
يقول سعيد أبو – ليل، والد وديع سعيد أبو – ليل الذي يبلغ من العمر (21 عامًأ) الذي أُصيب بجروح خطيرة في حادث دراجة نارية، وفي الأسبوع الماضي تم الإعلان عن وفاته في مستشفى رمبام: "في اللحظة التي وصلنا فيها إلى نهاية الطريق من ناحية طبية، جلسنا أمام اللجنة، وفي داخلنا عرفنا أن هذه هي النهاية، وفي اللحظة التي سألونا فيها إذا ما كنا معنيين بالتبرع بأعضائهن كانت هناك فقط نظرة بيني وبين زوجتي، نظرنا كل منا إلى الآخر وعرفنا أن الإجابة هي نعم".
وديع، هكذا يقول والده، كان شابًا الذي فقط بدأ الحياة. وتابع سعيد أبو – ليل قائلًا بحزن: "تطوع هو في الشبيبة العاملة والمتعلمة عندنا في القرية، مثلي، كان مرشدًا وتطوّع دائمًا. في السنة الأخيرة تردد حول أي موضوع سوف يدرسه في خارج البلاد، وكنا قريبين من أن نقرر بأن يدرس الصيدلة، إلا أن القدر من الأعلى سقط علينا، ولم ننجح". ومضى أبو – ليل قائلًا: " هو كان إنسانًا مليئًا بحب الناس، مليئًا بحب الحياة. في جنازته رأينا حبهم إليه، في عدد الأشخاص الذين وصلوا بتقديم التعازي. أكبر جنازة في تاريخ عين ماهل".


في يوم الخميس الموافق 18 من شهر نيسان / ابريل تزحلقت الدراجة النارية التي كان يقودها وديع في شارع متهالك في منطقة شفا عمرو. وقد أُصيب بجروح خطيرة وأُصيب في جذع الدماغ. يقول سعيد أبو – ليل: "في الأيام الأربعة التي استلقى فيها في المستشفى منذ الحادث ظلت الابتسامة على وجهه". وأضاف أبو – ليل قائلًا: "ترك هو خلفه والدته سلام، اخوته الصغار محمد، يوسف وريم، وأنا. كان هو ابني الأكبر. حتى الآن أنا أشعر أنه على قيد الحياة، حتى لو أنني أعرف أنه توفي، إلا أنني أسمع دقات قلبه قريبة".

وتابع أبو – ليل قائلًا: "أنا فخور بأنني ربّيت رجلًا الذي كان يعطي الناس، دائمًا عندما يكون هناك أطفال الذين يتسولون الصدقات في المفترقات كان يطلب مني أن أتوقف وأن نعطيهم الماء أو الطعام. كان لديه الكثير من الأصدقاء الذين جاؤوا إلى بيتنا، كلهم أحبوه. أنا واثق مليون بالمائة أنني لو سألته حول التبرع بالأعضاء، لكان سوف يقول نعم. هذا ابني، أنا ربيته على تقديم المساعدة للناس".

تم التبرع بخمسة أعضاء من وديع إلى مرضى الذين هم بحاجة إليها، من دون تدخّل العائلة بالطبع. سعيد يقول أن عائلة الشخص الذي حصل على قلب وديع حضرت إلى جنازة ابنه. ومضى سعيد أبو – ليل قائلًا: "انه رجل مع أطفال الذي كان في خطر على حياته، ابني توفي إلا أن نور حياته خرج إلى حياة آخرين. ابني لم ينقذه هو فقط، بل كل عائلته".
القرار أكثر تعقيدًا بالنسبة لمسلمين مؤمنين. وواصل أبو – ليل حديثه قائلًا: "مع كل الألم، قلت للطبيب: تبرعوا بأعضاء ابننا لإنسان، لمن هو في حاجة – ليس مهمًا لي العرق، الدين، اللون. هذا الامر الذي يعزينا في هذا القرار، سوف تكون لنا صدقة من الله، فليستريح في قبره إن شاء الله. في الوقت الذي لا أعرف لمن ذهب التبرع – من ناحية دينية فإنني معفي. أعطيت من أجل الله، من أجل ابني، من أجل إنقاذ حياة".
يطلب سعيد من الأشخاص الذين حصلوا على أعضاء ابنه أن لا يشعروا بأن لديهم التزامًا للعائلة. وخلص سعيد أبو – ليل حديثه بالقول: "أرجو أن لا يشعروا بأنني صنعت لهم معروفًا. المهم بأن يكون إنسانًا. جميعنا أخوة في هذا العالم، وأنا آمل بأن تصل أعضاؤه إلى أناس طيبين. قمنا بعمل خير من أجل ابننا. على الرغم من الألم والكارثة الكبيرة، منحنا أملًا. لأسفي الشديد أنه ليس موجودًا الآن، جسده رحل، إلا أن روحه معنا. لن ننسى".