
تقول المحامية سهاد بشارة من منظمة عدالة، المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل: "تتم مواجهة كل احتجاج هادئ وقانوني ضد ما يحدث في غزة بعنف من قبل أفراد الشرطة وباعتقالات". استمرار الحرب، وفقًا لأقوالها، زادت فقط من حدة الاتجاه. وأضافت المحامية بشارة قائلة: "نحن نشهد على زيادة عنف الشرطة في المظاهرات وعلى الاعتقالات العبثية لمواطنين عرب منذ 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر".
خلال الأسابيع الخمسة الأولى من الحرب، عالجت منظمة عدالة – 251 حالة اعتقالات، تحقيقات أو مكالمات تحذير لمواطنين عرب. من بينها 121 حالة على خلفية الاشتباه بتصريحات محرضة في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي، و – 31 حالة على خلفية المشاركة في المظاهرات. تقول بشارة، عن الاعتقالات في أعقاب التصريحات في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي وعن الاعتقالات في المظاهرات: "كل ذلك خلافًا للتوجيهات، إلا أن المنظومة لا يهمها حقًا، باستثناء تصريحات فارغة. كما أن المستشار القضائي والنيابة العامة للدولة لا يبديان مسؤولية. فالشرطة تحقق من دون مصادقة من النائب العام للدولة وفي بعض الأحيان يمنح النائب العام للدولة مصادقة على الرغم من أنه لا يجب أن يكون هناك تحقيق على الإطلاق، وبالتالي يتوسع المجال الجنائي في قضايا حرية التعبير عن الرأي".
"يتم استغلال كل أزمة من أجل تمرير سن قوانين ذات إشكالية"
تتجلى حدة خطورة وضع المواطنين العرب في الدولة ليس فقط في نشاطات تطبيق القانون وفي سياسة الشرطة بل أيضًا في سن القوانين، التي قد يتحول تفسيرها في كثير من الأحيان إلى منحدر زلق. في السنة الأخيرة تم في الكنيست مناقشة مشروع قانون منع تشغيل المعلمين وفصلهم عن العمل على خلفية تصريح يحرض على عمل إرهابي، مشروع قانون لتوسيع ذرائع الاعتقال للقاصرين، تعديلات على قانون مكافحة الإرهاب وكذلك اقتراح لسحب الجنسية بحجة دعم الإرهاب.
تقول بشارة: "إجراءات سن القوانين الأخيرة ليست مفاجئة". وأضافت بشارة تقول: " يتم استغلال كل أزمة من أجل تمرير سن قوانين ذات إشكالية، التي يوجد فيها على ما يبدو ما يتعلق بانتهاك في حقوق الإنسان، بالعنصرية، بالفوقية اليهودية وعدم المساواة المدنية. الآن هذا أكثر كثافة. تلك اقتراحات التي توسّع تجريم التعبير عن الرأي". بالإضافة إلى ذلك، " يوجد في مواقع شبكات التواصل الاجتماعي تحريض على العنف وعلى الإرهاب ضد جمهور كامل. المنظومة تساهم في ذلك سواء في العمل الفعال أو عن طريق التقصير والتجاهل".

وتقول المحامية سهاد بشارة، عن التعديلات المقترحة على قانون مكافحة الإرهاب: "القانون قبل 7 من شهر تشرين الأول / أكتوبر واسعًا إلى حد كبير وذا إشكالية والآن يحاولون أن يوسّعوه أكثر فأكثر". الحرب التي تتواجد فيها الدولة، والتي تستخدم ذريعة لأعمال سن تلك القوانين لا تغيب عن عيون بشارة. ومضت بشارة تقول: "أنا أعي حالة الطوارئ، إلا أنه يوجد فرق بين التعامل مع الواقع وبين استغلاله من أجل توسيع آلة القمع بحجة مكافحة الخطاب المحرض".
كيف يتجلى ذلك حسب رأيك؟
" سياسة الحكومة تؤثر ليس فقط على المواطنين العرب. ما يحدث في المظاهرات في تل أبيب من أجل المخطوفين، على سبيل المثال، هذا جزء من السياسة التي تمنع الأيديولوجيا. هذا يتجلى في عنف افراد الشرطة وفي الاعتقالات العبثية، إلا أن تلك مجالات مختلفة. يوجد هنا تعديلات تشريعية التي تهدف إلى توطيد قمع حرية تعبير الفئة السكانية العربية عن الرأي. هذا الأمر يتحول إلى موضوع تطبيق القانون. هذا موضوع منذ سنوات طويلة وليس سياسة مؤقتة للحكومة. القوانين سوف تبقى حتى بعد أن يتم استبدال الحكومة".
وأردفت بشارة قائلة: "هذا يتقدم في السنتين الأخيرتين وأكثر فأكثر في وقت الحرب. هم يرون عدوًا من الداخل ويجب أن يتم تنظيم التعامل معه عن طريق سن القوانين. هذا الأمر يجب أن يُقلق الجميع. قمع متظاهرين عرب هذا ليس شأنًا جديدًا. غالبية المجتمع اليهودي لم يستاء من منظومة العنف. هذا القمع قائم على مدار سنوات، إلا أن هذه آلة يتم توجيهها ضد كل ما يبدو أو يعتبر غير ملائم".
"في الكثير من المفاهيم، فإن هذه عودة إلى الحكم العسكري"
وزير الأمن القومي، ايتمار بن غفير، قام بتوسيع صلاحيات وزارته في السنة الأخيرة، من أجل تعزيز مكافحة الإجرام ومكافحة الإرهاب. إحدى الخطوات الرئيسية التي تم تنفيذها هو ضم السلطة لتطبيق القانون في الأراضي إلى وزارته. وتابعت بشارة: "وزارة الأمن القومي تقتطع لنفسها صلاحيات كثيرة، سلطة تطبيق القانون في الأراضي على سبيل المثال. تأطير هذه الصلاحيات على أنها مكافحة للإجرام هو جزء من ىلة التحريض. في الوقت الحالي لا توجد نتائج لمكافحة الإجرام، إلا أنه يوجد هدم للبيوت وتضييق على حرية التعبير عن الرأي".
وفقًا لأقوال بشارة، فإن الحديث يدور عن جزء من محاولة إعطاء العلاقة بين الدولة والمواطن العربي شكلًا شرطيًا في كل ما يتعلق بالحقوق. وتشرح بشارة قائلة: "هذه مميزات أنظمة القمع". وأضافت بشارة: "هذه عودة إلى الحكم العسكري عن طريق القوانين، في الكثير جدًا من المفاهيم".
كيف يمكن مكافحة هذا الاتجاه؟
وتابعت بشارة تقول: "لا يوجد فصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية. توجد للحكومة أغلبية في الكنيست وإجراء سن القوانين مرتبط بكامله بسياسة الحكومة. النضال في الكنيست هو أمر هام، إلا أنه حتى الآن ليس ناجعًا جدًا. النضال الجماهيري هو أمر هام. فهو يبرز المشكلة، وهام من أجل محاولة منع تشريع إضافي. المرافعة الدولية هي ليست أمرًا يمكن التنازل عنه، لأن المنظومات فشلت حتى الآن في الدفاع عن حقوق الإنسان والمواطن، بما في ذلك منظومة القضاء".

وأردفت بشارة تقول: "توجد هناك عضويات محلية أو إقليمية، تنشئ مثل هذه الشراكات في النقب وهذا يبعث على التفاؤل. إلا أن مسألة العضوية تتعلق أيضًا بالرؤيا، أين يمكن إيجاد قاسم مشترك لرؤيا ‘اليوم الذي يلي‘، رؤيا التي تعنى بالمكانة المدنية للعرب، بحقوق الشعب الفلسطيني. هذا بشكل عام يفسد ويحبط شراكات واسعة وطويلة المدى. يجب أن تكون هذه رؤيا بحيث يوافقون على مبادئها. غياب الرؤيا لا يفتح بابًا للحوار، هذا يفسد ويحبط احتمال الحوار والنضال المشترك".
وخلصت المحامية سهاد بشارة إلى القول: "توجد هناك مجموعات ذوات رؤيا التي تعمل على الربط، إلا أن هذا يبقى محدودًا. أنا أعتقد أنه سوف يكون هناك تأثيرًا مختلفًا للحرب. إذ أن بعد الحرب سوف يكون هناك شيء آخر".