
يقول أديب مزعل، مدير المجتمع في عرب العرامشة التي عاد سكانها إلى بيوتهم في ذروة القتال في لبنان: "قبل سنة واحدة بدأ رذاذ، وحتى شهر كانون الأول / ديسمبر من عام 2024 عاد عمليًا 80 % من السكان". بعد التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار وعشية شهر رمضان وإكمال انسحاب جيش الدفاع الإسرائيلي من لبنان فإن السكان لا يزالون يتخوفون. وقرر معظمهم أن يعودوا بعد عدة أشهر بسبب الضائقة الاقتصادية. وأضاف مزعل قائلًأ: "99 % من السكان عمليًا عادوا. وظلت أربع عائلات خارج البلدة".
وفقًا لأقواله، فإن السكان عادوا ولم يكن أمامهم خيار آخر، على الرغم من أن البنى التحتية لا تزال مدمرة. يقول أديب مزعل: "عاش الناس هنا من دون مدرسة، من دون مركز ثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (مركز جماهيري)، من دون فعالية ونشاط اجتماعي، من دون أي شيء. حاولنا أن نرمم قدر الإمكان. لم ننتظر ضريبة الأملاك. قمنا بمعالجة أي مشكلة على الفور، واليوم لا توجد تقريبًا مشاكل في البنى التحتية".
لا تتم إزالة النفايات حتى الآن كما يجب. وأضاف مزعل قائلًا: "لا يوجد لدينا موقع منظم، نحن نعمل على ذلك الآن. نحن نقوم بإلقاء النفايات في حاويتين في منطقة المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري). في كل أسبوع نقوم بالتنظيف، إلا أن ذلك يعود إلى نفس الوضع". ويقول مزعل أن الوضع الاقتصادي للسكان سيء. وتابع مزعل قائلًا: "هم حصلوا على منح وأتاحوا لأنفسهم بأن يقوموا بأعمال ترميمات تفوق قدراتهم، والآن هم عالقون مع ضريبة الأملاك (الأرنونا). وهم لا يستطيعون أن يدفعوا ضريبة الأملاك (الأرنونا)".

على الرغم من الصعوبات، يصر مزعل وسكان عرب العرامشة على أن يعيدوا الحياة إلى مسارها. يقول مزعل: "نحن نحاول أن ننظم فعالية ونشاطًا لأبناء البلدة خارج البلدة، على سبيل المثال دوري رمضان. توجهنا إلى إدارة المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري) مطيه آشر لفحص إمكانية استئجار ومنحنا ملعبًا. الآن في برنامج وخطة العمل لتكبير الملعب المزروع بالعشب الاصطناعي وتوسيعه، لأن هذا يقدم ردًا للشباب على وجه العموم. لا يوجد لدى الشباب الكثير ليقوموا به لدينا بعد الظهر. يعودون من العمل، يأتون إلى المقهى، يشاهدون مباريات كرة القدم، ولأسفي الشديد في الثقافة لدين لا توجد حلقات دراسية. توجد حلقات دراسية خارج البلدة. الرد هو أن الذي يوافق عليه – 90 % من الشباب هو ملعب كرة القدم". التمويل من وزارة تطوير النقب والجليل لا يكفي. وأردف مزعل قائلًا: "يجب تنظيم على الأقل حتى ما يقارب 500 ألف من أجل تحمّل الدفع على الملعب".
لا توجد لدى مزعل شكاوى حول المال الذي يصل من الحكومة، وهو يقدّر كثيرًا التعاون مع المجلس الإقليمي مطيه آشر. ويتابع مزعل قائلًا: " يوجد هناك أشخاص غاضبون، الذين يقولون ‘ماذا فعلوا، ماذا فعلوا‘، إلا أنهم لا يفهمون ولا يدركون، أنه في اللحظة التي فيها نحن بلدات تم إخلاؤها، فإن المجلس المحلي لا يمكنه أن يقدم كافة الخدمات. لكن اليوم، عندما يكون الوضع أفضل، فإنهم يقدمون. وهم أيضًا حصلوا على تبرعات ليست قليلة من اتحادات الجاليات اليهودية في العالم، وتبرعوا أيضًا إلى هنا".
تعويضات مثيرة للسخرية: "المواطن الذي تم كسر جميع نوافذ بيته حصل على 2.400 شيقل"
بدأت الترميمات. في أنحاء القرية يتم سماع ضجيج أدوات العمل. يأسف مزعل على أن معظم المقاولين ليسوا منسكان المكان. يقول مزعل: "لأسفي الشديد لا يوجد تصنيف للمقاولين في البلدة، لأن هذه قرية صغيرة، لذا فإن الغالبية هي من الخارج".
خلال الحرب درس أطفال عرب العرامشة في المدارس في قرية الشيخ دنون. كان من المفروض أن يعود طلاب المدرسة الابتدائية إلى الدراسة في القرية في يوم الأحد، إلا أنه تم تأجيل عودتهم، على ما يبدو إلى نهاية شهر رمضان. طلاب المدرسة الإعدادية وطلاب المدرسة الثانوية يدرسون هناك أيضًا في الحياة العادية الروتينية. كذلك أيضًا روضة الأطفال والحضانة النهارية عادتا إلى العمل.

يقول أديب مزعل: "نحن هنا نبني عيادة جديدة. في الوقت الحالي يتم تقديم كافة خدمت العيادة في مركز رعاية الأم والطفل. لأسفي الشديد، فإن كافة المباني العامة في حاجة إلى ترميم. تتركز كل الفعاليات والنشاطات الجماهيرية، الاجتماعية، غير الرسمية في مبنى المدرسة".
الاهتمام بالفئة السكانية القديمة (الكبار في السن) في القرية هو تحدٍّ كبير. وواصل مزعل حديثه قائلًا: "كان من لصعب ترك المواطنين القدامى (الكبار في السن) هنا لفترة طويلة في البيوت، لذا قمنا بين الفترة والأخرى بإخراجهم إلى رحلة. في كل يوم خميس نُحضرهم إلى مركز المواطنين القدامى (الكبار في السن) التابع للمجلس الإقليمي".
مزعل غاضب جدًا على سلوك وتصرف ضريبة الأملاك في البلدة. يقول مزعل: "الكثير من السكان فتحوا توجهات، إلا أن المعالجة بطيئة جدًا. يوجد هناك سكان الذين لم يقوموا بزيارتهم حتى الآن. أحد السكان، الذي تم كسر جميع نوافذ بيته، حصل على 2.400 شيقل تعويض. هذا لا يكفي لنافذة ونصف. أنا لا أعرف ماذا نفعل مع ذلك. تحدثنا مع المجلس الاقليمي وأنا آمل أنا نجد حلًا لذلك. البيوت هناك بالقرب من الحدود تضررت كثيرًا".
في الحياة العادية الروتينية الكثير من سكان القرية يعملون في الخارج. وتابع مزعل قائلًا: "من دواعي سروري، فإن قسمًا من المصانع في المنطقة هي مصانع حيوية، لذلك فإنها استمرت في العمل. لكن بالطبع يوجد هناك الكثير من الشباب الذين فقدوا مصدر رزقهم. اليوم نحن نحضّر برنامج وخطة عمل حول موضوع التأهيل والتدريب للتشغيل. من حسن حظنا، توجد هناك منح التي تغطي الديون بشكل أقل أو أكثر، إلا أنه بعد قليل سوف تنتهي المنحة ويجب علينا أن نفكر إلى الأمام ماذا سنفعل مع الشباب". الحكومة مددت الاستحقاق للحصول على مخصصات البطالة حتى شهر أيار / مايو، وتابع مزعل قائلًا: "إلا أن هذا لا يكفي للأزواج أو للعائلة بأن تعتاش باحترام وبكرامة".
عدم الثقة: "بن غفير منح الأسلحة لجميع الأصدقاء، لكن لنا على الحدود لم يمنح"
في مطلع شهر رمضان وفي ظل الوضع الأمني، يحاول مزعل أن ينتج الأفضل. يقول مزعل: "رمضان هو شهر الذي ينتظره الأطفال في البلدة. في كل عام قمنا بتنظيم مهرجان في المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري) ومسيرة في البلدة. لأسفنا الشديد هذا العام لم يكن لدينا مكان من أجل أن ننظم ذلك. سوف ننظم مسيرة فقط. أنا آمل أن نستطيع أن نفعل ذلك في نهاية شهر رمضان".
في رمضان ينظم الشباب فرقًا من كافة الاحياء. الفريق الفائز في الدوري سوف يحظى بوجبة في مطعم أو بجائزة مالية. ومضى مزعل يقول: "يجلب كل الشباب كراسين أراجيل وبذور، يجلسون ويشاهدون المباراة". يبقى الملعب كاملًا، إلا أن من حوله أعشاب وموجات من النفايات. وتابع مزعل قائلًا: "غدًا يأتي إلينا متطوعون وسوف نقوم بتنظيف الملعب. يأتي من خارج البلاد 30 متطوعًا".

وأردف مزعل قائلًا: "بالطبع نحن نشعر أن هذا ليس نفس شهر رمضان كما كان عليه ذات مرة، بأن يبدأ الناس بتجهيز كل الإنارة في البيت، في الشوارع وكل ذلك. نلاحظ أن شيئًا ما قد حدث. نحن ايضًا نخرج من حرب التي فقدنا فيها جنودًا الذين كانوا معنا هنا، دور زيمل، أنا تعرفت عليه في ذلك الوقت، كان ذلك صعبًا أن أسلّم بأنه قُتل هنا، في المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري). يوجد لدينا رفاق من قوات التدخل السريع الذين أُصيبوا وهم لا يزالون في عملية تأهيل. فقدنا أيضًا الكثير من الممتلكات". يرغب مزعل في أن يقيم نصبًا تذكاريًا للأشخاص الذين سقطوا.
وواصل مزعل حديثه قائلًا: "مجتمعنا قوي، توجد لديه قوة ومناعة، توجد لديه ثقة بالمنظومة هنا، بالمؤسسات وبجيش الدفاع الإسرائيلي. يوجد لدينا 23 مواطنًا في قوات التدخل السريع. ما يقارب عشرة مواطنين يخدمون الآن في خدمة الاحتياط العسكرية في الجنوب وفي الشمال، و – 15 مواطنًا يخدمون في الخدمة النظامية".
إلا أن السكان يشعرون أيضًا بعدم الثقة بالحكومة. يقول مزعل: "حتى اليوم لم تصل أي شخصية من الحكومة لزيارتنا هنا. قاموا بإزالة اسم القرية من قائمة المستحقين للحصول على رخص أسلحة خاصة. بن غفير منح الأسلحة لجميع الأصدقاء، لكن لنا على الحدود لم يمنح. هم قاموا حتى باستبعاد أشخاص الذين يخدمون في خدمة الاحتياط العسكرية وفي الخدمة العسكرية الدائمة".
مزعل يسير في داخل المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري) الذي تدمر نتيجة إصابته من طائرة من دون طيار (طائرة مسيّرة) ومن صواريخ موجهة مضادة للدروع. وأضاف مزعل قائلًا: "في هذه القاعة تم تنظيم محاضرات، في الصيف قمنا هنا بتوزيع منح على الطلاب الجامعيين. في الحرب كانت هنا سرايا جنود في خدمة الاحتياط العسكرية. دور زيمل قُتل هنا وأُصيب – 17 شخصًا من إصابة الطائرة من دون طيار (الطائرة المسيّرة)".

في الخارج زوج من البقر تلعق العشب في هوامش الملعب. وتابع مزعل قائلًا: "يجب تصليح الأسيجة، على ما يبدو أنها تضررت من حركة الدبابات. أنا أحب أن أرى الأبقار، لكن ليس هنا. عندما كنت طفلًا كنت أرى الأبقار في كل زاوية. اليوم إذا كان لدى عائلة قطيع من الأبقار، فإن شخصًا واحدًا فقط يهتم به. ذات مرة كان الجميع يهتم به".
لدى مزعل الكثير من البرامج والخطط. ومضى مزعل يقول: "نحن لسنا ناضجين لكل شيء، لبركة سباحة على سبيل المثال. ينظر المجتمع إلى نفسه على أنه مجتمع، ويمكن ملاحظة ذلك في الأحداث وفي المناسبات. إلا أن هذا مجتمع صغير ويوجد هناك الكثير من النزاعات والصراعات". يوضح مزعل بأنه لم يتم انتخاب لجنة في عرب العرامشة، بل توجد لجنة بالاتفاق. وأدف مزعل قائلًا: "لم نرغب في أن نثقل على السكان. فالوضع صعب بطبيعة الحال. لذا فقد اجتمع جميع المرشحين سوية في اللجنة وهم سوف يختارون رئيسًا للجنة".
قافلة جيبات تدخل إلى موقف سيارات المركز الثقافي لأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري). يوضح أ، وهو أحد الرفاق قائلًا: "يوجد هنا تدريب لقوات التدخل السريع"، وأضاف أ قائلًا: "أنا معلم في المدرسة في الشيخ دنون ، لكن عمليًا أنا أخدم منذ 480 يومًا في خدمة الاحتياط العسكرية". خ، الذي عاد منذ فترة قريبة من لبنان يقول: "في الوقت الحالي لا يسمحون للسكان هناك أن يصلوا إلى السياج. السؤال هو ما الذي سوف يكون عندما يخرج الجيش؟ من سوف يصل؟ أنا بشكل شخصي لست مطمئنًا طالما لا يوجد إعلان عن انتهاء الحرب".

م، مركّز الأمن في البلدة، استلم منصبه في – 5 من شهر تشرين الأول / أكتوبر. يقول م: "الأمن هنا في البلدة كان فوق أي انتقاد. قمت ببناء هذا القسم في وقت الحرب، تقريبًا بعد أن بدأت الحرب بشهر ونصف الشهر. فقط أبناء المكان. عمليًا تم إخلاء السكان، وبدأت بتلقي اتصالات هاتفية من الكثير جدًا من السكان الذين رغبوا في العودة. في البداية بقينا أكثر مع الفئة السكانية الكبيرة، تقريبًا 400 مواطن. سيدة كبيرة في السن التي تسكن في جرديح القريبة بالفعل من الحدود أُصيبت، وقمت بإنقاذها بنفسي. الجيش لم يوافق في نفس الوقت أن يصعد إلى هناك".
وأضاف م قائلًا: "أنا أعتقد أن تهديد الاقتحام يمكن أن يتحقق. في – 9 من شهر تشرين الأول / أكتوبر كان التسلل الأول في الحدود الشمالية، على مسافة 300 متر من هنا. يوجد هنا ما يقارب 300 بيت ببناء قديم التي هي بحاجة إلى وسائل حماية. أتت الحكومة مع قائمة 70 بيتًا، قلت لهم أنه يوجد هناك 300 بيت. هنا لا يوجد وقت للركض إلى الملاجئ العامة، لكن يوجد لدينا عدد من تلك الملاجئ العامة. في النهاية قمت بتوفير وسائل حماية إلى 50 بيتًا. يوجد 250 بيتًا آخر غير محمية".
وخلص م إلى القول: "الأصدقاء هنا هم أصحاب معنويات عالية منذ بداية الحرب. لأسفي الشديد أبلغونا أنه في – 1 من شهر نيسان / ابريل يجب التقليل من قوات التدخل السريع، من – 17 مقاتلُا إلى عشرة مقاتلين. هل هذا مطلب معقول؟ نحن على الحدود. كنت أتوقع أن يزيدوا، لا أن يقللوا".
لا يسارعون في العودة: " ماذا؟ أنت تضع خطًا وحزب الله لا يجتازه؟"
مزعل حتى الآن لم يعد إلى القرية. هو يسكن في نهاريا ويأتي إلى عرب العرامشة مرتين – ثلاث مرات في الأسبوع. ومضى مزعل قائلًا: "لا يوجد هنا مكتب، لا يوجد هنا أي شيء. أنا على وشك أن أنهي الدراسة للحصول على اللقب الثاني من الجامعة". وهو غير قلق من تقليل المنحة للأشخاص الذين تم إخلاؤهم الذين لا يعودون. وتابع مزعل قائلًا: "ماذا يعني 20 ألف شيقل مقابل هدوء نفسي؟".
من خلف الحدود تمتد قرية الضهيرة. من أحد الأحياء في عرب العرامشة يشاهدون القرية المدمرة. من بين الهدم يظهر أطفال يلعبون. وخلص مزعل إلى القول: "هم سنّة، لم يعملوا ضد إسرائيل أبدًا. هم سقطوا رهائن في أيدي حزب الله. ليس لديهم دعم في المنطقة. بالقرب منهم تقع القرية المسيحية رميش، إلى هناك لا يدخل حزب الله، توجد لديهم أسلحة وقوة". ويضيف أنه كان لعمه رحمه الله أقارب في قرية الضهيرة، إلا أنهم لم يسمعوا عن أخبارهم منذ اندلاع الحرب.

في ساعات الظهر يأتي الشباب إلى "مقهى على الحدود". إيال، من سكان المكان، أسس المكان قبل شهرين بعد أن تم تسريحه من جيش الدفاع الإسرائيلي. يقول إيال: "لا يوجد لدي ما أفعله في الخارج، ماذا، هل أذهب إلى العمل في محطة وقود في شلومي؟ فكرت في العمل كمستقل، من المفضل أيضًا أن أُنشئ إطارًا، زاوية للشباب في البلدة. هذه المصلحة التجارية أسستها للجنود ولشباب القرية".
وأضاف إيال قائلًا: "أنا خدمت كقصاص أثر في لبنان، مع البيت من خلفي. في الجيش خرجت لزيارة والديّ في الفندق. كيف يمكن أن تحدث هذه الاتفاقية؟ ماذا؟ أنت تضع خطًا وحزب الله لا يجتازه؟ هم يأتون كمواطنين شيعة". ويسارع إيال إلى تحضير الوجبة البيتية للقادمين إلى المقهى، نقانق في خبزة شطائر مع الكثير من الصلصات. مرة تلو الأخرى تتراوح المحادثة بين الوضع الاقتصادي والتخوف الأمني. مع انتهاء الاستراحة يقول إيال: "أنا سوف أبقى هنا. الناس هنا طيبون، يحبون الدولة. في النهاية سوف يكون كل شيء على ما يرام".