صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الجمعة 29 آذار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

حقوق الانسان / 72 عاما على إعلان حقوق الإنسان: "حان الوقت لتعزيز الحقوق الإجتماعية مثل الحق في الصحة والعيش بكرامة"

الاخصائية القانونية د. ليلاخ ليطور: "الحقيقة أنه في معظم الحالات التي يتم فيها الغاء القوانين لانها ‘غير قانونية‘ وذلك على خلفية المساس بالحقوق المدنية السياسية، وليس بالحقوق الإجتماعية"

مظاهرة ذوي الاحتياجات الخاصة، مفترق عزرئيلي كانون الأول/ ديسمبر 2020 (تصوير: لفي ناؤور، الناطق بلسان احتجاج ذوي الاحتياجات الخاصة)
مظاهرة ذوي الاحتياجات الخاصة، مفترق عزرئيلي كانون الأول/ ديسمبر 2020 (تصوير: لفي ناؤور، الناطق بلسان احتجاج ذوي الاحتياجات الخاصة)
بقلم نيتسان تسفي كوهين

الآن بالذات، في قلب إحدى الأزمات الكبيرة التي عرفتها الإنسانية، تعتقد د. ليلاخ ليطور، الباحثة والمحاضرة في الجامعة المفتوحة في مواضيع القضاء والسياسة العامة، أنه حان الوقت للفحص من جديد مصطلح ‘حقوق الإنسان‘. "أزمة الكورونا بالذات يمكن أن تشير إلى إتجاه جديد، ولتعزيز الحقوق الإجتماعية مثل الحق في الصحة والعيش بكرامة"، تقول لـ ‘دفار‘ في مقابلة معها بمناسبة إحياء يوم حقوق الإنسان الدولي. "أنا آمل أن نرى تعزيزا لها. وربما حان الوقت حتى لشملها أيضا في القانون الاساسي".

الأزمة وفقا لأقوالها "تزيد من حدة الفروق بين العمال الأقوياء والعمال الضعفاء مثل عمال الخدمات. ربما هذا ايضا الوقت لتوسيع الكثير من الحقوق الإجتماعية وشبكات الأمان التي يستحقها اليوم فقط العمال الأجيرون لكافة الفئات العمالية التي نجد نفسها خارج دائرة الحقوق: الذين يعملون لحسابهم الخاص، عمال المنصات، عمال مستقلون". الوباء واسقاطاته الإجتماعية الإقتصادية كشف إلى أي حد هذه الفئات مكشوفة، وبحاجة إلى الحماية التي تفتقدها اليوم.

في المرحلة الاولى اعترفوا بالحقوق السياسية للإنسان

يوم حقوق الإنسان الدولي، حدد في – 10 كانون الأول/ ديسمبر، اليوم السنوي لنشر إعلان حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي تم نشره لأول مرة في عام 1948. ووفقا لأقوال ليطور، فان نشر الإعلان بعد فظائع الحرب العالمية الثانية والمحرقة، كان علامة فارقة رئيسية في الاعتراف الدولي، بأهمية فكرة حقوق الإنسان. الاعتراف الذي يقوم على شراكة حكومات ومؤسسات السلطة.

ومع ذلك، فان جذور فكرة حقوق الإنسان تطورت وفقا لأقوالها عمليا في القرن الـ – 18، وانعكس ذلك، من بين ما انعكس في الثورة الفرنسية، في الدستور الأمريكي وفي أفكار جون لوك، الذي تحدث عن فكرة ‘الميثاق الإجتماعي‘: وجهة النظر التي تقول أن المواطنين يمنحون الدولة القوة من خلال التوقع بالدفاع عن حقوقهم الـ ‘طبيعية‘.

د. ليلاخ ليطور (تصوير: ألبوم خاص)
د. ليلاخ ليطور (تصوير: ألبوم خاص)

تدريجيا تطور مفهوم حقوق الانسان وتغير مع مرور السنين. "الجيل الأول من حقوق الإنسان، الحقوق المدنية السياسية – كانت حقوقا شخصية في أساسها التي تقوم على وجهة نظر ليبرالية التي طلبت الدفاع عن الفرد في وجه نفوذ السلطة. على سبيل المثال كانت فكرة حق التنظيم غريبة على الثورة الفرنسية – تم تصوير حقوق الانسان على أنها حقوق ليبرالية، فردية، التي تطلب الدفاع عن الفرد في وجه السلطة وتمكينها من الحرية بالحد الاقصى".

الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية مثل الحق في العمل والحق في العيش بكرامة ظهرت وفقا لأقوالها بعد ذلك فقط، في أعقاب التغييرات التي أحدثتها الثورة الصناعية وتكوّن طبقة كبيرة للأجيرين المستغَلّين في المصانع. الطبقة التي طلبت التنظيم من أجل العمل على تحسين ظروف العمل وخرجت وناضلت ضد اشكال التشغيل الظالمة على وجه الخصوص.

نضالات العمال والإعتراف بالحقوق الإجتماعية

وهكذا فان من بين النضالات الأولى لحركة العمال العالمية، يمكن ذكر عدة نضالات التي من الواضح اليوم انها تتعلق بقضايا حقوق الإنسان، مثل النضال ضد تشغيل الأطفال، حول السلامة والأمان في العمل وحتى حول تقصير يوم العمل الذي في تلك الأيام كان من المفروض أن يكون أيضا 14 أو 16 ساعة وتحديد الحد الادنى للأجور الذي يتيح العيش بكرامة.

"هذه مجموعة الحقوق الأخيرة التي تطورت، مجموعة ‘الحقوق الجماعية‘ مثل الحق في التنظيم ضمن اتحاد ، الحق في التفاوض الجماعي والحق في الاضراب".

"الإعلان العالمي بخصوص حقوق الانسان من عام – 1948 على سبيل المثال، يجسد عمليا في داخله جزءا من نفس الحقوق الإجتماعية، مثل الحق في مستوى حياة لائق، الحق في الراحة ووقت الفراغ بل وحتى الحق في الأمن الإجتماعي. لكن حتى الآن – يدور الحديث عن حقوق شخصية وليس عن حقوق جماعية. كذلك الحق في التجمع والـ ‘تنظيم بطرق سلمية‘ معروض في الإعلان فقط كحق شخصي، ولا يتم منحه اي مكانة أو حقوق اي كانت لنفس الكيان الجماعي الناجم بموجبه.

"هذه في الحقيقة مجموعة الحقوق الأخيرة التي تطورت، مجموعة ‘الحقوق الجماعية‘ مثل الحق في التنظيم ضمن اتحاد ، الحق في التفاوض الجماعي والحق في الاضراب"، تقول ليطور. حظيت هذه الحقوق وفقا لأقوالها بالازدهار فقط في سنوات الـ – 60، على خلفية إزدهار وجهة النظر الكينزية (نسبة لجون مينارد كينز) لدولة الرفاه.

الأمم المتحدة تصادق على ميثاق حقوق الإنسان. "دفار"، 12.12.1948
الأمم المتحدة تصادق على ميثاق حقوق الإنسان. "دفار"، 12.12.1948

في عام – 1966، نشرت الأمم المتحدة ‘الميثاق بخصوص الحقوق الإجتماعية الإقتصادية والثقافية‘ التي وسعت الحوار بخصوص الحقوق الإجتماعية كحقوق إنسان. هذا الميثاق تطرق لأول مرة ايضا إلى حقوق جماعية مثل حق التنظيم، الحق في التفاوض الجماعي حول ظروف العمل بل وحول حق الإضراب.

حظيت هذه الحقوق بالتسجيل في ‘الإعلان بخصوص حقوق جوهرية‘ الذي نشرته منظمة العمال العالمية في عام – 1998. المنظمة التي تعتبر اليوم ذراعا للأمم المتحدة التي تضم عضوية حوالي مئتي دولة من بينها اسرائيل، وفيها تمثيل لحكومات، منظمات أصحاب عمل ومنظمات عمال.

"في اسرائيل"، تقول ليطور، "لم يتم تكريس حقوق الإنسان على الإطلاق في القانون حتى سنوات الـ – 90. وكانت وجهة النظر، أن حقوق الإنسان خاضعة للسلطة التشريعية وليس لها مكانة دستورية خاصة بها". فقط في عام 1992 تم سن قانون أساس احترام الانسان وحريته وقانون أساس حرية التشغيل، وفي أعقابهما بدأت ‘الثورة الدستورية‘ في القضاء.

الحق في التعليم على سبيل المثال، يستوجب بناء مدارس وتشغيل معلمين. الحق في الصحة يستوجب إقامة مستشفيات وسلة أدوية. وتطرح ايضا تساؤلات حول المسالة الكمية – ما هو القصد على سبيل المثال من الحق في التعليم؟ الى الجيل الأساسي؟ الى الدكتوراة؟ إلى يوم تعليمي طويل؟".

"كانت هذه بشرى كبيرة من ناحية حقوق الانسان، لكن يجب الانتباه إلى أن قوانين الاساس في اسرائيل تشمل فقط الحقوق السياسية – المدنية – الدفاع عن الحياة والجسد، الاحترام، الحرية، الملكية، الخصوصية وحرية الحركة والتشغيل"، تؤكد ليطور.
ووفقا لأقوالها، فانه على الرغم من أنه على مر السنين تم طرح عدد من الاقتراحات لقوانين اساس تضمن ايضا مكانة الحقوق الإجتماعية – الا أنها لم تنضج أبدا من أجل سنها.

حقوق التي يُطلب من الدولة العمل على تطبيقها

تدعي ليطور أن "هذه ليست بالضرورة ظاهرة خاصة باسرائيل – فهناك دول تستصعب في شمل الحقوق الإجتماعية في الدستور وفي التشريع". أحد التفسيرات لذلك وفقا لأقوالها هو أنه في حين أن الحقوق المدنية تعتبر ‘سلبية‘ المميزات، بمعنى أنه يُطلب من الدولة فقط أن تمتنع عن المضايقة في تطبيقها – الحقوق الإجتماعية هي ذات طابع ‘ايجابي‘ أكثر، بمعنى أن هذا يفرض على الدولة التزامات ذات مغزى تمويلي.

"الحق في التعليم على سبيل المثال، يستوجب بناء مدارس وتشغيل معلمين. الحق في الصحة يستوجب إقامة مستشفيات وسلة أدوية. وتطرح ايضا تساؤلات حول المسالة الكمية – ما هو القصد على سبيل المثال من الحق في التعليم؟ الى الجيل الأساسي؟ الى الدكتوراة؟ إلى يوم تعليمي طويل؟ تفضل المحاكم بغالبيتها أن لا تتدخل في السياسة الحكومية وفي تقسيم الكعكة التمويلية".

عمال نيغف كراميكا يتظاهرون أمام محكمة العمل القطرية ( تصوير: يونتان زيندل / فلاش 90)
عمال نيغف كراميكا يتظاهرون أمام محكمة العمل القطرية ( تصوير: يونتان زيندل / فلاش 90)

"الحقيقة هي أنه في معظم الحالات التي يتم فيها الغاء القوانين لانها ‘غير قانونية‘ وذلك على خلفية المساس بالحقوق المدنية السياسية، وليس بالحقوق الإجتماعية" تقول ليطور. خذ على سبيل المثال، تم رد الالتماسات ضد التقليصات في المخصصات التي نفذها نتنياهو كوزير المالية في عام – 2003. "إدعاء الملتمسين في حينه كان أنه قد تم المساس بالحق في العيش بكرامة نتيجة التقليص، وقالت المحكمة في حينه أنه لا يوجد في اسرائيل قانون أساس حقوق اجتماعية، وبموجب ذلك اعترفت بالحق في العيش بكرامة بمستوى الحد الأدنى فقط: من دون تفصيل ماذا يعني ذلك ومن دون الزام الدولة".

التغيير يأتي من محاكم العمل بالذات

ومع ذلك، فان الاحتجاج الاجتماعي الكبير في عام 2011 شهد وفقا لأقوالها تقدما معينا في استعداد محكمة العدل العليا للاعتراف ايضا بالحقوق الاجتماعية، وأن تصدر تعليماتها إلى الدولة للعمل على تحقيقها. خذ على سبيل المثال في قضية صلاح حسن ضد مؤسسة التأمين الوطني من عام 2012، أصدرت محكمة العدل العليا تعليماتها بالغاء بند في القانون الذي الغى بشكل قاطع الحق في ضمان الدخل ممن استخدم أو احتفظ بسيارة خصوصية بملكيته.

"يوجد استعداد أعلى للاعتراف بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية في محاكم العمل، هناك على سبيل المثال في العقد الماضي كان قرار حكم شامل جدا بخصوص الدفاع عن حق الاتحاد، لعمال ينتظمون، وكذلك عن الحق في الاضراب".

"وقررت المحكمة في حينه أن هذا مساس غير – متناسب بالحق في العيش بكرامة، بسبب أنهم سحبوه بشكل جارف من دون الفحص فيما إذا كان الانسان محتاجا بحق أم لا". كذلك عندما ألغت محكمة العدل العليا قانون الايداع الذي ألزم طالبي اللجوء في اسرائيل بايداع 20 % من أجورهم في صندوق خاص تم إدارته من قبل الدولة، معللة ذلك بأنه ليس فقط مساسا بحقهم في الملكية ، ولكن ايضا بالخشية من ان يتم المساس بقدرتهم على العيش بكرامة نتيجة القانون.

طالبو لجوء افارقة ينتظرون في الطابور خارج مكتب تسجيل السكان في بني براك، شباط/ فبراير 2018 (مريم ألستر / فلاش 90)
طالبو لجوء افارقة ينتظرون في الطابور خارج مكتب تسجيل السكان في بني براك، شباط/ فبراير 2018 (مريم ألستر / فلاش 90)

"اينما يكون بالإمكان رؤية استعداد أعلى للاعتراف بالحقوق الاقتصادية الاجتماعية هو في محاكم العمل، هناك على سبيل المثال في العقد الماضي كان قرار حكم شامل جدا بخصوص الدفاع عن حق الاتحاد، لعمال ينتظمون، وكذلك عن الحق في الاضراب والحق في التفاوض الجماعي".

قرار حكم بيليفون من عام – 2012 هو مثال واحد على وضع قيدت فيه المحكمة القطرية حق التعبير لصاحب العمل الذي هو حق مدني – سياسي – لصالح قدرة العمال على استخدام حقهم في التنظيم الذي هو حق اجتماعي وجماعي. "عن الاعتراف بالحق في الاضراب كتبت في كتابي ‘الاضراب: قضاء، تاريخ وسياسة‘ عن دار النشر مدا. محاكم العمل بالذات تعترف به كحق أساس دستوري في عدد من قرارات الحكم، وذلك على الرغم من أن ذلك ليس مذكورا بوضوح في القانون الاسرائيلي".​

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع