
منذ أن سقط أحمد أبو لطيف شهيدًا، يحرص شقيقه كايد على زيارة قبره. يقول كايد أبو لطيف: "لقد أتى إلى كل اخوتي، إلى كل العائلة، في الحلم، ما عدا إليّ لم يأت. من ناحية، هذا يثير الأعصاب جدًا، كما أن أحمد في حياته لم يعرف كيف يثير أعصابي، إلا أن هذا يعزي.
أنا أعتقد أن أحمد لا يأتي إلي في الحلم، لأنه يريد هذا الوقت في يوم الجمعة. أنا أعتقد أنه ربما لو أتى إليّ في الحلم، حينها ربما أنا لن آتي إلى القبر في يوم من أيام الجمعة. إلا أنني أحرص منذ أن سقط شهيدًا، كل يوم جمعة، بعد صلاة يوم الجمعة، أنا آتي، أجلس عنده لمدة ساعة، ساعتين، ثلاث ساعات، وأنا أحدثه حول ما مر معي في هذا الأسبوع، ما الأمر الذي يغضبني، ما الأمر الذي يعزيني، ما هي الأمور التي سوف أعمل عليها، في الأسبوع القادم، ماذا فعلت هذا الأسبوع. هذه أحاديث التي تحوّلت إلى أن تكون جزءًا من حياتي الطبيعية الروتينية الأسبوعية".
بعد سنة وثلاثة أشهر من سقوط أحمد أبو لطيف شهيدًا، يرغب شقيقه، كايد، في تخليد ذكراه بقصص وأحاديث مع طلاب المدارس الثانوية قبل التجنيد.

يأمل كايد بأن تخيف الحكايات أبناء الشبيبة وتغيّر رأيهم ويقول: "بالنسبة لي، لوالدي وللعائلة من المهم بالنسبة لنا أن نخلّد ذكرى أحمد. تقريبًا في كل أسبوع، نحن نسافر إلى لقاءات في مدارس. من المهم بالنسبة لي أن يسمع طلاب المدارس الثانوية، لحظة قبل التجنيد، عن أحمد. نحن نرى خطابًا متشابكًا جدًا، خطابًا ليس بسيطًا جدًا، وهذا خطاب يفرّق ويقسّم جدًا".
سقط الرقيب أحمد أبو لطيف شهيدًا في الحرب في – 22 من شهر كانون الثاني من عام 2024. يقول كايد، شقيقه البكر: "كان هو شخصًا يقدم المساعدة للآخرين". وأضاف كايد قائلًا: "فهو عندما سأل إذا كان كل شيء على ما يرام، ها توجد هناك حاجة لتقديم المساعدة، هو لم يفعل ذلك من الفم إلى الخارج (مجرد كلمات)، بل لأنه في الحقيقة قصد ذلك". اعتاد كايد أن يجعل أحمد يؤم في الصلاة، على الرغم من أنه لم يكن الشقيق البكر. وتابع كايد قائلًا: "هذا أسعدني إلى درجة كبيرة، وأنا كنت أنتظر تلك الصلوات، كانت تلك صلوات خاصة".
يقول كايد أن أصدقاء اختاروا أن يخلدوا ذكرى أحمد برسمة الشجرة المعطاء. ومضى كايد يقول: "هم قاموا بتنفيذ تلك الرسومات الجدارية الضخمة للشرجة المعطاء، وقالوا هذا هو الإنسان. هناك أيضًا من قاموا بعمل وشم على اليد مع الشجرة المعطاء، كتبوا اسمه، لأن هذا الإنسان الذي أعطى، أعطى من دون أن يفكر مرتين".
كايد مسرور من اللقاء من دون واسطة مع أبناء الشبيبة. وواصل كايد حديثه قائلًا: "ليس مهمًا إذا كنت موجودًا في رهط، في القدس أو في هرتسليا، هذا يهمهم. هم يرغبون في التعرف عن قرب، هم يرغبون في الاستماع، ويطرحون أسئلة موضوعية بالفعل. هذا يثيرهم، هذا أمر يسمعون عنه في الأخبار، وحتى إذا سمعوا عن ذلك، فهذا بلون معين".
في اللقاء الأخير في هرتسليا التقى كايد مع الطلاب إلى جانب مندوب عن عائلة ثاكلة درزية وعائلة ثاكلة من المدينة. وأردف كايد قائلًا: "من المثير جدًا أن تتعرف بشكل أعمق أكثر، ما وراء سطرين في صحيفة. من المهم جدًا بالنسبة لي أيضًا أن أتعرف على عائلته بشكل مباشر".

وأضاف كايد يقول: "سأل الطلاب عن الخلفية التي أتينا منها، عن السبب. على الرغم من أننا نعيش في نفس المكان، إلا أنهم لم يكونوا ولا مرة في رهط". الأحاديث والاسئلة من جانب الطلاب في بعض الأحيان تحبط كايد، يقول كايد: "هم لا يعرفون أين تقع رهط. هذا مؤلم أنه يوجد هناك جهل مطلق. هذا الأمر أغضبني، فنحن نعيش في نفس الدولة". كايد محبط ولا يفهم ويدرك كيف أنه بعد 12 سنة تعليم وأبناء الشبيبة لا يعرفون اين تقع رهط. ومضى كايد قائلًا: "يقولون لي، لا تقلق، الجيش سوف يصلح ذلك، الأيام سوف تصلح ذلك. خسارة فنحن مجتمع متنوع جدًا. هذا مثل أن تصلح فيلم في مرحلة التحرير، ما الذي يمكن فعله في التحرير؟".
ويسارع كايد مضيفًا: "إلى جانب هذا الغضب، فهذا يمنحني دفعة للاستمرار". الأسئلة التي يتأثر منها كايد هي الأسئلة عن شقيقه، أحمد، وعن الثقافة "عن الأكل، عن الوجبات المشتركة".
يقوم كايد بهذه اللقاءات بشكل تطوعي. يقول كايد أبو لطيف: "من المهم جدًا بالنسبة لي أن أجري هذه اللقاءات، لأنني أخلد ليس فقط ذكرى أحمد، شقيقي، ليس فقط جزءًا هامًا في روحي، بل أيضا جميع الذين سقطوا شهداء. لا توجد تضحية أكبر من أن تضحي بحياتك. أنظر إلى جميع صورهم، هم يبتسمون. أنا أعتقد أن هذه وصية، ليس فقط للعائلات الثكلى، بل بشكل عام".
في أيام حياته عمل أحمد أبو لطيف وعاش التعايش والشراكة بين المجتمع اليهودي والمجتمع العربي في النقب.
ما الذي تبقّى من ذلك بعد موت أحمد؟
"مَن ظل على قيد الحياة هو الذي يجب عليه أن يجب على هذا السؤال في اليوم الذي يلي الحرب. الحرب مهما كانت قاسية، فسوف تنتهي. هذه الحرب هي سهلة، هي ليست بسيطة، إلا أنها سهلة لأنك تعرف من هو العدو الذي يقف أمامك. ما يخيفني هو أن أفكر في اليوم الذي يلي الحرب.
جميعهم تحدثوا عن حارس الاسوار وتحدثوا عن حرب أهلية. أنا في الحقيقة أخاف من هذا اليوم الذي يلي. قد يكون سقوط أحمد شهيدًا تماسك المجتمع الإسرائيلي. نحن معًا، نحن خرجنا معًا إلى القتال، نحن سقطنا معًا، كونوا موحدين. لا توجد تضحية أكبر من أن تضحي بحياتك من أجل فكرة، من أجل دولة، من أجل أمن أساسي. أنا أرى الخطاب السائد، وهذا محبط".
في الوقت الحالي فإن العمل الذي لا ينتهي يشغل أبو لطيف وتغرس فيه الأمل. وخلص كايد أبو لطيف إلى القول: "العمل، اللقاء، التراكض، هذا تعب جميل، هذا تعب مبارك جدًا بالنسبة لي، وأنا أشعر بأنني أساهم في شيء، من أجل جميع الذين سقطوا شهداء، ومن أجل شقيقي الذي أشتاق إليه إلى هذه الدرجة".