
يقول إبراهيم الجريبي الذي يبلغ من العمر (40 عامًا)، عضو في لجنة قرية السر غير المعترف بها في النقب وهو يشير إلى طفل يلعب في الهاتف النقال : "هذا الطفل يبلغ من العمر تسع سنوات". وأضاف الجريبي قائلًا : "كذلك يوم أمس كان هكذا، وكذلك يوم أمس الأول. فهو لم يشارك في الاحتفال في المدرسة، لأنه لم يستيقظ في الصباح. ليس لديه حقيبته، ليس لديه كتبه. كل شيء ذهب مع أعمال الهدم. بدلًا من الاستعداد للعيد، لشراء الملابس وليكونوا سعداء ومسرورين، فإن الأطفال ملقيون في ساحة المدرسة".

"الغرف الدراسية مأهولة بالعائلات"
الجريبي، أب لأربعة أولاد وهو مالك شركة نقليات، وهو يهتم في هذه الأيام باحتياجات السكان الذين تم هدم بيوتهم على يد الدولة في النقب، ويبيتون منذ أسبوعين في المدرسة الابتدائية ‘المستقبل‘ الموجودة في البلدة البدوية شقيب السلام. ويشير إلى أحد الأطفال، الذي يبلغ من العمر تسع سنوات، الذي يلعب في الهاتف النقال : "هذا الطفل، قاموا بهدم بيته، وهو موجود من دون إطار. ويوجد هنا على الأقل 100 طفل مثله. هل هذا الطفل سوف يكون مع الدولة؟ نحن نريد أن يكون مع الدولة. فليتعلم، فليساهم، فليفعل كل شيء. فليبدأ الحياة. يستحق أن يعيش، لكن من دون بيت – كيف سوف يعيش؟".
في أيام الحياة العادية الروتينية في المدرسة يتعلم ما يقارب – 1.200 طالب من بينهم من مواليد قرية السر، إلا أنهم ومنذ أسبوعين عمليًا لا يصلون إلى المدرسة. في الفناء تنتشر فرشات وبطانيات، وتم في المركز إقامة خيمة التي يتم استخدامها للرحلات. يقول الجريبي : " الغرف الدراسية مأهولة بالعائلات"، وصرخ الجريبي قائلًا : "هنا ينام الشباب وفي الداخل تنام النساء والأطفال الصغار. لا يعقل أن سيدات كبيرات في السن، اللواتي هن موصولات بأجهزة يبتن في مدرسة".
في يوم الأربعاء قبل العيد وصلت أخبار إلى الجريبي حول جرافات التي أتت من أجل أن تهدم بيوتًا أخرى في القرية. وبينما هو يفحص الموضوع ويستعد للسفر إلى المكان، يقول بيأس : "أنا أحاول أن لا أسمع، فهذا يجعلني أشعر بأنني لست على ما يرام. الناس يقولون ‘نحن لن نخرج. فليقوموا بهدم البيت علينا‘. وحدة يوآف تداهم في الساعة – 6:00 صباحًا الناس الذين سوف يتم هدم بيوتهم وتقوم بإلقاء القبض عليهم، تقوم بإهانتهم. لماذا يجب إهانتهم؟".

الجريبي نفسه لم يذهب إلى العمل منذ أسبوعين. ومضى الجريبي يقول : "لا توجد هنا حمامات. أنت تستطيع أن تأكل، أن تشرب وأن تنام. لكن أن تستحم، أن يكون هناك مكان لأمور شخصية، لا يوجد". في ساحة المدرسة يتجول عدد من أبناء الفتيان والأطفال. وتابع الجريبي قائلًا : "الشباب يتجولون. هم يخرجون، يدخلون وينامون. ن دون أي إطار".
لعدة لحظات يهب الفتيان في المكان وبقيادة الجريبي ويقومون بتنظيف ساحة المدرسة. بعد ذلك بعدة دقائق يجلسون في الظل مرة أخرى. أحدهم مع سيجارة، والثاني مع الهاتف وعدد منهم يتحدثون، يحاولون أن يمرروا الوقت.
مع ذلك كيف يعيشون هنا؟
يعبر الجريبي عن الإحباط والألم العميق قائلًا : "هذه ليست حياة. فقط ننتظر أن ينتهي النهار وينقضي الليل"، وأردف الجريبي قائلًا : "الموت أفضل. إذا كنت من دون بيت، فأنت من دون أي شيء. يقومون بهدم البيت، ماذا يوجد في ذلك من أجل أن نعيش؟ ليست لديّ الرغبة في الخروج إلى العمل. في الأسبوع القادم سوف يقومون بهدم 42 بيتًا إضافيًا".
يجد الجريبي صعوبة في المحافظة على التفاؤل أمام أولاده ويقول : "في بعض الأحيان هم يوجّهون أسئلة، التي أخجل أنا من الرد عليها. هم يحلمون بمستقبل، واثقون من أن الوضع هنا سوف يكون جيدّا، الآن هم خائبو الأمل".
قبل عامين وقّع سكان قرية السر على اتفاقية مع سلطة تنظيم توطين البدو، لإخلاء بيوتهم مقابل الحصول على قطع أرض منظمة في الحي الذي سوف يتم إنشاؤه على أراضي القرية. يقول إبراهيم الجريبي وهو ممتلئ بروح القتال : "هذه الاتفاقية هي اتفاقية مضحكة". وأضاف الجريبي قائلًا : "قبل عامين وقّعوا على اتفاقية التي كان هؤلاء السكان على مدار 22 شهرًا من المفروض أن ينتقلوا إلى مساكن دائمة في الحي الغربي الذي سوف يتم إنشاؤه في شقيب السلام. لكن ماذا فعلت السلطة في هذه الـ – 22 شهرًا؟ هل قامت بتطوير المنطقة؟ هم لم يفعلوا أي شيء في هذه الفترة. قاموا بهدم البيوت لهم وقالوا اذهبوا وتدبروا أمركم في مركز الثقافة وأبناء الشبيبة والرياضة (المركز الجماهيري – متناس) أو في مدرسة. بالقوة يمكن فعل كل شيء".

وواصل الجريبي حديثه قائلًا : "السلطة جعلتهم يوقّعون من من ناحية، ومن الناحية الأخرى لم تقم يفعل أي شيء. الخلل هو لدى السلطة، وليس لدى السكان. السكان يريدون أن يأتوا، إلا أنه لا يوجد لهم في الواقع أي مكان. نحن مع التنظيم".
ويؤكد الجريبي قائلًا : "نحن لم نكن ذات مرة ضد الدولة، وكذلك لن نكون، نحن جزء لا يتجزأ. ومضى الجريبي يقول : "هؤلاء السكان والبدو على وجه العموم، قاموا بفعل ما عليهم في السابع من شهر تشرين الأول / أكتوبر. نحن ايضًا دفعنا الثمن".
يعتقد الجريبي أن تطوير الحي الجديد سوف يستمر على الأقل لمدة شهرين وقال : "فليعطوا الناس أماكن التي يمكن أن يسكنوا فيها بشكل مؤقت. من غير الممكن تركهم، هكذا، تحت اشعة الشمس. لا يمكن تجاهل هؤلاء الناس".

قبل العيد اجتمع في القدس ممثلون عن القرية وعن المجتمع البدوي مع ممثلين عن رئيس الحكومة، من أجل طرح حلول للأزمة التي نشأت. يقول الجريبي : "جميعهم موجودون. كل المنظمات، بما في ذلك رئيس مجلس شقيب السلام المحلي، جميعهم يجلسون على الطاولة، لكن من الناحية الأخرى لا يوجد أي شخص يجلس معهم لإيجاد حل". وعلى حد قول الجريبي فإن السكان في الوقت الحالي يفضلون أن يظلوا في المدرسة. وختم الجريبي حديثه قائلًا : "إلى أين يذهبون؟ لا يوجد أي أحد الذي يرغب في أن يكون هنا، إلا أنه إذا لم يكن هناك حل، فإنه لا يجد هناك خيار آخر أمام هؤلاء الناس. يجب الجلوس على الطاولة وحل القضايا، لا توجد هناك مشكلة في العالم والتي لا يوجد لها حل".