة إلى المساعدة. طلبت من أمي أن تكون مع الأولاد، وتناوبت صديقتان جيدتان لي على إدارة التنظيم في الصباح وإعادتهم من المدرسة وإلى الدورات الدراسية. اعتمدت عليهن وعرفت أن الأطفال في أيدٍ أمينة".
العمل العلاجي في الفندق لم يكن بسيطًا: تقول هيله أبو يمن: "وصل الأشخاص الذين تم إخلاؤهم كأنهم إلى بيت مشترك واحد كبير. لا توجد خصوصية. أنت ترينهم طوال اليوم في البهو. البهو كان الصالون، وأنت ترين كل شيء. جميعهم يجلسون حوله، الكثير من البكاء. بكاء أقوى من هذا الاتجاه، وبكاء أقوى من الاتجاه الآخر، وأولاد يركضون، وبركة سباحة فارغة والتي لم يدخل إليها أي شخص".
وتابعت أبو يمن تقول: "في العلاج يجب أن يكون هناك فصل، أيضًا من أجل المعالًج وكذلك من اجلك. العلاج يحتاج إلى حدود. وهنا لم تكن هذه الإمكانية. لم تكن هناك غرفة علاج معقمة. أنت تقومين بتدخلات على الرصيف، على الكنبة في البهو، في شاطئ البحر، في زاوية التدخين، بالقرب من بركة السباحة، في غرفة الطعام".
وأضافت هيله أبو يمن تقول: "من أجل أن لا يعيشوا خيبة أمل أخرى، صممت على بناء طاقم دائم. هذا الذي يحتاجه العلاج الفعال. لم أوافق أن يتعاملوا معهم بصورة بيروقراطية، لم أوافق على محادثات الآن هذه الجهة سوف تستبدل هذا. بالفعل لم أوافق. أنا هنا ولن أتزحزح ويجب على الجميع أن يتدبروا الأمر حولهم. كان في المدينة آلاف المتطوعين الذين حضروا وذهبوا. هم كانوا رائعين، إلا أن العمل هنا تطلب استمرارية، تتابع. إذا احتاج شخص ما أن يعود إلى صدمته كل يومين من أجل أن يتم ربطه بالمعالج الجديد، فإن هذا قد يسبّب ضررًا أكثر من الفائدة".

"العلاج يحتاج إلى حدود. وهنا لم تكن هذه الإمكانية. لم تكن هناك غرفة علاج معقمة. أنت تقومين بتدخلات على الرصيف، على الكنبة في البهو، في شاطئ البحر، في زاوية التدخين، بالقرب من بركة السباحة، في غرفة الطعام"

ومضت أبو يمن تقول: "بنيت لي طاقمًا من العاملات الاجتماعيات من السلطة المحلية، عاملتان اجتماعيتان من نير عوز اللتين حضرتا مع المجتمع، عدد من المتقاعدات وعدد من المتطوعين الذين هم معالجون مهنيون والذين عرفت أنه من الممكن أن أعتمد عليهم أنهم هنا طوال الوقت. أحضروا لنا أيضًا طاقمًا من المستشفى الذي يرافق الطاقم، طاقم الذي يتم استبداله كل أربعة أيام. هم قاموا بإرشاد الطاقم التالي الذي سوف يحضر إلى الفندق. جميع المعالجين الذي وصلوا لم يركزوا في وظيفتهم في اليوم الأول. فهم كانوا في صدمة. هذا كان صعبًا جدًا".
وأردفت هيله تقول: "كانت إحدى أصعب اللحظات عندما تبين أنه يوجد هناك تحديد موقع هاتفي في غزة لأطفال التي كانت أمهم تبحث عنهم منذ أيام طويلة. تنظمنا مع ممثلين عن الجيش والشرطة لإعطاء بيان رسمي. كان يجب علينا أن نبلغها أن أطفالها مخطوفون. وقفت إلى جانب الشرطية. وقالت لها الأم: ‘إذا لم تعيدوهم لي، فسوف آخذ منك سلاحك وأطلق النار على رأسي بنفسي‘. وأنا أقف جانبًا، وأقول لنفسي: ‘سحقًا. كيف من المفروض أن تنهض في كل يوم على واقع أن أطفالها في غزة؟ كمعالجة أنت تتعلمين تشخيص ردود فعل عادية وغير عادية، تتعلمين ماذا تعني ردة الفعل هذه أو غيرها. لكن ما هو رد الفعل العادي هنا؟ وما هو رد الفعل غير العادي؟ هل كنت سأرد بشكل مختلف؟ أنا لست واثقة من ذلك".
واستطردت أبو يمن تقول: "كانت هناك الكثير من الأمور التي لم نتوقعها مسبقًا. وفجأة ينشرون مقطع فيديو في الفيسبوك بأنهم قاموا بقتل جدة إحداهن، وهي تشاهد ذلك وجميعهم يشاهدون ذلك. أو أنه يخرج فجأة مقطع فيديو لحماس مع المخطوفين، الذين هم أطفال أو والدان أو أزواج أو زوجات شخص الذي هو موجود هنا".
وتابعت هيله أبو يمن تقول: "أحد الأمور الجميلة التي أتذكرها من هذه الفترة هي تلك الأمسيات عند إطلاق سراح الجدات من نير عوز. حدث هذا عندما حوّلنا في الواقع الصولجان إلى العاملين الاجتماعيين من أشكول وابتعدنا قليلًا، إلا أنهم صمموا على أن نأتي. هذه السعادة، السرور بأنهن عدن هو أمر الذي لا أستطيع أن أشرحه".

نوريت كوبر (يمين) ويوخافيد ليفشيتز بعد إطلاق سراحهما من أسر حماس (الصورة: من شبكات التواصل الاجتماعي، تُستخدم وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق النشر)
نوريت كوبر (يمين) ويوخافيد ليفشيتز بعد إطلاق سراحهما من أسر حماس (الصورة: من شبكات التواصل الاجتماعي، تُستخدم وفقًا للمادة 27 أ من قانون حقوق النشر)

وأضافت أبو يمن تقول: "في ذات صباح، عندما مشيت باتجاه الفندق، سمعت أطفال نير عوز في الطريق إلى المدرسة. أصغيت. يتباهون ويمتدحون: أبي قتل ثلاثة مخربين، ابي قتل مخربين اثنين، أبي رأى كذا وكذا. قلت لنفسي: ‘واو، جميع الأطفال تعرضوا لذلك. لماذا يجب أن ينكشفوا على كل ذلك؟ هم لم يستطيعوا أن يكونوا أطفالًا بسيطين بعد الآن".
في بيتها الخاص، فقط بعد مرور الوقت، نجحت هي وزوجها أن يجلسا مع الأولاد في محادثة. تقول هيله أبو يمن: "هم فهموا أن شيئًا ما يحدث، هم شاهدوا، هم سمعوا، إلا أنهم لم يفهموا كيف أننا ضالعون. قلنا لهم أنه تم استدعاء الأم والأب للقيام بوظائف هامة بسبب الحرب، حيث أن الأم تقوم بمعالجة الأشخاص الذين أُصيبوا وذهب الأب للدفاع عن أمننا. وأنهم أولاد كبار وأذكياء، ونحن نعتمد عليهم، وأنهم في أيدٍ أمينة".
وأردفت أبو يمن تقول : "حاولنا أن نعرض ذلك وكأن هذا الأمر مؤقت وهو شيء عادي وروتيني، إلا أنهم شعروا أن شيئًا ليس على ما يرام. تأثرنا كثيرًا عندما قالوا لنا أنهم فخورون في أننا نساعد ونساهم ونعمل، إلا أن هذا الأمر كان صعبًا بالنسبة لهم. على وجه الخصوص بالنسبة للابنة الصغرى. فهي اشتاقت كثيرًا، وكانت هناك الكثير من المشاكل. عندما كانت صديقتي تكتب لي أن هذا أمر طارئ، كنت أترك كل شيء، وأتفرغ للحظة، أتحدث معها وأعود. كان من الصعب جدًا الصمود أيضًا مع ما يحدث في الفندق، مع كل ما يحدث هناك، الإدارة، وكذلك الحياة التي أمامي".

هيله أبو يمن في زاوية تناول القهوة على الشاطئ: "بعد يوم صعب من ناحية عاطفية، يوم ضغط، كنا نأتي إلى هنا، لنشرب القهوة الباردة، نحدق في البحر، نتنفس قليلًا قبل العودة إلى البيت" (تصوير : هداس يوم طوف)
هيله أبو يمن في زاوية تناول القهوة على الشاطئ: "بعد يوم صعب من ناحية عاطفية، يوم ضغط، كنا نأتي إلى هنا، لنشرب القهوة الباردة، نحدق في البحر، نتنفس قليلًا قبل العودة إلى البيت" (تصوير : هداس يوم طوف)

تضحك أبو يمن وتقول: "في الأسبوع الأول لم نخرج على الإطلاق من الفندق"، إلا فقط في وقت لاحق. وأضافت هيله تقول: "كنا نأتي في الساعة الثامنة صباحًا، ولا نعرف متى نغادر. لم يكن أي يوم مشابهًا لليوم الآخر. فقط بعد ما يقارب أسبوع، قالت إحدى بنات الطاقم فجأة: ‘تعالوا نشرب القهوة في البحر‘. ‘كيف نشرب القهوة في البحر؟‘ سألت، ‘كيف تذهبين إلى البحر في حين يحدث كل هذا هنا؟‘ في نهاية المطاف أقنعتني وذهبنا إلى زاوية ما في الشاطئ المقابل للفندق. وأصبحت هذه نقطة لقاء دائمة لنا للمعالجة. بعد يوم صعب من ناحية عاطفية، يوم ضغط، كنا نأتي إلى هنا، لنشرب القهوة الباردة، نحدق في البحر، نتنفس قليلًا قبل العودة إلى البيت".
وتابعت هيله أبو يمن تقول: "صفارة الإنذار الأولى في نهاية شهر تشرين الثاني / نوفمبر هزت كل هذه السفينة. كان هناك أشخاص الذين تجمدوا، فجأة هم كانوا في إثارة للقيام بعمل معين، أو أنهم لم يعرفوا أين المكان المحمي وإلى اين يمكنهم أن يركضوا. كل حادث مثل هذا أغرق كل شيء. تلقينا موجة من التوجهات للمركز الهاتفي، وكان يجب علينا أن ننظم الأمور مرة أخرى، أن نهدئهم، أن ندعمهم، أن نكون معهم".
واستطردت هيله قائلة: "عند كل صفارة إنذار بالطبع أنني قمت بإجراء مكالمات مع أولادي، فحصت أن كل شيء على ما يرام. لم أقلق. أنا لست من النوع القلق، وهذا من حسن الحظ، لأنني لم أكن متفرغة لذلك ايضًا. عرفت أنهم في المدرسة، يوجد مكان محمي، وكذلك أنني اعتمدت عليهم كثيرًا. قلت لنفسي: ‘هم محميون. وإذا حدث شيء لا سمح الله، فإنهم سوف يتصلون بي".
بعد الهجوم من إيران ساورها شك ما. وقالت هيله أبو يمن: "يوجد لدي أخوان اثنان اللذان يسكنان في الولايات المتحدة الأمريكية وأخ واحد في ألمانيا. قلت لزوجي: ‘أنا لا أرغب في أن يكون أولادي هنا. أنا أرغب في أن أحافظ عليهم وأحميهم. كل هذا الخوف، وصفارات الإنذار، أنا أرغب في أن تكون نفسياتهم سليمة. لماذا يجب عليهم أن يعايشوا كل هذا؟ هنا هم منشغلون في ما إذا كانت هناك صفارة إنذار وأين الملجأ، وأولاد أعمامهم في الولايات المتحدة الأمريكية منشغلون في السؤال إذا ما كانوا سوف يذهبون في الصيف إلى معسكر التنس أو معسكر الخيول. ابن أخي الذي في ألمانيا يذهب إلى حديقة غابة. ومن الممكن عبثًا أن ننتقل إلى المركز. في النهاية، فإن إيلات على الحدود، وتوجد مهلة 15 ثانية للدخول إلى الملجأ. فجأة هذا في وعيك. وإذا ما قرر شخص ما أن يقتحم؟ هل سوف يحافظون على الأولاد هنا؟ وماذا أفعل إذا اختطفوهم، هل سوف يعيدونهم إلينا؟ قلت له: ‘هيا نسافر، هيا نذهب. أنا أفهم، أنت الآن في الجيش، أنا الآن في الوظيفة. هيا نرسلهم إلى اخوتي، وبعد ذلك عندما أنتهي من العمل، فسوف أنضم إليهم. إلا أننا في نهاية المطاف بقينا".
عندما انتقل سكان نير عوز في نهاية شهر كانون الأول / ديسمبر إلى مساكنهم المؤقتة في كرمي جات، عادت أبو يمن وطاقمها الإيلاتي (من إيلات) إلى عملهم في البلدية. تقول هيله أبو يمن: "في الفندق اشعر أن كل يوم هو سنة، وحينئذ عدنا. تم تسريح زوجي بعد وقت ليس بالكثير منذ أن تركت الفندق. العودة إلى الحياة العادية الروتينية لم تكن بسيطة. عدت من الناحية الجسدية والبدنية، إلا أن رأسي لم يكن هناك. فجأة كان يجب عليّ أن أجلس أمام الحاسوب، أن أسجل تقريرًا لمحكمة، أن التقي مع عائلة التي مشاكلها، مقارنة مع نير عوز، تبدو لي فجأة صغيرة بل وصغيرة جدًا. أن أجلس في اللجنة الذي يتجادلون فيها إذا ما ستكون الأم مع الأولاد في يوم الأحد وفي يوم الثلاثاء أو في يوم الأحد وفي يوم الأربعاء. أمسكت نفسي عن الصراخ: ‘ماذا بعد حقًا، توجد هناك عائلات التي رأى فيها الأطفال والدهم يحترق، توجد هناك عائلات التي أطفالها في غزة، وأنتم تتجادلون الواحد مع الآخر على أيام في الأسبوع؟ أطفالكم يعيشون ويتنفسون وأنتم تعرفون أين هم؟ كا ما تبقى هو زيادة".

"تلقيت الكثير من القوة من مجتمع نير عوز. رأيت كيف أن العائلة التي تلقت في المساء بيانًا مؤسفًا تقوم بمواساة عائلة أخرى التي تتلقى بيانًا مؤسفًا في صباح اليوم التالي. كيف كمجتمع هم ينهضون"

وأضافت هيله تقول: "بالطبع أنا لم اقل لهم ذلك، وأنا أعرف أن لكل عائلة توجد مشاكلها، وهذا ليس بالشيء الذي يمكن مقارنته. إلا أن المشاعر كانت صعبة. أتيت من مكان قوي جدًا إلى مكان عادي روتيني، وكان هذا صعب عليّ. كانت هناك أيام كنت أحدق فيها بالحاسوب وأسأل: ‘ما الذي أفعله هنا؟ هل هذا ما أريد أن أفعله؟ هل هذا أمر الساعة؟‘".
وتابعت أبو يمن تقول: "وحتى في البيت هكذا كان. أنت تعودين والابنة الصغرى تتشاجر معك على الحمام، أو على لعبة ما، والكبير يطرق الباب على أمر سخيف هل نشتري له أم لا نشتري، والأوسط يبدي امتعاضًا لأنه لا يرغب في تناول الطعام الذي سأعده لوجبة المساء، وأنت تجنّين. مقارنة مع ما كان في الفندق، كل شيء بدا لي فجأة ليس هامًا على الإطلاق. قلت لنفسي: ‘أين كنتِ قبل لحظة وأين أنتِ الآن‘".
ومضت هيله قائلة: "برأسي عرفت أنه يوجد هنا ايضًا اشخاص في إيلات يحتاجونني، وأنني أقوم بعمل هام، وأنه يجب عليّ أن ألائم نفسي، أكتشف القوى من جديد. أنا بالتأكيد يمكنني أن أقول أنني أرى ارتفاعًا في احتياجات السكان. توجد هناك توجهات أكثر لتقديم تقارير، المزيد من التوجهات من لجان، المزيد من الأطفال في خطر. توجد لدي المزيد من اللجان، المزيد من حالات العنف، يوجد ايضًا المزيد من الاعتداءات تجاه عمال اجتماعيين".
وأردفت أبو يمن تقول: "الحرب وكل ما رأيناه، بالتأكيد كمعالجين، أثرت علينا كثيرًا. حتى بالمفاهيم التي نحن لا نزال لا نفهمها. تعلمت كيف يستندون وكم من القوة يمكن تجنيدها من داخل نفسك. حصلت على الكثير من القوة من مجتمع نير عوز. رأيت كيف أن العائلة التي تلقت في المساء بيانًا مؤسفًا تقوم بمواساة عائلة أخرى التي تتلقى بيانًا مؤسفًا في صباح اليوم التالي. كيف كمجتمع هم ينهضون، كيف، على الرغم من أنك من الخارج، فإنهم يستقبلونك بابتسامة. متألمون، غاضبون، ممزقون، إلا أنهم ينهضون من جديد، مبتسمون، لطيفون، يعرفون تقديم الشكر، يختضن الواحد منهم الآخر، يفكرون سوية إلى الأمام، كيف يبنون من جديد. إحدى القديمات من القرية التعاونية الكيبوتس قالت لي: ‘صحيح، هم اقتحموا إلينا، هم نهبوا، هم قتلوا، هم حرقوا. إلا أنهم لن يأخذوا روحي. أنا لن أقدم لهم روحي‘".
وأضافت هيله تقول: "حتى عندي هذا في الواقع هكذا. العناية والدعم الذي حصلت عليه من وراء الكواليس هو الذي جعلني قوية وصامدة. إذا لم يكن لدي مثل هذه الشعبة لكنت انكسرت منذ فترة. تعلمت أنني أستطيع أن أكون في أكثر الأماكن صعوبة، أكثر الأماكن المًا، عندما لا تكون الأرض مستقرة بالفعل، ولا أزال أحافظ على نوع من الاستقرار. إذا ما سألوني قبل ذلك: ‘هل تريدين أن تديري المركز الهاتفي؟‘ على الأرجح أنني كنت سأقول لا، أنني لا أعرف كيف أقوم بذلك. لكن في اللحظة التي وضعوني فيها هناك، وقالوا لي: ‘أنت سوف تديرين هذا‘، وكان يجب علي أن أتعامل مع هذا، نجحت. تعلمت أنني، بالحسنى، أستطيع أن أحقق كل شيء. اليوم أنا أكثر دقة مع نفسي، أنا أعرف أن أصمم على ما أعتقد أنه صحيح. إذا كانت هناك حاجة، فسأحققها".
ومضت هيله تقول: "غريب، حتى هواياتي تغيّرت. قبل ذلك، كنت دائمًا من النوع الذي ينام حتى وقت متأخر. في أيام السبت كنت أستطيع أن أنام حتى الساعة 12:00 ظهرًا. اليوم أنا أستيقظ دائمًا حوالي الساعة السادسة صباحًا. لذا قلت: ‘جيد، سوف أبدأ بممارسة الرياضة في الصباح‘. والآن أنا من هؤلاء الأشخاص".
وخلصت هيله أبو يمن إلى القول: "للسنة الجديدة أنا آتي من مكان آخر، مكان هادئ، بسيط. لا أدقق في الأمور التافهة. كل شيء لدي يدخل في إطار التناسب. لا يزال يوجد هناك الكثير من الألم، إلا أننا في الوقع لسنا في – 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر، نحن في مكان آخر. أنا أرغب في أن أؤمن أن الوضع سوف يكون أفضل. وأريد أيضًا العائلة كثيرًا. هذا شيء الذي كان ينقصني في السنة الأخيرة".

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع