
"بلدات الدروز في سوريا مرت باعتداء إرهابي الموجّه للتطهير العرقي. الحدث لن ينتهي في الفترة القريبة ما لم يكن هناك اتفاق سياسي الذي يضمن حقوق الدروز" – هذا ما قاله في يوم الإثنين (5 / 5) الرئيس الروحي للطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ موفق طريف، في مؤتمر ‘الدروز وأمن إسرائيل، تحالف الدم قولًا وعملًا‘ الذي تم تنظيمه في الكلية الأكاديمية الجليل الغربي. بالإضافة إلى مناقشة الوضع في سوريا، تناول المؤتمر ضائقة المجتمع الدرزي في إسرائيل، وانتقاد المجتمع الدرزي لقانون القومية.
على حد أقوال الشيخ طريف، "فإن الطائفة الدرزية طالبت بأن تكون ضالعة، فهي لن تضع السلاح ما لم يتم تنظيم مكانتها. أنا آمل بأن يندمج الدروز في سوريا مع المحافظة على حقوقهم. وتطرق الشيخ طريف إلى الدروز في إسرائيل وقال "بأننا لا نتدخل في شؤونهم إلا أننا على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة لهم". وعلى حد أقواله، "نحن نأمل بأن تستطيع دول العالم أن تُخرج سوريا من الطريق المسدود الذي وصلت إليه، وأن تندمج كل الطوائف في السلطة. إن مثل هذا النظام قد يؤدي إلى التوصل إلى سلام".
وانتقد الشيخ طريف إهمال المجتمع الدرزي على الصعيد المدني، على الرغم من مساهمته الأمنية. وأضاف الشيخ موفق طريق قائلًا: "يشكل الدروز عاملًا ومكونًا رئيسيًا في أمن إسرائيل. الطائفة مندمجة في أجهزة الأمن، إلا أن دولة إسرائيل لا تنجح في أن تحقق الرضى في حياة المواطنين. تعلمنا أهمية الاستيطان بالنسبة للأمن. يجب أن تكون البلدات الدرزية قوية. توجد هناك أزمة متواصلة في السكن".
وأنهى الشيخ موفق طريف حديثه بدعوة إلى إطلاق سراح المخطوفين. وقال الشيخ طريف: "من واجب الدولة أن تُعيد المخطوفين وهذا أولى من أي مصلحة أخرى".
"يجب خلق هوية إسرائيلية محتوية"
وشرح الدكتور يسرائيل بن دور أمام الحاضرين تاريخ تشكيل تحالف الدم، وتطوراته المختلفة في صورة خدمة الدروز في جيش الدفاع الإسرائيلي. وعلى حد أقواله، يتواجد الدروز اليوم في مرحلة الدمج الكامل، ما يعني فتح كافة مسارات التقدم وكافة مسارات الخدمة أمام الدروز.
وجدي سرحان الذي عمل كرئيس مديرية الفئات السكانية في جيش الدفاع الإسرائيلي في عام – 2016، ويعمل اليوم على إقامة حزب درزي، عرض جانبًا آخر من الدمج الكامل. وعلى حد أقواله فإن الشباب الدروز اليوم مروا بعملية "أسرلة"، وهم منفتحون أكثر على العالم. يتمثل هذا الأمر في ارتفاع المصلحة الشخصية الذي يدفع نحو التجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي. مع ذلك تحفظ سرحان وقال بأن نسب التجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي في صفوف أبناء الشبيبة الدروز ظلت مرتفعة. وعلى حد قوله فكما يحدث أيضًا في المجتمع الإسرائيلي العام فإن عددًا أقل من الشباب يختارون مهنًا قتالية. وقد عزا ذلك إلى التربية في البلدات الدرزية. وتابع سرحان قائلًا: "يجب على 60 % من أبناء الشبيبة الدروز أن يعملوا معه ويجب التحضير للتجنيد في جيش الدفاع الإسرائيلي".
ودعا الدكتور شوكي امراني إلى تغيير الخطاب في موضوع مكانة الدروز في المجتمع الإسرائيلي. يقول الدكتور شوكي امراني: "بعد 77 عامًا في الواقع ليست هناك حاجة إلى الإشارة إلى مساهمة الدروز. يجب أن نخلق شيئًا جديدًا، بأن لا تكون هناك حاجة إلى تعابير ومصطلحات مثل ‘تحالف دم‘ و ‘تحالف حياة‘. وقد أشار إلى التغيير في ما يحدث في صفوف الشباب الدروز وادعى بأنه "يجب على دولة إسرائيل أن تفهم وأن تدرك بشكل حقيقي أهمية العلاقة مع الطائفة الدرزية. يجب رعاية العلاقة، ويجب تقديم رد على المشاكل".
رضا منصور، الذي أنهى في الآونة الأخيرة خدمته كدبلوماسي في خدمة الخارجية الإسرائيلية وكان السفير الدرزي الأول، شرح تاريخ اندماج الدروز في الخدمة الخارجية لإسرائيل. في تطرقه إلى وضع الدروز في إسرائيل قال بأن "التغيير لم يحدث لأن الدولة لم ترغب في ذلك". وعلى حد أقواله، "فإن الثقافة اليهودية لا تزال مغتربة (شتاتية). غريزة اليهود هي الاهتمام باليهود. حتى الآن لم تتطور هوية إسرائيلية، ‘إسرائيل تهتم بالإسرائيلي‘. الدروز في الواقع طوّروا هذه الهوية، أنشأنا وطنية رسمية إسرائيلية". وحذر منصور من ما يحدث في سوريا، وعلى حد قوله فإن الفشل والإخفاق السوري في إنشاء هوية سورية التي تضم كل الطوائف والأقليات أدى إلى الحرب الأهلية في الدولة. وخلص رضا منصور إلى القول: "الأمر متعلق بالجمهور، يجب خلق هوية إسرائيلية محتوية".
وقال كرمل يوسف نصر الدين، رئيس الحركة الدرزية الصهيونية في إسرائيل: "نحن نرغب في صهر مضمون جديد في التحالف بين الشعبين". وعلى حد قوله فإن التحدي الكبير في صفوف أبناء الشبيبة هو أن الشاب الدرزي يقارن نفسه بالشاب العربي ويرى أن وضعه ليس أفضل، على الرغم من أنه خدم في جيش الدفاع الإسرائيلي. ودعا نصر الدين إلى تربية أبناء الشبيبة اليهود وتعليمهم حول مساهمة الدروز في بناء الدولة وتربية أبناء الشبيبة الدروز على أن يفرّقوا بين الدولة وبين السلطة. وأضاف نصر الدين قائلًا: "دولة إسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في المنطقة التي يمكن فيها أن نناضل من أجل الحقوق. السلطة تلزمنا بالنضال طوال الوقت". وقد أنهى نصر الدين حديثه بنداء بأن "قانون القومية يجب أن يرحل من العالم".
"نحن طائفة مع علمين، لا يوجد بينهما تعارض"
القسم الأخير من جلسة النقاش سوف ننتقل للحديث حول قانون القومية والأزمة في التحالف بين الطائفة الدرزية ودولة إسرائيل.
وقال الدكتور عنان وهبة أنه "يوجد في الشرق الأوسط انخفاض في الخطاب الوطني القومي وارتفاع في الخطاب الديني، وكذلك أيضًا ارتفاع في سلوك سياسي عابر للحدود القومية". وأضاف أنه لا يوجد جدال حول الحق في تقرير المصير للشعب اليهودي وحول الحاجة إلى تضمين ذلك في أشكال رسمية. وأوضح وهبة قائلًا: "المشكلة هي في مكانة اللغة العربية". وتابع وهبة قائلًا: "نحن جزء من الثقافة العربية. الدولة وضعت ثقافتي كثانوية. مع تقليص الحيز الشرعي تبلورت من جديد الخصائص المميزة للشعب الدرزي، ونحن نرى المزيد من الأعلام الدرزية. نحن طائفة مع علمين، لا يوجد بينهما تعارض. المشكلة الرئيسية هي غياب كلمة ‘مساواة‘". وادعى وهبة أن الجدال حول القانون يعكس قضية الانتماء، وليس قضية الهوية.
ويعتقد الدكتور وهبة أن القانون هو فشل فكري، إذ أن أقوى تحقق وإثبات على العلاقة بين الشعب اليهودي وأرض إسرائيل هو تحقق وإثبات روحاني الذي يتجسد في وعد من الله. وعلى حد قوله، فإن قانون القومية هو ما بعد الصهيونية، لأن الصهيونية بلورت وصاغت نفسها حول وثيقة الاستقلال. وأنهى الدكتور وهبة حديثه قائلًا: "لقد حان الوقت للصهيونية في أن تعيد حساب المسار من جديد، لأنها تتلاشى مع صعود الفكري الوطني القومي – اليهودي. إن غياب الدستور هو تحصن في قيود 48. هذا نقاش يهودي عميق في ما يتعلق بهوية الدولة. لن نحصل على قانون للدروز فقط. توجد هناك حاجة إلى قفزة قدمًا إلى الأمام إلى دستور يصحح كل الإخفاقات".
وأوضح المحامي إياد فراج، المستشار القانوني للمجلس الديني الدرزي الأعلى، كيف يؤثر في الواقع قانون القومية على قرارات الحكم في المحاكم. وقال المحامي إياد فراج: "أنا لا أرغب في المساواة، أنا أرغب في دولة وطنية قومية. إلا أنني لا أرغب أن أكون جندي مرتزقة، قانون القومية أخذ وطني. هو يمس في أهم شيئين لدى الدروز – الأرض والكرامة". ودعا المحامي إياد فراج إلى إضافة الدروز إلى قانون القومية.
وعرض الدكتور يعقوب حلبي جانبًا آخر حول قانون القومية وقال: "تم تخصيص قانون القومية تجاه الخارج. قانون القومية أخفى معالم الحدود بين دولة إسرائيل وأرض إسرائيل. جاء قانون القومية من أجل منح صلاحية قانونية للاستيطان في ما وراء الخط الأخضر". الدكتور حلبي دعا الدروز إلى تقييم تبعات قانون القومية وتساءل لماذا يجب على الشاب الدرزي أن يتجند من أجل أن يخدم السياسة التي تناقض القانون الدولي. في المقابل، رحب الدكتور رمزي حلبي، رئيس جمعية ياد لبانيم الدرزية بما هو قائم، بالخطة الخماسية الأخيرة وبقرار حكومة إسرائيل بالتدخل في سوريا من أجل الدروز. ودعا إلى مشاركة فاعلة للدروز في الخطاب العام. وقال الدكتور رمزي حلبي: "كإسرائيلي، نحن لا نتنافس بما فيه الكفاية حول أي دولة نرغب بها هنا. كإسرائيلي الذي تهمه الدولة، أنا أرغب في أن يسير كل مواطن في الدولة مع رأس مرفوع".