
هل علمتم أن البحر هو مكان خطر حتى للسباحين المحترفين؟ والخطر أكبر حين يتعلق الأمر بالأطفال الذي يفتقدون إلى المعرفة والتجربة المطلوبة ومهارة الإفلات من المخاطر التي يشكلها البحر. فالبجر سرعان ما يتحول إلى مصيدة مميتة بالنسبة لهم. الغرق هو مسبب الوفاة الرائد في أوساط الأطفال وهو سبب الوفاة الثاني من حيث الحجم ويبلغ ذروته كل سنة في فصل الصيف.
ثقافة قضاء الوقت على الشواطئ متجذرة في إسرائيل وتتغلب على خشية الغرق في الشواطئ الخطرة. عموماً، الرأي السائد في إسرائيل بخصوص إصابة الأطفال جراء الحوادث هي أن هذه الأمور تحدث "للآخرين" وليس "لي أنا". والمغزى من ذلك هو أن الطريقة التي يتصرف بها الأهالي هي قناعتهم بأن "هذا لن يحدث لي". ولدعم هذه القناعة هناك ادعاءات مثل: "أنا والد مسؤول وسأرى المخاطر وفي اللحظة الحاسمة سأنجح بالتحرك للحفاظ على أسرتي. لدي خبرة سنوات عديدة في البحر ولن يحدث أي شيء واحتمال حدوث أمر ما هو ضئيل للغاية"
تم أول أمس افتتاح موسم السباحة في إسرائيل. الطقس الربيعي على الأبواب وسترتفع درجات الحرارة من الآن فصاعداً تدريجياً لتصل ذروتها في عز الصيف. وحقيقة أن دخول البحر في إسرائيل معفية من الدفع والحر الثقيل يجعلان البحر مكاناً مفضلاً على عائلات كثيرة لقضاء الوقت. المكوث قرب الماء أو في الماء مع هبوب النسيم خلال ساعات ما بعد الظهيرة وساعات المساء يخفف من ثقل الحرارة ويشكل ترفيهاً حقيقياً ويوفر أجواء من الحرية.
الاستحمام في الشواطئ غير الرسمية والتي تنعدم فيها خدمات الإنقاذ يشكل خطورة على العائلة بأسرها، وليس فقط على الأطفال ويتم ذلك الاستحمام خلافاً للقانون. ومع ذلك فإن 7% فقط من ساحل البحر في إسرائيل يشكل شواطئاً رسمية (باقي الساحل هو شواطئ غير رسمية أو لا مكانته غير معروفة). وهذه الحقيقة مفادها أن لا تناسب بين حجم الشواطئ المفتوحة رسمياً للاستحمام وفيها خدمات إنقاذ وبين حجم السكان. وهذا ما يجعل الكثير من الأهالي احتيار قضاء الوقت في الشواطئ غير الرسمية والتي تنعدم فيها خدمات الإنقاذ.

وهناك مشكلة كبيرة أخرى وهي الفجوة بين الساعات التي يقضي فيها الأهالي أوقاتهم على شاطئ البحر وساعات تشغيل خدمات الإنقاذ في الشواطئ. خدمات الإنقاذ في الشواطئ الرسمية ( أقلها حسب مواصفات العمل هو 8 ساعات، وعلى حد أقوال مدراء الشواطئ فإن معظم السلطات المحلية تلتزم فقط بالحد الأدنى من ساعات الإنقاذ) ينتج عنها انعدام توافق بين الحاجة وبين الاستجابة. يوم العمل في إسرائيل ينتهي عموماً الساعة الخامسة بعد الظهر والأهالي الراغبين بالذهاب إلى البحر مع أطفالهم بعد العمل ليس بوسعهم الوصول إليه قبل الساعة السادسة أو السادسة والنصف. وعموماً نجد أن خدمات الإنقاذ في معظم السلطات المحلية تنتهي في ذلك الوقت. وفي بعض الشواطئ يتم إخراج الناس من البحر قبل ذلك الوقت لكي يتسنى للمنقذين إنهاء وردية عملهم في الوقت المحدد.
حقاً هناك سلطات محلية معدودة تقوم بزيادة ساعات الإنقاذ بشكل متقطع- مثلاً، في ريشون لتسيون هناك ثلاثة شواطئ من أصل ستة تظل مفتوحة حتى ساعات متأخرة أكثر. وهذه مبادة مرحب بها من طرق السلطة المحلية لكنها محلية ولا تشكل حلاً شاملاً. معظم الشواطئ في إسرائيل لا تستجيب لحاجة العائلات وأطفالهن ولحاجة الشبيبة الذين يأتون إلى البحر. يفيد المنقذون أنهم يتعاملون مع حالات غرق في كل وردية عمل، وهذه الشهادة ما هي إلا تأكيد على أهمية خدمات الإنقاذ وملائمتها لاحتياجات العائلات.
الاستحمام في البحر هو قضاء ممتع لوقت الفراغ بالنسبة للعائلات وأطفالها في أشهر الصيف الحارة، لكن من المهم الحرص على قضاء هذا الوقت بالطريقة الأكثر أماناً. فما عدا مسؤولية الأهالي لمراقبة أطفالهم عن كثب، هناك دور كذلك للدولة. توجهت منظمة "بتيريم" لأمان الأطفال إلى وزارة الداخلية وإلى السلطات المحلية لتحثهم على العمل معاً لزيادة ساعات خدمات الإنقاذ اليومية وتوسيع رقعة الشواطئ الرسمية بشكل كبير وزيادة ساعت عمل المنقذين. يمكن منع حالات الغرق بل ومن الواجب منعها لن حياة أطفالنا هي أهم أمر بالنسبة لنا.