على تلة صخرية في منطقة تل عراد تم نصب خيمة كبيرة من جلود الماعز، بخطوط بنية وبيضاء. يتسلق الأطفال أعلى التلة، في الوقت الذي تجري في الخيمة ترتيبات أخيرة ليوم تعليم إضافي في المدرسة المؤقتة "النادي الخاص بأبي جودة".
بدأ النادي بالعمل في الأسبوع الماضي. "في الوقت الطبيعي يتعلم الأطفال في المدارس المجاورة، وبشكل خاص في كسيفة (البلدة البدوية القريبة، يانيف شارون)"، يقول عبد الرحمن، أحد مشايخ عائلة أبو جودة. اغلاق جهاز التربية والتعليم في أعقاب تفشي وباء الكورونا أبقى الأطفال بدون رد تربوي. واقع عدم وجود حواسيب واتصال بالانترنت في بيوتهم لم يمكّنهم من التعلم عن طريق الانترنت. يقول محمد أبو جودة: "يجب عليّ أن أصعد الى الجبل القريب من أجل أن يكون لدي استقبال في هاتفي".
ووفقا لأقواله، "وصلت الفكرة من أحد الطلاب الجامعيين، الذي بدأ يعلّم 4 – 5 أطفال في غرفة صغيرة، بدون زوم وبدون انترنت. لأنه ليس لدينا بنية تحتية للانترنت. يوجد لاسلكي ولكن لا يوجد استقبال. رأيت، أثار اعجابي، بنيت خيمة وبدأنا".
يقول أبو جودة، معلم التربية الخاصة والرياضيات، أن الطلاب في النادي يحظون بإثراء واستكمالات في دراسة اللغة العبرية، اللغة الإنجليزية، الرياضيات وكذلك اللغة العربية.
"الأطفال مسرورون الى أقصى درجة، لأنهم كذلك شعروا باليأس"
في الخيمة، قسم من الأطفال يجلسون على كراسي من البلاستيك وقسم منهم يجلسون على سجاد او فرشات مفروشة على الاسفلت المجروش. وعلى الجانبين تم نصب الواح قابلة للمسح. وينقسم الأطفال الى مجموعات تعليمية كل مجموعة تتكون من 4 – 5 أطفال، حسب الجيل. قسم منهم في داخل الخيمة، وقسم منهم في الخارج وتتواجد مجموعة أخرى في غرفة صغيرة موجودة في الجوار. قسم منهم حول طاولة، ويتكئ قسم منهم فوق الكتاب المفتوح على ركبيتهم. ويتجول المعلمون والمعلمات بين المجموعات.
"المعلمون جميعهم من العائلة، وكلنا نعيش في الحي"، يوضح ويضيف: "توجد هنا معلمات، مستشارات تربويات. هذا قال ‘أنا سآتي في الساعة الثامنة‘، وهذا يصل في الساعة العاشرة".
حول التلة تنتشر بيوت عائلة أبو جودة. وتشاهَد من بعيد بيوت كسيفة. حار جدا في الخيمة، ولكن الأطفال وكبار السن يحرصون على ارتداء الكمامة وعلى التباعد الاجتماعي المطلوب.
عبد الرحمن ينظر الى ما يحدث في النادي، وابتسامة كبيرة تعلو وجهه. "والله أن هذا ينقذ الأطفال وينقذ أولياء أمورهم"، يقول ويضيف: "كل يوم كنت أرى الأطفال يركضون في الميدان، لا يوجد لديهم هنا كهرباء، ولا توجد حواسيب، لذا كانوا يركضون ويسقطون ويقطعون الشارع بصورة خطيرة. الآن وبينما لدينا هذه المدرسة الصغيرة، فانهم مسرورون الى أقصى درجة، لأنهم كذلك شعروا باليأس".
في الساعة 10:30 كلهم يخرجون الى استراحة، ويأكلون ما أحضروه معهم من البيت. بعد ذلك بعدة دقائق، يتجمع الأطفال مرة أخرى من أجل الأنشطة الإبداعية والحرف اليدوية حتى الساعة 12. "في الساعة الرابعة تماما، يعودون، إذا كان هناك من سيجلس معهم"، يقول أبو جودة، الذي يلاحظ عليه التعب من يوم طويل في التدريس.
"آمل أن تقام مبادرات أخرى كهذه لأولياء أمور آخرين"
في يوم الافتتاح، لبس أطفال العائلة ملابس جميلة وجاءوا الى "الصف" المؤقت. في الخيمة انتظرهم محمد وباقي المعلمين. رئيس مجلس القسوم، سلامة الأطرش، أحضر معدات أساسية: كراسي طاولات، أقلام رصاص ودفاتر، ووعد بإحضار كراسي مريحة أكثر.
"استغلوا هذه الفرصة الخاصة"، قال الأطرش للطلاب، وأضاف: "وتذكروا أن كل واحد منكم يستطيع إذا أراد أن يصبح طبيبا، عالما أو رائد فضاء".
وقال الأطرش أنه سيشجع مبادرات أخرى لأولياء أمور في منطقة نفوذ المجلس. ووفقا لأقواله، فإن أولياء الأمور قلقون ويحاولون تقليص الفجوة التعليمية للأطفال، وهم يستغلون واقع أن الكثير من أبناء العائلة هم معلمات ومعلمون. وأضاف: "أنا آمل أن لا تمس مديرية البدو بهذه المبادرة وأن تقام مبادرات أخرى كهذه لأولياء أمور مسؤولين".
بهذه اللهجة كذلك شاركه محمد أبو جودة. "أنا أنتظر أن يأتي وزير التربية والتعليم ويرى ظروفنا"، قال أبو جودة في نهاية حديثه، "نحن نحافظ على كل شروط وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة، مع كمامات وفي مجموعات مكونة من 4 – 5".