صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأربعاء 15 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

"الدولة أنشأت جهازين تربوييْن-جهاز يهودي وجهاز عربي – دون واجهات بينية، ما عدا للمنهاج الدراسي"

عبد الله خطيب اعترض على إنشاء قسم منفرد للتعليم العربي في وزارة التربية، غير أنه يترأسه منذ 17 عاماً | في حوار له مع صحيفة "دفار" شرح لنا كيف يرى أن مستقبل التربية يتوقف على دمج المعلمين اليهود في المؤسسات التربوية العربية والعكس، وكيف تعامل مع ظاهرة العنف ومع صعوبات اللغة ومع قلة المستشارين التربويين

عبد الله خطيب: "سر النجاح هو في تعزيز السلطات المحلية العربية وتعزيز الثروة البشرية"
(تصوير: ينيف شرون)
عبد الله خطيب: "سر النجاح هو في تعزيز السلطات المحلية العربية وتعزيز الثروة البشرية" (تصوير: ينيف شرون)
بقلم ينيف شرون

أتم عبد الله خطيب 17 عاماً في رئاسة قسم التعليم العربي في وزارة التربية، ويأسف على تأسيس هذا القسم أصلاً. حيث صرح في حوار مع صحيفة "دافار": "في لجنة دوفرات لم أؤيد تأسيس مديرية عربية منفردة. كنت أخشى أن يحدث للعرب ما حدث للحرديم. أرغب أن يكون جهازاً حكومياً عاماً. اليوم يوجد هناك تربية عربية في المقر، أما في الميدان فإن مدراء المحافظات هم من يديرون التعليم العربي. يجب بناء جهاز واحد مع تعديلات وموائمات لكل قطاع. مسألة القطاعات أنتجت نزعة انفصالية بين الجهازين التربوييْن".

وصل خطيب إلى الجهاز التربوي بصفته مديرا لمدرسة السلام الشاملة في قرية الشيخ دنون الواقعة في نطاق المجلس الإقليمي ماطي آشر. وحدثنا عن الدمج الرائع بين العرب واليهود واليوم هو يغادر وظيفته بفخر، حيث قال إن "نسبة التلاميذ العرب الذين يواصلون الدراسة للتعليم العالي في ازدياد وتم بناء آلاف الصفوف وتم تحديث وتطوير أساليب إعداد المعلمين وتدريبهم. حتى عام 2016 لم يكن هناك ما يُسمى "تربية لا منهجية". وبموجب القرار 922 بدأنا بفتح وتشغيل دورات وكبرت نسبة مشاركتنا من 5% إلى 40%، وأتطلع لبلوغ نسبة 70%. دأبت على إقامة علاقة وتواصل تتابعي ومهني مع الوزراء ومع المدراء العامين ومع لجنة رؤساء السلطات المحلية".

"عظمة الدولة في التكافل المتبادل"

إحدى القضايا التي تشكل موضع خلاف في المجتمع العربي هي قضية الخدمة الوطنية-المدنية. وقد سعى خطيب للدفع باتجاه تأييد هذه الخطوة، حيث قال لنا: "بصفتي مواطن عربي إسرائيلي فإن مسألة المساهمة لصالح المجتمع والمشاركة الاجتماعية هي أمور تقع على رأس أولوياتي، ذلك لأنني على قناعة بوجوب الشراكة. في نهاية ولايتي أقول إن لدي 3500 متطوعاً في المجتمع العربي. أدرت عشرات الجلسات وزعم رؤساء السلطات المحلية بأن الخدمة الوطنية هي مسألة تابعة لوزارة الأمن، أما أنا فقلت لهم أنها يجب أن تقع في نطاق مسؤولية وزارة التربية والتعليم. فالشباب يتطوعون لصالح مجتمعاتهم داخل المجتمع الإسرائيلي. ومنذ أن أعربنا عن نيتنا بأخذ هذه القضية على عاتقنا رغب رؤساء السلطات المحلية بأن يكونوا شركاء معنا. يحتاج الخريج العربي أن يتطوع لمدة سنة لها أهميتها في مجتمعه وفي المجتمع الإسرائيلي. هنا تكمن عظمة الدولة، إنه التكافل المتبادل. وبدون تكافل متبادل لن نبني علاقات وتواصل. يجب أن يكون هناك احترام متبادل وتقدير متبادل واحترام للخصائص المختلفة لكل مجتمع".

"في المدرسة الابتدائية ليست هناك ميزانية مرصودة من الدولة لتشغيل مستشار تربوي. أما في المدارس الإعدادية والثانوية فهناك مستشار تربوي وفي بعض المدارس لا يوجد مستشارين على الإطلاق. لقد قمنا باستطلاع 300 مدرسة ووجدنا 120 مدرسة منها خالية من المستشارين. وبدون مستشارين لا يمكن تطبيق برامج ومشاريع".

كيف يمكن التعامل مع العنف في المجتمع العربي؟

"يأتي التلاميذ إلى المدرسة محملين بشحنات عاطفية ووظيفة المعلم هو تحرير التلاميذ من هذه المشاعر وتسهيلها. بعض المربين لم يتلقوا تأهيلاً يخولهم بالتعامل مع القضايا الراهنة. وللأسف هذه جزء من الضعف الذي يشوب الجهاز التربوي العربي. يجب تدريب المعلمين وإعدادهم للتعامل مع هذه الأحداث، وإذا لم يكتسب المعلم الأدوات اللازمة فسيظل متفرجاً وغير فاعل".

ماذا صنعتم بالنسبة لهذه القضية؟
"أعددنا برنامج عن يوم الأرض. 15% من المعلمين تحدثوا عن يوم الأرض. أما 85% من المعلمين فلم تكن لديهم أدوات ولم يكتسبوا مهارات لاستخدام البرامج التي طورتها وزارة التربية والتعليم في موضوع الأحداث الراهنة وقضايا الساعة. لقد تم تأهيل المستشارات، لكن هناك مستشارة واحدة فقط في كل مدرسة. يجب إجراء تدريب وإعداد على مستوى المدرسة. سألت التلاميذ ماذا يفعلون في الساعة التي يقضونها مع مربي الصف، فأجابوني أنهم ينشغلون بموضوع الرياضيات لأن مربي الصف هو معلم رياضيات. من السهل على المعلمين استخدام هذه الساعة الأهم في الجهاز للخوض في مواضع أخرى".

ما مدى الخطورة الناجمة عن نقص المستشارين؟
"ليس هناك ميزانية مرصودة من الدولة لتشغيل مستشار تربوي في المدرسة الابتدائية. أما في المدارس الإعدادية والثانوية فهناك ساعات مخصصة للمستشار التربوي. وفي بعض المدارس لا يوجد مستشارين على الإطلاق. لقد قمنا باستطلاع 300 مدرسة ووجدنا أن 120 مدرسة منها خالية من المستشارين. وبدون مستشارين لا يمكن تطبيق البرامج. الآن يتم تمويل هذه الفعالية في جهاز "جيفن" (الذي يمنح مدير المدرسة الحق بان يقرر أين يستثمر جزء من الأموال التي تأتيه من وزارة التربية والتعليم). وجزء من مشاهد العنف تحدث لأن منظومة الاستشارة لم تصل إلى كافة التلاميذ".

"يجب أن يتعلم التلاميذ في المدارس عن محمود درويش وعن يوم الأرض"

يتبين من نتائج فحص المناخ التربوي في المدارس أن العنف لدى العرب يتصاعد مع التقدم في السن. "الأوضاع الاجتماعية-الاقتصادية مؤثرة بلا شك ولهذا ينبغي إيجاد منظومة شاملة للتشخيص والعناية. يجب التعرف على التلاميذ وبناء برنامج لكل تلميذ. يجب تطبيق برامج تربوية في هذا المجال منذ مراحل التعليم الابتدائي وتعزيز منظومة المستشارين التربويين. يجب رصد التلاميذ والتعرف عليهم منذ مرحلة التعليم الابتدائي. وإن لم نفعل ذلك فسوف تتدهور الأوضاع نحو الأسوأ".

خلال النقاشات الدائرة حول التربية والتعليم في المجتمع العربي تطفوا دائماً قضية التربية للهوية. ويقول خطيب أنه كان هناك نضال صعب أمام الساسة لأجل إدخال قصائد محمود درويش وسميح القاسم للمنهاج التربوي. "إن لم نتعلم عن محمود درويش وعن سميح القاسم، فسوف يتعلم عنهم التلاميذ من شبكات التواصل الاجتماعية، لذا من الأفضل لنا أن نعلمهم عنهم في نطاق المناهج الدراسية التي تقررها وزارة التربية والتعليم. طالبت بأن يتعلموا عن يوم الأرض. يجب أن يتعلموا عن يوم الأرض وأن يتعلموا كيف يتم تسهيل الحواجز فيما بيننا وكيف يتم تحسين العلاقات. يجب أن يكون مضمون الرسالة: يجوز الاحتجاج والتظاهر، لكنك مواطن في دولة إسرائيل. لا للتخريب المتعمد ولا لخرق القانون"
"يجب تغيير المنهاج الدراسي للغة العبرية وتغيير امتحان البجروت. يجب التشديد على التعبير الكلامي. تعليم القواعد والقراءة أسهل من تعليم الحديث باللغة العبرية. والمعلمون يشددون فقط على حفظ الكلمات والقواعد. لا يمكن تعليم هذا الكم من القواعد، بل يجب التركيز على اللغة المحكية"
خطيب قلق إزاء تراجع استخدام اللغة العربية السليمة. "من الأسهل على التلاميذ الكتابة باللغة الشعبية. إنها مشكلة شائعة في العالم العربي كله. هناك خطة قطرية لدعم تعليم اللغة العربية. يتعلم التلاميذ أسس الدين لكنهم لا يتطرقون بتاتاً إلى التراث. اللغة العربية هي أساس الثقافة والتراث والدين"

ما العيب في المنهاج القائم حالياً؟
"هناك منهاج قديم منذ عام 2010 لم يتم تطبيقه. يجب إعداد ووضع مناهج جديدة. قرار الحكومة رقم 550 شدّد على أهمية تراث وثقافة وهوية التلميذ العربي. إنه تحد كبير أمام وزارة التربة والتعليم".

وماذا بشأن اللغة العبرية؟ هل يتقنها التلاميذ؟
"ليس بالقد الكاف، وهذا هو العائق الأساسي على طريق الاندماج. هناك ما يقارب 32 ألف تلميذ في الجهاز التربوي العربي، منهم 70% مستحقين لشهادة البجروت و56% منهم يستحقون شهادة بجروت تؤهلهم للالتحاق بالجامعات. حوالي 17 ألف منهم يُقبلون للجامعات لكن قسم كبير منهم لا يجيد اللغة العبرية بالشكل اللائق. في المدارس الثانوية نجد التلاميذ العرب جيدون في اللغة الإنجليزية وأقل مهارة في اللغة العبرية. خرجت مرة لجولة مع الإدارة التربوية في مدينة الناصرة. تحدثنا مع تلاميذ من صفوف الثاني عشر. تحدث معنا التلاميذ باللغة الإنجليزية وليس باللغة العبرية. لغة التواصل الاجتماعي هي اللغة العربية أو الإنجليزية. فالتلميذ العربي يستخدم تطبيق "تيك توك" باللغة العربية أو الإنجليزية".
خطيب من سكان قرية اعبلين يقول إن هذه مشكلة جديدة. "قبل 30 سنة لم نتحدث عن هذه المشكلة. ذهبت للدراسة في ثانوية حيفا لأنه لم تكن هناك مدرسة ثانوية في قرية اعبلين. وأثناء وجودي في المدرسة وفي طريقي إلى المدرسة تعرفت على اللغة العبرية. وفي المدرسة الثانوية علمتني المعلمة نحاما ريكم اللغة العبرية وقد كانت معلمة عظيمة". وبحسب رأيه فإن تطور المجتمع العربي أدى إلى الانفصالية لأن الشباب العرب لا يحتكون باللغة العبرية بكثرة. "كبرت القرى والبلدات واليوم لا يحتاج سكان أم الفحم للخروج من المدينة لأجل الذهاب إلى مراكز التسوق".

كيف يمكننا تغيير هذا الوضع؟
"يجب أن يتغير منهاج تدريس اللغة العبرية وطريقة امتحان البجروت في اللغة العبرية. ينبغي التركيز على التعبير الكلامي. تعليم قواعد اللغة العبرية وقراءتها أسهل من الحديث باللغة العبرية. والمعلمون يشددون فقط على الحفظ وتذكر الكلمات والقواعد. هناك حدود لكمية القواعد التي يمكن تعليمها ويجب التركيز على اللغة المحكية". ويعتقد خطيب أن تعليم اللغة العبرية باللغة العربية قد أثبت فشله وينبغي التحول لتعليم اللغة العبرية باللغة العبرية. ولهذا يدفع خطيب باتجاه دمج معلمين يهود في المدارس العربية" "يجب تقصير الحواجز بين المجتمعات. لقد خلقت الدولة جهازين تربويين دون واجهات بينية، ما عدا ما يخص المناهج الدراسية".
لكن مشروع الدمج لا يتقدم إلى الأمام. ويقول خطيب: "هناك الآن حوالي 1000 معلم مدموج، وليس جميع مدراء المدارس اليهودية يرغبون باستيعاب معلمين عرب. إنهم يخشون من الصدام مع الأهالي"

كيف يمكن حل هذه المشكلة؟
"يتعين على وزارة التربية والتعليم أن تهيئ المدراء نفسياً. يجب اتخاذ قرار جريء يقضي بتطبيق الدمج. على الدولة أن تفعل ذلك كخطة استراتيجية وكسياسة تتبناها وزارة التربية والتعليم. يجب وضع سقف عال لعدد المعلمين الذين يتم دمجهم ويجب التفكير بطريقة مغايرة وغير نمطية. لا أستبعد بتاتاً تقديم محفزات لهؤلاء المعلمين لن ذلك قد يؤدي إلى استيعاب عشرات المعلمين"

نصف التلاميذ العرب تحت خط الفقر

إلى جانب الشعور بالإنجاز فإن خطيب مدرك لمشاكل التعليم العالي في المجتمع العربي. "46 ألف من طلاب اللقب الأول في إسرائيل هم من العرب. لكن هناك 20 ألف طالب عربي يسافرون للدراسة خارج البلاد، ومنهم 12 ألف يدرسون في مؤسسات في السلطة الفلسطينية، وخاصة مهن طبية ومهن تدريس. من الصعب على هؤلاء الطلاب التأقلم لأنه يفتقدون مهارة اللغة العبرية. يحملون لقباً أول في التمريض ولا يجدون عملاً بسبب اللغة. أريدهم أن يدرسوا في الدولة".

كيف نفعل ذلك؟
"يمكننا بناء مراكز تعزيز للطلاب الجامعيين في الكليات. هدفنا هو تقليص حجم الدارسين خارج البلاد. كثير من المعلمين في جنوب البلاد يدرسون في السلطة الفلسطينية. هناك فروق في المعارف والممارسات والمضامين. إنهم لا يتعلمون تاريخ إسرائيل، وكذلك في تعليم الدين توجد أجندة مختلفة. وهذا يؤثر على مبادئ الطلاب. نحن نرغب بأن يعرفوا التراث وأن تكون لهم هوية شخصية وهوية مدنية. إنهم عرب ومن مواطني دولة إسرائيل".

خطيب وفريق جمعية البيرق. "يحذر المدراء من أن هناك تلاميذ لا يأتون إلى المدرسة بسبب نقص المستلزمات" (تصوير: ينيف شارون)
خطيب وفريق جمعية البيرق. "يحذر المدراء من أن هناك تلاميذ لا يأتون إلى المدرسة بسبب نقص المستلزمات" (تصوير: ينيف شارون)

يتطوع خطيب حالياً للعمل في جمعية البيرق لتطوير المجتمع العربي. "هناك 550 ألف تلميذ في المجتمع العربي ونصفهم يقعون تحت خط الفقر. 40 سلطة محلية عربية من أصل 50 تقع على مرتبة 1-3 على السلم الاجتماعي الاقتصادي. جميع السلطات المحلية البدوية وعددها 17 تقع في فئات 1-2. إنها سلطات محلية ضعيفة وفقيرة. ويحذر المدراء من عدم وصول تلاميذ إلى المدرسة بسبب نقص المستلزمات. هناك منح في الوزارة للمدراء في المجتمع العربي لأجل شراء القرطاسية والمستلزمات، لكنها وبسبب الأوضاع الاقتصادية لا تصل إلى كافة التلاميذ".

أطلقت الجمعية خلال هذا الشهر حملة "حقيبة لكل تلميذ"، حيث سيتم توزيع 10000 حقيبة في جميع أنخاء البلاد. "الهدف هو مساعدة التلاميذ على القدوم إلى المدرسة يوم الأحد وعلى وجوههم ابتسامة وعدم التغيب عن المدرسة بسبب نقص المستلزمات. سوف تحتوي الحقيبة على جميع القرطاسية اللازمة وسيتم تسليم الحقائب إلى مدراء مكاتب الشؤون الاجتماعية وهم سيوزعونها على التلاميذ".

لو نظرت إلى الوراء، فهل هناك شيء أنت نادم عليه؟
"هناك أمر أساسي لم يكن بمقدوري التأثير عليه: تأهيل المعلمين. إنها مسألة تضايقني كثيراً. أعداد فائضة من المعلمين الذين لا يجدون عملاً تنذرني بالخطر. لقد فشلت في معالجة أمر تأهيل المعلمين. لم أنجح بجذب المتفوقين لممارسة مهنة التعليم. منظومة التعيين المتبعة في الوزارة منعتني من ذلك. لم أنجح في إحداث التغيير الذي رغبت برؤيته".

كيف ترى مستقبل الجهاز التربوي؟
50% من التلاميذ المترفعين للصف الأول سيمارسون العمل بمهن غير موجودة حالياً. يجب أن يتزودوا بأدوات ومهارات تساعدهم على الاندماج والانخراط في العالم. لقد قمت بإعداد وتعزيز أشخاص ليواصلوا الدفع نحو الأمام. شخصية الخريج المطلوبة لمواطن دولة إسرائيل هي شخصية خريج يحمل مبادئ اجتماعية وإنسانية ومواطن فعّال. سر النجاح: في تقوية السلطات المحلية العربية وتعزيز الثروة البشرية".

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع