
"طالما يبحثون في مجال الجريمة المنظمة ولا يتحدثون عنها فقط من خلال لبديهة والحدس، يكتشفون بأنه توجد هناك خصائص مشابهة جدًا بين سلوك منظمات الإجرام وبين منظمات الإرهاب" – هذا ما قاله لـ ‘دفار‘ البروفيسور محمد وتد، مختص في القانون الجنائي ورئيس الكلية الأكاديمية رمات غان، حول مشروع القانون لمحاربة منظمات الإجرام الذي تتم مناقشته في هذه الأيام في لجنة الأمن القومي في الكنيست.
مشروع عضو الكنيست موشيه سعادة (حزب الليكود) يستعير أدوات من قانون مكافحة الإرهاب ويقترح ثلاث خطوات أساسية: منح صلاحيات لوزير الأمن القومي للإعلان عن منظمة على أنها منظمة إجرام بالاستناد إلى وجهة نظر شرطية، إيقاع ضرر اقتصادي بالمنظمات عن طريق مصادرة عقارات وممتلكات، وتقييد لقاءات مشتبه بهم مع محامين. ويستند المشروع إلى نسب فك ألغاز جرائم القتل في المجتمع العربي المتدنية (أقل من – 15 % تم فك ألغازها) وشكاوى مسؤولين كبار في الشرطة حول عدم وجود أدوات لمكافحة الجريمة المنظمة.
يعتقد البروفيسور وتد أنه يجب التطرق إلى منظمات الإجرام كما يتم التطرق إلى منظمات الإرهاب. وفقًا لأقواله، فإن التمييز هو مصطنع. وأضاف البروفيسور وتد قائلًا: "مركز النقاش حتى اليوم كان ‘ما هو لتمييز بين الجريمة المنظمة والإرهاب؟‘ إلا أن السؤال الذي يجب أن يُسأل هو ‘ما هو المشترك بين الاثنين؟‘".
وما هو المشترك بينهما؟
" أساس الإرهاب هو في نشر الخوف، وهذا الخوف قائم في المجتمع العربي، الناس هناك يخشون من الخروج إلى الشارع. يصعد شخص إلى حافلة ركاب، يتجول في الشوارع وفي الأسواق، ويعتقد في أن هناك مخربًا على وشك ان ينفجر. بينك وبين نفسك، أنت لا ترغب في أن تموت، لذا فإنه لا يهمك إذا كان دافعه هو قومي أو جنائي. قد تكون النتيجة هي نفس النتيجة. درجة الخطورة هي نفس درجة الخطورة، نظرًا إلى أن هذا ليس مجرد حادث، حادث عرضي يمر، بل هذا شخص الذي يرغب في ان يحقق هدفه".
وتابع البروفيسور محمد وتد قائلًا: "تعمل منظمات الإجرام تمامًا كما تعمل منظمات الإرهاب، فهي ترغب في أن تحقق الهدف مهما كان الأمر. هم يصلون إلى هدف معين الذين يرغبون في تصفيته، ويكتشفون أن هناك خطأ في التشخيص، وعلى الرغم من ذلك يقومون بتصفية من تواجد هناك. المهم أن لا تعود خالي الوفاض إلى من أرسلك. توجد هناك مؤشرات في الأبحاث التي تم إجراؤها في الآونة الأخيرة، بأن هذه هي التوجيهات في منظمات الإجرام. الخوف الموجود في المجتمع العربي من الخروج إلى الشارع، هو نفس مستوى الخوف، من الإجرام ومن الإرهاب. لذلك فإن هذا التمييز بين الاثنين هو تمييز مصطنع".
يشير البروفيسور وتد أيضًا إلى التعاون بين الجريمة المنظمة والإرهاب. ومضى البروفيسور محمد وتد قائلًا: "التعاون ليس دائمًا يحدث بشكل مباشر، في بعض الأحيان عن طريق وكلاء ووسطاء. نحن نتحدث كثيرًا عن الإرهاب في سياق الأمن القومي، إلا أننا عن الجريمة المنظمة لا نتحدث بمصطلحات الأمن القومي. منظمات الإجرام تنفذ مكائدها أولًا وقبل كل شيء عن طريق وسائل قتالية غير قانونية، التي تحصل عليها عن طريق التهريب من الحدود أو السرقة من أسلحة جيش الدفاع الإسرائيلي والشرطة. هذا تهديد للأمن القومي في كل الدولة، ولذلك لا توجد هناك فجوة بين الحاجة إلى محاربة الإرهاب وبين الحاجة إلى محاربة الجريمة المنظمة، وبنفس الأدوات".
"يجب إتاحة الإعلان عن منظمات الإجرام على أنها منظمات إرهاب، واستخدام برمجيات تجسس"
تم سن قانون مكافحة منظمات الإجرام في عام – 2003 ويعرّف العضوية في منظمة إجرام على أنها مخالفة جنائية. يمنح القانون الشرطة صلاحية لمصادرة ممتلكات وعقارات تابعة لمنظمة إجرام بشكل أوسع مقارنة مع إجرام ‘عادي‘. مع ذلك، وفقًا لأقوال وتد، فإن القانون الحالي يتعامل مع منظمات الإجرام في مراحل متأخرة من الإجراء الجنائي، بمعنى بعد الإدانة. المشروع الحالي يطلب تبكير التعامل القضائي والعمل في الواقع في مراحل الاعتقال والتحقيق.
يقول وتد: "ينقص مشروع القانون أمرن". وأضاف البروفيسور وتد قائلًا: "الأول – إعلان رسمي عن منظمات الإجرام على أنها منظمات إرهاب، والثاني – تعزيز الأدلة. إذا لم تكن لديك أدلة، فإنك لم تفعل أي شيء". وفقًا لأقواله، فإن منظمات الإجرام اليوم أكثر تطورًا ومنع استخدام برمجيات تجسس ووسائل تكنولوجية إضافية يقيد قدرة الشرطة في مكافحتها. مشروع قانون إضافي في الموضوع موجود أيضًا على طاولة اللجنة.
ومضى البروفيسور محمد وتد قائلًا: "المكافحة القضائية لمنظمات الإجرام هي ليست بسيطة. فهم ليسوا مجموعة من الأشخاص الذين تجمعوا سوية من أجل تنفيذ مخالفة، بل اتحادات جنائية بشكل فعلي. توجد لديهم تركيبة هرمية، دعم اقتصادي وقضائي، بل ومستشارين إعلاميين وأخصائيين نفسيين. إذا لم تكن لديك القدرة التكنولوجية، فإنك أيضًا لا تستطيع أن تجلب أدلة للإدانة. أنا لا أرغب في أن أصل إلى مرحلة الإدانة، بل أن أمنع الحادث الجنائي مسبقًا".
ردًا على السؤال هل يمس التشدد في القانون بحقوق الإنسان، أجاب وتد قائلًا: "يوجد هناك توتر، في كل تشريع جنائي، مع حقوق الإنسان. إلا أن حقوق الإنسان ليست مطلقة، هي مقيدة. هذا ما تحدد أيضًا في قانون أساس: كرامة الإنسان وحريته. من الواضح أنه يوجد هناك مس معين في الحقوق، إلا أن منظمات الإجرام أيضًا تمس بحقوق الإنسان".
وواصل البروفيسور محمد وتد حديثه قائلًا: "ولذلك، يجب أن نعرف كيف نستخدم هذا الأمر في الإشراف القضائي. الوضع القائم اليوم في إسرائيل هو أنه من الممكن بهذا الشكل أو بشكل آخر استخدام برمجيات تجسس، على أساس تفسير معين للوضع التشريعي القائم. يجب أيضًا تطوير هذه المنظومة، من الناحية التشريعية أيضًا". أمام التخوف من استخدام القانون بشكل مسيء يدعو البروفيسور وتد إلى الاعتماد والثقة بالدولة.
وخلص البروفيسور محمد وتد إلى القول: "في نهاية اليوم يجب الاعتماد والثقة بالدولة. الاعتماد والثقة بمنظمات تطبيق القانون التي تعمل بموجب القانون، وأنه توجد هناك رقابة من قبل المحكمة. رقابة المحكمة هي مضاعفة ومزدوجة. المحكمة هي تلك التي تدير الإجراء، هي التي تشرف على الإجراء من بدايته وحتى نهايته. بالطبع فإن في الإمكان الاستئناف. إذا لم يكن في الإمكان أن نعتمد وأن نثق بكل تلك، إذن من الأفضل ن نغلق الدولة".