صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأحد 5 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

صدمة. غضب. عجز. عاملات اجتماعيات يصفن أزمة أسر القتلى في المجتمع العربي

تشمل المساعدة للعائلات العلاجات الفردية والجماعية، والتمثيل في الإجراءات القانونية، وإذا لزم الأمر، المساعدة المالية، ولكنها تستمر لمدة عامين فقط | سجود خطيب، أخصائية اجتماعية: "يستغرق الأمر من 3 إلى 4 أشهر حتى يدرك الكبار أن القتيل لن يعود. الأمر أصعب على الأطفال".

مظاهرة احتجاجا على العنف في المجتمع العربي. تشرين الأول (أكتوبر) 2021 (صورة الأرشيف: أفشالوم شاشوني / فلاش 90)
مظاهرة احتجاجا على العنف في المجتمع العربي. تشرين الأول (أكتوبر) 2021 (صورة الأرشيف: أفشالوم شاشوني / فلاش 90)
بقلم ينيف شرون

عبير غنايم، أخصائية اجتماعية ومديرة المركز الجماهيري في يافة الناصرة تقول، "إن رد الفعل الأول على مقتل أحد أفراد الأسرة هو الصدمة. بعد الصدمة، هناك غضب على المجتمع، على السلطة، على الوضع. عدم اليقين يرافق الأسرة لفترة طويلة، لماذا قُتل ومن هو القتيل التالي. هناك مشاعر غضب ورغبة في الانتقام، ولكن في بعض الأحيان لا يُعرف من هو القاتل، وذلك يولد مشاعر الخوف".
قُتل 126 مواطناً عربياً في إسرائيل عام 2021 في ظروف تتعلق بالعنف والجريمة، وهو رقم قياسي مقارنة بالسنوات الأخيرة. بالنسبة لعائلاتهم، فإن القتل نفسه ليس سوى نقطة البداية لأزمة عقلية وعائلية وفي كثير من الحالات أيضًا اقتصادية، والتي لا تتلقى استجابة كافية من الدولة.
سجود خطيب، أخصائية اجتماعية في برنامج مساعدة ضحايا جرائم الإماتة، ترافق عشرات أسر القتلى في المجتمع العربي. "نرافق العائلات لمدة عامين. نتلقى بلاغًا عن طريق الشرطة عن جريمة قتل أو حوادث طرق، ونتواصل مع العائلة. يتم الإبلاغ عن حالات الانتحار من دائرة الشؤون الاجتماعية. البرنامج ممول من وزارة الرفاه. نصل إلى العائلات في غضون 10 أيام. في حالات القتل، نحاول بأسرع ما يمكن.
يشمل البرنامج العلاج والمساعدة النفسية لأفراد الأسرة من الدرجة الأولى، وكذلك المساعدة والتمثيل القانوني. "تحتاج العائلات إلى معرفة ما يحدث في المحكمة. في بعض الأحيان يُطلب منهم الشهادة. هناك أيضًا مساعدة مادية لمرة واحدة بقيمة 5000 شيكل".
إلى جانب جلسات العلاج الفردي، يشتمل البرنامج أيضًا على علاج جماعي للنساء والأطفال. "تتكون المجموعة من أشخاص يمرون بنفس الموقف وبتجربة مشابهة. هم يتعلمون من بعضهم البعض ويمنحون الشرعية لصعوباتهم. المحادثة تساعد على تطبيع المشاعر والصعوبات. يتحدثون عن كل شيء. يتم إنشاء مساحة آمنة لنتحدث عن كل شيء".

"يبدو أن الحياة مستمرة، ولكن ليس على نفس المسار"

تتحدث سجود خطيب عن إجراء العلاج النفسي لأفراد الأسرة، وأهميته لهم. "كل مراحل الفقد والحزن تتطلب وقتًا ومرافقة من قبل مختصين. يستغرق الأمر وقتًا لفهم الواقع، والتوقف عن التأمل بعودة الضحية. يستغرق الأمر من 3 إلى 4 أشهر. هناك برامج خارجية، خاصة في حالات الأرامل وأمهات الأطفال الصغار. يبدو أن الحياة تستمر، ولكن ليس على نفس المسار. للحزن مساران متوازيان، هناك مسار الحياة ومسار الحداد. يتنقلون بين المسارات. في العلاج، يتعلم المرء كيف يعيش جنبًا إلى جنب مع الفقدان، أن أخرج هذا الشعور من حضني وأضعه بجانبي. لأبعد الخسارة قليلاً".

سجود خطيب (تصوير: ألبوم خاص)
سجود خطيب (تصوير: ألبوم خاص)

يبدأ الشعور بالصعوبة في أيام الحداد. وبحسب أقوال عبير غنايم، "تساعد أيام الحداد في استيعاب الموت. إذا عُرف المقتول على أنه جزء من عصابة، فهناك مقاطعة، يعاقبون الأسرة بسببه، ولا يحضر الناس إلى العزاء. إذا عُرف على أنه شخص بريء، شخص صالح، يأتي الكثير من المعزين في أيام الحداد. إذا كان القاتل من العائلة، فإن الأسرة تتفكك".

بعد أيام الحداد يبدأ تحدي الحياة نفسها، وإدارة الروتين إلى جانب الفقدان. "إذا قتلوا ابنها وشقيقها فإنها بالكاد تستطيع أن تتنفس. ببطء يفرغ المنزل. التكيف شخصي، هي تبقى وتنشأ العزلة الاجتماعية."
من بين أفراد الأسرة، الأمر أصعب على الأطفال. "الأمر أصعب بالنسبة للأطفال. توجد حاجة لمعالجة الصدمة لتوضيح نهائية الفقدان وتوفير قناة اتصال لنقل المشاعر تجاه الوالد/ة المقتول/ة إلى الوالد/ة الحي/ة. يفقد الطفل الثقة في نظام العالم وينتقل كل تعلقه إلى الأم الثكلى. يبحث الطفل عن سند. يسأل أسئلة. الأم في مشكلة. تعرف ماذا تجيب، لكنها تخشى الإجابة. وظيفتي هي تطبيع الشعور بالغضب".
"لا يوجد أحد للجوء إليه. هناك خوف" تشرح سجود خطيب. "يعود الناس إلى العمل، ويعودون إلى الحياة، وهناك خوف من" العدوى" من قبل عائلات الجريمة. تبدأ أسرة القتيل في الابتعاد وتصبح وحيدة. المجتمع متردد في الانحياز. قالت لي امرأة من شفاعمرو 'نحن في عزلة ووحدة منذ بداية كورونا'، منذ عام ونصف لم يروا أحداً. عندما أزور العائلات، فإن ذلك بمثابة هدية من السماء".

تحتاج النساء أيضًا، عادة الأمهات، إلى المساعدة. "اليوم الكثير من النساء عاملات ومتعلمات وهذا يمنحهن القوة. عندما تحدث حالة الفقدان، يُطلب منها العمل على مستوى عالٍ جدًا لكنها محطمة. نحاول مساعدتها على النهوض. عملية التعافي تستغرق وقتًا. العناية بالطفل يجعل الأمر صعبًا على الأم، لكنها تحاول النهوض بسبب مسؤوليتها".
تقول سجود خطيب أن هناك من لا يجرؤ على الغضب بسبب الإيمان. في رأيها، "يمكن للمرء أن يتساءل 'لماذا أنا؟' إن الله يتفهم.

المساعدة لمدة سنتين فقط

المشكلة الأساسية التي أشارت إليها سجود خطيب وعبير غنايم هي أن برنامج المساعدة يستمر لفترة قصيرة، عامين فقط، رغم أن استكمال عمليات العلاج والتأهيل يستغرق وقتًا أطول. "وزارة الرفاه ترافق عائلات القتلى، لكن المرافقة تنتهي بسرعة"، تشكي عبير غنايم، "في الفترة الأولى يوجد دعم مجتمعي وبرنامج المرافقة يقل تدريجياً حتى تصبح أسرة محتاجة عادية. هناك الكثير من الأمور التي لا يجرؤون على مشاركتها، الخوف والحزن. يُرافق الأطفال أولاً ثم يُتركون. نحن بحاجة إلى نظام داعم يخرجهم من شعور 'لماذا قُتل؟'."
صعوبة أخرى في البرنامج تتمثل في خوف مقدمي الرعاية من التعرض للأذى. وبحسب أقوال سجود خطيب، "في أم الفحم، أجد صعوبة في العثور على مقدمي رعاية يدخلون البيوت. لا أستطيع أن أؤكد لهم أنهم لن يتعرضوا لإطلاق النار مرة أخرى".

"الغضب يتحول إلى إحباط وعجز"

زيد القتل من عزلة الأسرة، ويولد مشاعر الغضب، والخوف، والعجز، والإحباط. "هناك صراع عائلي وصراع مجتمعي مع جريمة القتل". توضح عبير غنايم. "الفجوة بين الشرطة والمجتمع آخذة في الاتساع. الشعور بالخوف وانعدام الأمن يزداد. لا يوجد شعور بالأمان الشخصي". يعاني المجتمع داخلياً ومع الشرطة. إذا كان الرجل من عالم الجريمة، فهناك غضب عليه وعلى الموقف. تشعر الأسرة بالمسؤولية إذا كان المقتول غير صالح أو عضواً في عصابة. هناك غضب على الدولة. وهناك ايضا تساؤل عن دافع انضمامهم إلى العصابة".

عبير غنايم (الصورة: ألبوم خاص)
عبير غنايم (الصورة: ألبوم خاص)

"في نهاية المطاف، يتحول الغضب إلى إحباط"، تقول عبير غنايم، "ينغلق كل فرد على نفسه ويحرس منزله، وينفجر الغضب ويصبح عجزًا".

"أحيانا نلتقي بعائلة القاتل كل يوم"

وتضيف سجود خطيب أن اللقاء اليومي مع عائلة القاتل صعب. "عندما يُعرف القاتل للعائلة، يلتقون بعائلته أحيانًا في الشارع أو في متجر". وتقول عبير غنايم، "عندما يكون القتل داخل الأسرة، في قرية صغيرة، فإن الأسرة الممتدة تتفكك. وفي أماكن كبيرة مثل أم الفحم، قد يتساءل المرء بين الحين والآخر 'ما هو الوضع؟' لكن هناك خوف من المنظمات الإجرامية. ربما يميزونني على أني قريب الضحية."
من تجربتها، محاكمة القاتل تساعد في التغلب على المشاعر الصعبة. "عندما يكون هناك إجراء قانوني، يكون هناك نوع من الهدوء. تعاني العائلات من فقدان الثقة وفقدان الإيمان بوجود عدالة اجتماعية. الشعور بأن الشرطة لا تفعل شيئًا. هناك غضب تجاه الشرطة والمنظمات الإجرامية. الغضب يمنع بدء عملية الحداد الذهني. عندما يكون هناك إجراء قانوني، رغم الصعوبة، سيعطي شعور بالدعم. يوجد عدالة واعتراف بحالة الفقدان مما يتيح الحداد".
الجرائم لها بُعد أكبر من تأثيرها على الأسرة نفسها. "الزيادة في عدد جرائم القتل تقلق الجميع في المجتمع العربي. تعتقد، ربما سأكون الضحية التالية. إنه أمر مخيف على المستوى الشخصي. السلاح متاح. أي شجار يمكن أن يتحول إلى حادث إطلاق نار."

لقد أصبح القتل أمرًا روتينيًا

توضح عبير غنايم العواقب الاجتماعية الوخيمة لتصعيد الجريمة. "حتى الحديث عن جرائم القتل أصبح اليوم شيئاً روتينياً. هناك عدد أقل من المتظاهرين. لا مفر ولا حل حسب أقوال الكثيرين من القادة السياسيين. لكن لا يزال الوضع قابلاً للعكس. عندما لا يكون هناك شعور بالانتماء، تنهار مرونة المجتمع. نحن في ثورة ثقافية. يتعلق الأمر أيضًا بالعالم، القيم، أشكال التأقلم، الشبكات الاجتماعية – اختلف الحوار. الفراغ الذي نشأ يسمح لأي سلوك بأن يتفاقم".
"ربما 5٪ من المجتمع العربي متورط في الجريمة. لكن هذه الأقلية تخلق جوًا سيئًا للغاية. كم عدد القتلة الذين تم القبض عليهم؟ القليل. يعطي هذا شعوراً عاماً بوجود مساحة مفتوحة بلا حدود، بلا قانون. المال السهل يجذب الشباب. فجأة نرى شباب في العشرين من العمر بسيارة نصف مليون شيكل، إنها جذابة، تترك انطباعًا".

"في الماضي أرادوا الانتقام، اليوم يريدون سجن القاتل"

تصف سجود خطيب إجراء آخر: رغبة الشرطة ووكالات إنفاذ القانون في التحقيق في جرائم القتل والقبض على المجرمين. قالت إن هذا لم يكن الحال دائمًا. "أتذكر أنه في التسعينيات كان هناك حديث عن الانتقام لأن القتل كان نادرًا ويحدث بالأخص في أوساط المنظمات الإجرامية"، تقول سجود خطيب. "في الوقت الحاضر، هناك القليل من الحديث عن الانتقام. تطالب الكثير من العائلات بدء إجراءات قانونية. ويعتقدون أن العدالة ستكون في الجنة، ولكنهم يريدون أيضًا إجراءات قانونية. يريدون سجن القاتل حتى يشعر ببعض آلامهم.
"لقد سمعت أنه في بعض الأحيان ترسل المنظمات الإجرامية ممثلين في أيام الحداد لعرض الانتقام مقابل المال أو الأرض، عرض يرفضه كثيرون. لا يريدون أن يشعروا بالألم. يريدون الدخول إلى الجنة. يتفاقم الغضب تجاه الشرطة. 'أريد من الشرطة تحقيق العدالة' قال لي أب، 'لا أريد الانتقام'".

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع