تعمل عشرات المبادرات الجماهيرية للتشجيع على تلقي التطعيم للكورونا في الأسابيع الأخيرة، في المجتمع العربي واليهودي المتدين المتزمت (الحريدي)، التي فيها نسبة تلقي التطعيمات متدنية نسبيا. في هذين المجتمعين فان الشرح الذي يأتي من المجتمع هو بالغ الأهمية. مبادرتان، من قرية يافة الناصرة في الجليل ومن المدينة اليهودية المتدينة المتزمتة (الحريدية) العاد، توضح قوة المجتمع.
يافة الناصرة: "أنتجنا مقطع فيديو للأطفال، من أجل أن يُشركوا الكبار"
مجموعة أبناء شبيبة من قرية يافة الناصرة في الجليل توزع في هذه الأيام مقطع فيديو على طريقة برنامج التلفزيون ‘معذرة على السؤال‘ في موضوع تطعيمات الكورونا. "يشارك في مقطع الفيديو سكان يافة الناصرة المعنيون بتشجيع تلقي التطعيم، على وجه الخصوص من فئة السكان الكبار"، تقول رابعة ناصر، مسؤولة مشاريع في التربية غير الرسمية في مجلس محلي يافة الناصرة، "دوافعهم تختلف: الكبار بأنفسهم الذين يريدون أن يتلقى أصدقاؤهم التطعيم، الأطفال الذين يريدون أن يزوروا الجد والجدة، والأشخاص المهنيين
الذين يشعرون بالالتزام تجاه مجتمعهم. مقطع الفيديو نفسه يعمل على تقديم معلومات عن التطعيم". وبادرت ناصر إلى المشروع كجزء من مشاركتها في برنامج طلائعيون للحكم المحلي، بالتعاون مع أقسام التربية والتعليم، الرفاه والشبيبة والشباب وضباط الأمن في المجلس.
بالتوازي مع توزيع مقطع الفيديو، تفعّل المجموعة المجتمع. في أنحاء البلدة تتجول مركبة تسمى "على دل كورونا"، التي تشير إلى أغنية شعبية في المجتمع العربي، ويتجول أعضاء المجموعة حولهم متنكرين بهيئة شخصيات ملونة ويوزعون الهدايا وصفحات ألغاز على الأطفال، التي توجد إجاباتها في مقطع الفيديو. اللغز يتضمن جوائز، بهدف أن يُشرك الأطفال كبار السن من أجل أن يروا مقطع الفيديو. بهذا الشكل تأمل ناصر ومجموعة أبناء الشبيبة في ترويج المضامين أيضا لمن ليس متصلا بشبكات التواصل الاجتماعي، مثل فئة كبار السن. الجوائز نفسها هي قسائم لمصالح تجارية في يافة الناصرة، التي تضررت في أعقاب الكورونا. "حاولنا التجاوب قدر الإمكان مع احتياجات المجتمع في هذه الايام"، تقول رابعة.
ملك عبد الله، مدربة في منظمة الشبيبة المحلية ‘يافتنا‘، هي جزء من الطاقم الذي أنتج مقطع الفيديو، وتشارك فيه بنفسها. "كان من المهم بالنسبة لي أن نزيد عدد المتطعمين في يافة الناصرة، وأن نعود إلى حياتنا بأسرع وقت ممكن – نقضي أوقاتنا ونعيش كالمعتاد".
من أجل تجنيد المشاركين في مقطع الفيديو، اتصلت مجموعة أبناء الشبيبة بالأشخاص الذين يعرفونهم، دعوهم للمشاركة ونسقوا معهم موعد التصوير. "أحرجني إجراء هذه المكالمات"، تقول عبد الله، "إذ كيف أقنع أشخاصا بتلقي التطعيم بينما أنا لم أتلق التطعيم؟ هذا كان قبل أن يكون مسموحا لأبناء 16 عاما بتلقي التطعيم. سوية مع ذلك، تجنيد المشاركين وانتاج مقطع الفيديو أدى بي إلى أن أشعر أننا لسنا مجرد أبناء شبيبة بل نحن لنا أهمية. نحن مهمون".
ناصر تشير إلى أن تمكين أبناء الشبيبة كان جزءا من أهداف المشروع. "بسبب أنني لست ابنة المكان، فالديناميكية أمام أبناء الشبيبة كانت تختلف عن ما عرفوه هم. فهم أصحاب المعرفة التي يمكن أن تساعدني، وليس العكس كما اعتادوا عليه. يعمل المشروع من خلال مبدأ اقتصاد محلي مستدام، وكله مركب من انتاج محلي، ابتداء من مستوى المعدات، وحتى من أنتج مقطع الفيديو الذي هو ابن القرية ويفعل ذلك كهواية. أنا أعتقد أن هذا المبدأ ساعد في تجنيد أشخاص للمشاركة، لأن الشعور أن مقطع الفيديو هذا هو لنا".
وفقا لأقوال ناصر، إلى جانب تجنيد أشخاص في المجتمع، نشر المشروع يثير اهتماما كبيرا. ومع ذلك، فان الهيئات المهنية في المجلس أعربوا عن خشيتهم من أن لا يصل مقطع الفيديو إلى الفئة السكانية المستهدفة له، وهي فئة المسنين. "في أعقاب ذلك أجرينا اتصالا مع مديرة المركز اليومي للمسن في يافة الناصرة، من أجل زيادة الترويج لمقطع الفيديو لفئة كبار السن".
تصف عبد الله تجربة التعليم الهادف والتمكين. "على المستوى الشخصي لم أكن أعرف الكثير من الأمور عن المرض وعن التطعيم، اعتقدت أن هذه حقنة بسيطة وهذا كل شيء. عن طريق اللقاء مع المهنيين الذين لدينا في القرية تعلمت عن أهمية التطعيم، والمشاركة في مقطع الفيديو رفعت الوعي لدى من شاركوا. عائلتي تفتخر بي كثيرا على مشاركتي في المشروع، حتى أن جدي وجدتي تلقوا التطعيم في أعقاب ذلك. نحن في يافة الناصرة مجتمع متعلق الواحد بالآخر، جسمانيا وعائليا. المشروع عمّق الشعور بالانتماء للمكان في صفوف كل المشاركين، لي ولجميع من أجريت معهم المقابلات أيضا، الذين يعرّفون أنهم شخصيات غرست الثقة في المجتمع".
العاد: "نحن ندعو قادة المجتمع إلى أن يكونوا سفراء"
شمعون ملول، ناشط اجتماعي من العاد وعضو في منظمة ‘نبلاء داود‘ (حسدي دافيد)، يقود مشروع رفع التوعية لأهمية تلقي التطعيم للكورونا عن طريق الشرح والتوجه لقادة المجتمع في المدينة. لوحات الإعلانات في المدينة مليئة بإعلانات أنتجها أعضاء المنظمة.
"أدركنا أن الرسائل من قبل القيادة الدينية والدينية اليهودية المتزمتة (الحريدية) التي تدعو إلى تلقي التطعيمات ليست كافية للإقناع"، يقول ملول، ويضيف: "نحن نستقصي المجتمعات التي لم تتلق التطعيم، او مع نسب تلقي تطعيم متدنية. في هذه المجتمعات نحن نتوجه إلى قادة المجتمع، أطباء، حاخامات ومسؤولي كُنس، ونجندهم ليكونوا سفراء – ليشجعوا تلقي التطعيمات عن طريق الزيارات المختلفة لدى الطبيب، أو في محاضرات السبت في الكنيس. بالاضافة إلى ذلك نحن نوزع منشورات مع معطيات عن التطعيم. نحن نكتب في المنشورات أن من يتلقى التطعيم، تكون لديه مناعة، كما لأعضاء الكنيست".
أجري مشروع حسدي دافيد (نبلاء داود) بالتعاون مع بلدية العاد وصناديق المرضى في المدينة. وقد تلقى هبة مشتركة من المجلس الاسرائيلي للتطوع، ومن السلطة المدنية لمكافحة الكورونا، التي تدعم فعاليات مدنية في مكافحة الكورونا.
"في المسار العام نحن ننشر في الصحف المحلية صورا لرجال جمهور الذين تلقوا التطعيم، مثل رئيس البلدية. في المسار الشخصي – المجتمعي نحن نوزع جوائز على من تلقى التطعيم. بالاضافة الى ذلك، يوجد هناك تفكير بمنح شهادة لأعضاء المجتمع الذين أحضروا اشخاصا آخرين لتلقي التطعيم".
تجنيد المسؤولين في الكُنس استند على حقيقة أنهم حاليا معرّفون وفقا للقانون كـ ‘أمناء الكورونا‘ في كُنُسهم. "عندما نجري معهم محادثة التي تدعوهم لدعوة الجمهور أو التحدث مع الحاخام لكي يدعو الجمهور، نحن في الواقع نقول لهم أن هذا استمرار لوظيفتهم كأمناء كورونا".
وعن سؤال إلى أي مدى يواجه المشروع اعتراضات يجيب ملول أنه "توجد هناك محافل تعارض تلقي التطعيمات، أو تدعو الجمهور إلى الانتظار حتى تكون تأثيرات التطعيم معروفة أكثر، قسم منهم مجهولون وقسم رسميون مثل الحاخامات. هذه الدعوات تضر بالجو الايجابي الذي نحاول إنشاءه حول التطعيمات".
يقول ملول أن منظمات المتطوعين يمكن لها أن تكون مفتاحا لزيادة نسب تلقي التطعيمات في مجتمعات مع نسبة متطعمين متدنية، من خلال المساعدة والدعم من هيئات الدولة. "من وجهة نظري فان على الدولة أن تمنح أدوات – ميزانيات، تقنيات، معلومات للمنظمات المدنية أو التنظيمات المجتمعية. هذه الهيئات تعرف المنطقة أفضل، وكل ما تحتاجه هو الدعم الحكومي".