صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأربعاء 15 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

ما بين غياب الثقة والتقاليد، أمين أبو حية في محاولة لحل مشكلة الإسكان في المجتمع العربي

يشغل أمين أبو حية منصب رئيس قسم الأقليات في وزارة الإسكان منذ خمس سنوات. وفي حوار له مع صحيفة "دافار" قال إن المجتمع العربي صار مختلفاً عن ذي قبل لكن أمامه طريق طويل: "قالو عني "من هو هذا الشخص؟ أهو درزي من الشمال يعمل في وزارة؟ لقد أرسله إلينا أحد ما بالتأكيد"

أمين أبو حية، رئيس قسم الأقليات في وزارة الإسكان (تصوير: مكتب العلاقات العامة)
أمين أبو حية، رئيس قسم الأقليات في وزارة الإسكان (تصوير: مكتب العلاقات العامة)
بقلم ينيف شارون ودافيد تبارسكي

"إحدى المهام التي أخذتها على عاتقي هي تعزيز أواصر الثقة بين السلطة المحلية والسلطة المركزية"، هذا ما قاله لنا أمين أبو حية، رئيس قسم الأقليات في وزارة الإسكان. في حوار خاص مع صحيفة "دافار" كشف لنا أمين الصعوبات التي يواجهها في وظيفته: بداية من خلق الثقة بين السلطات وانتهاءً بدفع مشاريع مشتركة على أراضي معظمها بملكية خاصة.
وأضاف قائلاً: "أعتقد أننا اليوم قد أصبحنا في وضع مختلف عما كنا عليه في السابق" "هناك صعوبات كثيرة في المجتمع العربي والسؤال كيف نغتنم الفرص من داخل تلك الصعوبات"

"حين يبدأ التخطيط تدخل ميزانيات كثيرة"

تم تأسيس قسم الأقليات في وزارة الإسكان في عام 2017 بناء على قرار الحكومة رقم 922. يوفق هذا القسم بين جميع المجالات المهنية في وزارة الإسكان ويعتني بالبلدات العربية والدرزية والشركسية. وعلى حد تعبير أمين أبو حية فإن "هذا قسم مميز في الوزارات الحكومية، حيث أن جزء من وظيفتي هو العناية بالعلاقة المباشرة مع السلطات المحلية ومع رؤساء البلديات والمجالس والأشخاص المهنيين، لكننا نجري حواراً جدياً مع القطاع الثالث ومع كل من يدفع باتجاه إيجاد حلول لأزمة السكن في الوسط العربي"
ترأس أبو حية هذا القسم منذ تأسيسه وهو مدرك لعمق الريبة تجاه الوزارة بشكل خاص وتجاه الحكومة بشكل عام. "لقد كان الحديث في بدايته مشوب بالريبة والتشكيك وكانت هناك ضغينة. وهناك من قالوا منذ البداية "من هو أمين هذا؟ درزي من الشمال يعمل في وزارة حكومية – بالتأكيد هناك من أرسله إلينا".

لم يرتدع رئيس قسم الأقليات من انعدام الثقة واعتقد أنه بإمكانه استعادة الثقة من خلال العمل الدؤوب: "كانا سابقاً يبنون دون تخطيط، وها نحن فجأة نتحدث دائماً عن التخطيط، هناك الكثير من الميزانيات التي تم رصدها. وها نحن نسمعهم يقولون: لن نهدم البيوت، إنما سنعمل على تنظيم البناء غير القانوني-وهذا كلام ليس مفهوم ضمناً حين يصدر عن وزارة حكومية".

غايتنا المنشودة: 35 ألف وحدة سكنية خلال خمسة أعوام

وفي نظرة إلى الوراء يعتقد أبو حية أن الفرار 922 قد دفع أمور كثيرة إلى الأمام لكنه انطوى كذلك على عوائق كثيرة. "لقد كرسنا جهوداً كبيرة في التخطيط وفي بناء المباني العامة. خططنا على أراض مملوكة لأشخاص وعلى أراض بملكية الدولة ما يزيد عن 120 ألف وحدة سكنية، وهذا أمر غير مسبوق على الإطلاق. جرت العادة حتى السنة الماضية على تقسيم الميزانيات بالتساوي بحسب تعداد السكان في كل بلدة، لكن التقسيم اليوم يتم بطريقة تفاضلية، ما يعني تقسيم المال وفقاً للاحتياجات ووفقاً للاستجابة للدعوات الرسمية التي تنشرها الوزارة. هناك دعوات رسمية وهناك تنافس وهناك مشاريع جاهزة. لقد قام الأقوياء بالشد نحو الأعلى وليس الضعفاء من شدوا إلى الأسفل. فالجميع يتنافسون على الصعود للأعلى"

كما قال أبو حية "والحق يقال إنه بفضل سياسة الوزير زئيف إلكين وبفضل دفع قرار الحكومة رقم 550 تم عملياً التوصل إلى حلول واقعية وملموسة للأزمات". "تضمن قرار الحكومة رقم 922 ميزانية 1.2 مليار شيكل ولدينا الآن 2.1 مليار شيكل. لكن المسألة لا تقتصر فقط على تجنيد مبالغ مالية أكبر، إنما كيف يتم توجيه تلك الأموال بالشكل المناسب. لقد تعمقنا في دراسة احتياجات المجتمع بأسره، وعرفنا ما هي الأمور التي قد تنجح في الوسط اليهودي والتي يمكن نسخها وملائمتها للتطبيق: لقد حددنا غايات مهمة – التخطيط لبناء 100 ألف وحدة سكنية أخرى، بحيث يتم ملاءمتها لتفي بالاحتياجات الحالية – بناء مشبع وتنافس بين شركات البناء على تقديم السعر الأرخص للبيوت وكل ما تقدمه الوزارة، ولدينا غاية لتحقيق بناء 35 ألف وحدة سكنية أخرى يتم تسويقها على أراض للدولة على امتداد السنوات الخمس القادمة. هناك الآن حاجة لـ 50 ألف وحدة سكنية".

كفر قاسم. عمليات التجديد البلدي في منطقة عمرها مائة عام (تصوير: موشي شاي/ فلاش 90).
كفر قاسم. عمليات التجديد البلدي في منطقة عمرها مائة عام (تصوير: موشي شاي/ فلاش 90).

في كفر قاسم وفي سخنين انتقى أبو حية منطقة تقع في مركز المدينة، حيث يبلغ عمر جزء منها أكثر من مائة عام وباشر بعمليات تجديد بلدية كبيرة هي الأولى من نوعها في الوسط العربي. وشملت تلك الأشغال بناء بنايات متعددة الطوابق ومواقف سيارات ضخمة ومناطق تجارية ومتنزهات عامة كما هو الأمر في مدينة كفار سابا المجاورة. وكما شرح لنا أبو حية فإن "هناك ثلاثة تحديات رئيسية: الأراضي الخاصة وتطويرها ورصد أراضي للمساحات العامة التابعة للمدينة وحلول سكنية للأشخاص الذين يخلون بيوتهم، والحاجة إلى مساحة عامة يأخذنا إلى حديث صعب مع سلطة أراضي إسرائيل. فنحن نطالبهم برصد الأراضي وهم يطالبون بمصادرة الأراضي".

10% فقط من السكان العرب يستأجرون شقة: ""سوق مستأجرين صغير وشريحة سكانية مستضعفة"
ويقول أبو حية: "يصعب تصديقنا، ولهذا يتعين علينا إقناعهم بأن نوايانا حسنة وليست لمجرد مصلحة اقتصادية"، "أعلم بالطبع أن من غير الوارد سد فجوات امتدت على مدار 50 سنة خلال 5 سنوات. النجاح الذي حققنا موضعياً في أماكن معينة كان له تأثير على الصعيد العام وعلى الصعيد الاقتصادي"

أقل من 10% من السكان العرب يستأجرون شقق، ولهذا تقرر في وزارة الإسكان مؤخراً إدخال نموذج الاستئجار طويل الأمد إلى البلدات العربية. ويقول أبو حية: "أنا استأجرت شقة في القدس لأنه يتعين علي السكن على مقربة من مكان عملي، وكذلك هو الأمر بالنسبة لمعظم المجتمع اليهودي، أما في المجتمع العربي فالأمر مختلف. لن ينتقل ابن سخنين للسكن في كفر قاسم بسبب قربها من الجامعة. هذا الأمر لا يعنيه، حيث سينتقل على تل أبيب قبل أن ينتقل إلى كفر قاسم. لكن ابن كفر قاسم سيرغب السكن في كفر قاسم إلى جانب أسرته".

المستأجرون المحتملين هم من ناحية واحدة أشخاص أقوياء يبنون بيوتهم رويداً رويداً ويعملون على تحسينها، وعلى حد أقوال أبو حية فإنهم يشكلون سوقاً صغيراً، أما من الناحية الثانية فإن هذه شريحة سكانية مستضعفة". "جسر الزرقاء هي من أفقر البلدات في البلاد وأوضاع الناس هناك من الصعوبة لدرجة تمنعهم من أخذ قروض إسكان وليس لديهم أهل قادرون على دعمهم لأنهم جميعاً يعيشون نفس الأوضاع ولن يتمكنوا على الأغلب من امتلاك شقق. أحاول هناك بناء منطقتي "شقق للإيجار" لاستئجار طويل الأمد بالذات لهؤلاء الأشخاص".

جسر الزرقاء. في خلفية الصورة: مساحات طبيعية خالية إلى الشرق من شارع 2 (تصوير موشي شاي/ فلاش 90)
جسر الزرقاء. في خلفية الصورة: مساحات طبيعية خالية إلى الشرق من شارع 2 (تصوير موشي شاي/ فلاش 90)

إحدى المشاكل التي تعترض طريق تنفيذ المشروع هي عدم رغبة المقاولين في البناء في المناطق النائية في الضواحي، وهذه مشكلة لا تقتصر فقط على المجتمع العربي. أبو حية ليس على يقين تام بأن الدولة ستستثمر مباشرة في هذا المجال لكن وعلى حد قوله فإن مجموع الأدوات التي تضعها الوزارة تحت تصرفه لتشجيع المقاولين قد تساعد على إيجاد الحل للمشكلة، حتى لو كان حلاً جزئياً. "سأعرض على المقاول نتائج استطلاعات تشير إلى وجود حاجة للبناء، ومن ثم أساعده على التواصل مع السلطة المحلية ليرى أن هناك احتمالات قابلة للتحقيق ومن ثم أشجعه من خلال منحه هبة مالية، لكنني سأتيح أيضاً للمستأجرين التخلص من عقد الإيجار. إذا كان المقاول يستطيع مواصلة تأجير الشقة فهذا أمر رائع. وإذا رغب ببيع الشقة فيتم بيعها فقط بالتوافق مع شروط البيع، أي 75% على الأقل من مجموع الشقق تُباع لأبناء البلدة"

"الأراضي الخاصة تشكل مشكلة كبيرة، وخاصة الفرز والضم" هذا ما قاله لنا أبو حية وثم أضاف قائلاً: "معظم المشاريع، ومشاريع التجديد البلدي تحديداً تتطلب التداخل بطريقة أو بأخرى بالأراضي الخاصة. أن تأخذ 40% من أراضي شخص معين. لو أقدمت على اقتراح فكرة كهذه في الماضي لعرضت نفسي للقتل في وسط البلد. الناس هنا لم ينسوا قانون المصادرة عام 1976. ولهذا فعندما نقوم بالضم والفرز يجب أن نضمن بأن يتم بناء أي بناية عامة أو منطقة عامة تم تخطيطها على الأرض-وإلا فسوف تصوّت الجماهير ضدك تلقائياً".

من خلال قرارها رقم 550 رصدت الحكومة 600 مليون شيكل لتطوير الأراضي الخاصة، ومقابل كل وحدة سكنية يتم بنائها تدفع الوزارة 40 ألف شيكل لصاحبها لتطوير الشارع والمنطقة والناس غالباً يرغبون بالبناء بطريقة قانونية، لكنهم يلجئون للبناء غير القانوني حين ينعدم الحل ويرون الأرض ماثلة أمامهم. حين تخطط وتساعد على التطوير بطريقة قانونية-يمكن حل معظم المشكلة". وبالطبع هناك أفضلية اقتصادية واضحة على المدى البعيد في التحسين. في كفر مندا، الأرض التي لم يبلغ ثمنها أكثر من 300 ألف شيكل في السنوات الأخيرة باتت تُقدر اليوم بأكثر من 4 ملايين شيكل – لكن هذا يجلب معه مشكلة جديدة.

ويقول أبو حية: "إذا ارتفع سعر الأرض في بلدة واحدة فسيرتفع في كل مكان". "في المجتمع العربي هناك 30% من السكان يسيطرون على 70% من الأراضي، ولهذا فإن هذه خطوة قد تؤدي بسهولة إلى زيادة ثراء الأغنياء ولن تحل لي مشكلة الأشخاص الذين ليس لديهم شقة للسكن، فالشخص العادي وحتى لو عمل طيلة حياته ليؤمن لنفسه شقة سكنية فلن يكون بوسعه شراء 100 متر مربع من الأرض". ولهذا وعلى حد قوله فإن هذا الوضع الذي تشمل فيه الخارطة الهيكلية 90% من الأراضي الخاصة لا يمكن أن يستمر على هذا الحال والتخطيط المستقبلي هو على أراضي الدولة.

السكن الشعبي ما زال هامشياً

أبو حية من مواليد قرية بيت جن يدرك مشكلة قلة الأراضي في القرى، حيث قال لنا: "في بيت جن مشكلتين. الأولى هي أن قرية بيت جن محاطة بالمحميات الطبيعية. والآن يتم بيع آخر أرض للدولة حيث يتم عرض 258 وحدة سكنية للجنود المسرحين من الخدمة العسكرية. والمشكلة الثانية هي التضاريس الجبلية – البناء والتطوير في التضاريس الجبلية مُكلف للغاية، ولهذا السبب نجد أن كثير من الشباب أبناء بيت جن يسكنون خارج القرية".

وعلى حد قول أبو حية فإن المساكن الشعبية لم تتحول بعد إلى سلعة مطلوبة في البلدات العربية، وذلك على الغرم من تزايد الطلب عليها في أوساط العرب في المدن المختلطة مثل يافا على سبيل المثال. وعلى حد قوله فقد فشل هذا المشروع في بلدتين ويتم في هذه الآونة تجريب مشروع شعبي في مدينة رهط لأجل حل مشكلة السكن في عشوائيات الصاج، وذلك على الرغم من أن المجتمع البدوي يقع في نطاق مسؤولية سلطة البدو.

ويقول أبو حية إن "الهدف في نهاية المطاف هو عدم بناء البيوت، بل شرائها". وعلى حد قوله فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الوزارة في هذا المضمار فإن 3% فقط من السكان يستنفذون حقهم في الحصول على إعانة لسداد أجرة الشقة ويركز مجهوده على هذه الناحية: "هناك مشاكل مميزة – حتى قبل سنة من اليوم لم يكن بالإمكان الحصول على إعانة إذا تم استئجار الشقة من أحد أقرباء الأسرة، ومن ثم تم تعديل ذلك بعدم جواز استئجار شقة من أحد أقارب الأسرة من الدرجة الأولى، وهناك كذلك مسائل تتعلق بالسياسة والإجرام والعلاقات بين العائلات. فالمرأة المستحقة للإعانة والتي تستأجر شقة من عائلة معادية لن تأخذ الشقة ولن تسمح لها أسرتها بذلك".

"كانت المناطق العامة تُستخدم لرمي النفايات ولوضع حاويات القمامة، أما اليوم فتُبنى فيها حدائق ألعاب وتُزرع فيها الأشجار، فلا يُعقل أن تأتي العائلات من دير الأسد للعب في كرميئيل لأن ليس لديها مكان غيره. وعلى الصعيد الموازي أوجه دعوة لبناء مؤسسات عامة. فمن خلال هذه المؤسسات يتم تربية الأجيال الجديدة على ممارسة أنشطة ما بعد الظهيرة وأنشطة تربوية غير رسمية ودورات وغيرها. نبني والناس يأتون والطلب يتزايد. هذا الأمر سيشكل لغزاً حقيقياً والمجتمع سيهرع إلى هناك".

لكن ليس الجيل الجديد وحده بحاجة إلى رعاية، فمراكز المدن القديمة لا تزال هي المراكز التي تعج بالحياة والحركة في كل البلدات والاكتظاظ يجلب معه مشاكل خاصة به. "هناك بيوت تغمرها السيول في الشتاء. وإذا تم شق شارع ستجد عامود لخطوط الهاتف وسط الشارع والباص لا يمكنه العبور. اليوم تجد في كل بيت 2-3 سيارات ويوقفون سياراتهم في الشارع ويتشاجرون على أماكن وقوف السيارات وقد تصل الأمور أحياناً إلى القتل".

أبو حية لا يوهم نفسه بالنسبة للحلول التي تقترحها وتنفذها وزارة الإسكان. "أي ميزانية لن تكون كافية. فمهما أنفقت في هذا المضار فإنه مجرد نقطة في بحر. سنستثمر في الأماكن التي يوجد فيها احتمال للنجاح والتي ستؤثر على شريحة كبيرة من السكان. ليست هناك حلول سحرية في هذه المجالات".

يعتقد أبو حية أن توافر تلك الأدوات والإمكانيات والتواصل مع ميادين العمل طريقة لبناء الثقة مع المجتمع العربي: "هناك أمور لن يحصل عليها السكان كما يحصلون عليها سكان تل أبيب، لكن لا بد من إبداء المرونة وإجراء تعديلات، فليس من الوارد ألا يتم الرد على أي توجه يصلنا خلال أسبوعين وأحياناً خلال يوم واحد. الحكمة هي أن تجعل السكان يشعرون بالانتماء ويشعرون أن الدولة تعتني بهم. حين نقدم لهم حلولاً لائقة تفي باحتياجاتهم فهذه هي الوصفة الرابحة".

 

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع