خسر منتخب كرة القدم الإسرائيلي للنساء مباراته يوم الثلاثاء (6/9) ضد منتخب صربيا بنتيجة 2:0، وذلك في جولة التصفيات التمهيدية لبطولة العالم 2023، أمام جمهور تعداده 1017 مشجعاً في ملعب نس تسيونا. كانت هذه آخر مباراة للمنتخب في هذه الدورة التي انتهت بفوز المنتخب بالمرتبة الخامسة في المجموعة وفي رصيده تسع نقاط. خاض منتخب إسرائيل هذه المباراة بعد تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية، مرتين ضد منتخب بلغاريا ومرة ضد منتخب تركيا.
"ما يهمنا حالياً هو مواصلة الصعود في التصنيف"، هذا ما قالته لصحيفة "دافار" لاعبة المنتخب مريان عوض، "وأمامنا طريق طويل ونعرف أن فرصتنا ستحين بعد سنة أو سنتين، ولربما أربع سنوات".
مبارتان تدريبيتان فقط خلال آخر ست سنوات
المنتخب الإسرائيلي مُصنف حالياً في المرتبة 69، وذلك لعدة أسباب ومنها أن المنتخب لم يخض سوى مبارتين تدريبيتين خلال السنوات الست الأخيرة. المنتخب الحالي هو منتخب شاب ومعظم لاعبات الفريق في سن 24 سنة وأقل. "كل فوز أو تعادل ياخذنا للأعلى، وسيحدث ذلك حين نكون جميعنا أكبر سناً وأكثر تجربة. منتخبنا شاب ومن المرتقب أن نلعب لسنوات عديدة معاً. من المهم بالنسبة لنا حالياً أن تعرف كل واحدة منا الأخرى على أفضل وجه".
كما قالت لنا عوض أنه كانت هناك محاولة لإجراء تدريبات استعداداً للمباريتين، لكن وبحسب تعبيرها فقد "كان الأمر صعباً للغاية لأن هناك الكثير من اللاعبات اللاتي يلعبن خارج البلاد والفرق قد عادت للتو للتدريبات". لاعبة الوسط البالغة من العمر 25 سنة تُعتبر من قدامى اللاعبات في المنتخب وفي رصيدها 22 مشاركة في زي المنتخب الوطني. أنهت عوض موسماً في فريق فياريال الأسباني وكانت اول مشاركة لها في عام 2017 ضد منتخب مالطا، حيث سجلت أحد أهدافها الثلاثة في المنتخب.
ما بين سخنين ولونغ آيلاند: "أستثمر أضعاف طاقتي في كل تدريب"
ترعرعت عوض في مدينة حيفا في كنف أسرة تعشق كرة القدم، حيث حدثتنا: "أبي وجدي كان لديهم هوس بكرة القدم. كانوا يشاهدون مباريات كرة القدم على التلفزيون. حاولت خوض عدة فروع في الرياضة- سباحة، تنس وكرة يد. وفي نهاية الأمر أكثر ما جذبني هي كرة القدم. كنت ألعب كثيراً في الحارة. كنت لاعبة فريق في حيفا إلى أن قالوا لي عند بلوغي سن 11 سنة أن ليس بوسعي مواصلة اللعب مع الأولاد"
انتقالها بشكل طبيعي لكرة القدم للنساء تم فقط حين بلغت من العمر 14 سنة، حيث قالت: "أحد زملاء أمي في العمل قال لها ان هناك فريق بنات في سخنين، وعلى الرغم من بعد المسافة عن حيفا، إلا أنني لم أرغب بالتوقف عن اللعب. كنت أسافر لهناك بعد الدوام المدرسي في ساعات الظهر وأعود للبيت عند الساعة الحادية عشرة ليلاً. كان أمراً شاقاً وكنت أسافر فقط في سيارات أجرة".
سرعان ما برزت موهبة عوض وفي السنة ذاتها تم استدعائها للعب في منتخب الشبيبة للفتيات حتى سن 17 سنة وشاركت في معسكر تدريبات في قبرص. من ثم انتقلت عوض إلى مجموعة مكابي مواهب في الخضيرة وحين تم تشكيل المنتخب للفتيات حتى سن 19 سنة وقٌبيل استضافة الدوري البيتي في عام 2015 تم ضمها إلى المنتخب. وقالت عوض: "عند نهاية دوري يورو الفتيات رغبت بالسفر إلى خارج البلاد، حيث كانت لدي صديقة رائعة وأقنعتني أن أذهب للدراسة لنيل لقب أكاديمي. سافرت إلى جامعة لونغ آيلاند ودرست هناك إدارة الرياضة".
كيف تختلف كرة القدم في الكليات عن كرة القدم التي تعرفينها؟
"كنت مصدومة من نظرة الناس هناك لكرة قدم النساء، إنه الفرع النسائي الأكثر شعبية في الولايات المتحدة. لقد كانت تلك تجربة مذهلة، فقد تعلمت من الناحية المهنية كيف ينبغي لي أن أتصرف وكيف أتعامل مع هذا الفرع بالذات. وذلك من حيث الالتزام بالمواعيد والمعاملة التي تبدينها في كل تدريب، حيث عليك أن تقدمي ليس 200% مما لديك، بل ألف بالمائة مما لديك، لأن هناك 3-4 مدربين يراقبونك وهناك غلاف محيط يدعم الاحتراف وهناك ملاعب ومعدات".
بعد أربع سنوات دراسة في الكلية عادت عوض إلى مكابي بنات عيمك حيفر، حيث أصبح هذا الفريق بمثابة بيت بالنسبة لها. وبعد أن لعبت سنتين في هذا النادي، تعاقد نادي عيمك حيفر لإجراء تعاون مميز مع نادي فياريال الأسباني بهدف النهوض بهذا الفرع في البلاد. وفي سياق هذا التعاون انتقلت اللاعبتان، عمانوئيل أفراهامي ومريان عوض للعب في صفوف الفريق التابع للنادي في الدوري درجة 3 في أسبانيا.
وبالتزامن مع تنتمية احترافها للعب فقد اكتسبت مريان تجربة مهنية احترافية هامة في كل ما يتعلق بإدارة الرياضة في أسبانيا. "لقد كانت تلك تجربة احترافية مهنية مذهلة. كنت أرافق شخصاً كانت هذه هي وظيفته، وذلك لكي أتعلم وأكتسب التجربة"، هذا ما قالته عوض ثم أضافت: "كان الأمر جيداً في البداية، لكن الأمور صارت أصعب بعد ذلك لأنني كنت ملزمة بالمشاركة في مباريات المنتخب، فقد كنت أبدأ ومن ثم بعد شهر أو شهرين أضطر للسفر للمشاركة في المباريات، ومن ثم أعود ويجب أن أبدأ من البداية كل مرة، ولهذا فقد كان من الصعب علي التوفيق بين الأمرين".
"أريد مواصلة اللعب في أوروبا لكي أتعلم وأكتسب المزيد من الخبرة"
كيف كانت تجربتك في أسبانيا؟
"لطالما حلمت بأن ألعب في أسبانيا. فمن الناحية المهنية جميع الأمور منظمة ولا يتعين علي أن أهتم بأي أمر، بداية من المدربين وانتهاءً بالمعاملة التي حظيت بها. إنهم يأتون مستعدين ومعهم برنامج واضح للتدريب. كانت التدريبات بمستوى أعلى وتعلمت الكثير. كرة القدم الأسبانية تقوم على الذكاء وهي أكثر من مجرد رمي الكرة والجري، لأن كرة القدم في أمريكا أساسها القوة والجري وتعتمد أقل على كرة القدم الحديثة"
كيف ساعد ذلك في تحسين قدراتك كلاعبة؟
في بداية طريقي كنت أجري كثيراً وراء الكرة، رغبت دائماً أن أكون حيث تكون الكرة. وفقط حين كان عمري 25 سنة جاء مدرب وطلب مني أن أقف في الملعب وقال لي يجب أن تكوني هنا. وخلال التدريب كان يمسك بيدي ليرشدني ماذا أفعل. حقاً الأمر يطلب تفكيراً أكثر وأقل ركضاً وراء الكرة، وهذا أمر تعلمت منه الكثير وساعدني على التقدم. ثقافة الرياضة هناك قوية لدرجة لا تبقي لك فرص للتملص، لأنك تعيشين هذه الثقافة وتمارسينها بكل جوارحك"
أين وجدت الفرق في ثقافة النادي؟
"لك أن تلاحظ الفرق منذ فترة الطفولة، حيث تجد حارس المرمى يمسك الكرة بيديه والأطفال في سن الرابعة يعرفون تماماً أين يقف كل واحد منهم، لكن في البلاد حين يلعب أطفال بهذا السن فإنهم يركضون جميعاً إلى الكرة. الثقافة هناك تعتمد على كيفية تعليمك للطفل وكيف ترسخ الأمور في ذهنه وتعلمه الأمور الأساسية والمهمة بدل التركيز على النتيجة. وفي قسم الفتيات آخر ما يهمهم هو النتيجة، فهم يهتمون أكثر بالأسلوب وبتطوير اللاعبة وينظرون كيف يمكنهم استنفاذ أكثر ما يمكن من طاقات اللاعب الذي ترعرع لديهم".
تنتظر عوض انتهاء الإجراءات البيروقراطية قبل أن تنتقل إلى غايتها القادمة في أوروبا. "من المفترض أن ألعب في إيطاليا. توصلت إلى تفاهم مع فريق من الدرجة الثانية، فمن الصعب علي الانخراط في الدرجة الأولى لأنني لا أحمل جواز سفر أوروبي. ومن هناك أرغب بدفع نفسي إلى الأمام والتقدم أكثر فأكثر. حالياً تواجهني مشكلة بالنسبة للتأشيرة لكن هذا هو تخطيطي. أريد مواصلة اللعب في أوروبا وأن أتعلم وأكتسب خبرة أكثر".
أجريت مباريات المنتخي بعد دوري يورو حطم جميع الأرقام القياسية وتم خلال الصيف في بريطانيا، حيث حضر المباراة النهائية 87 ألف متفرج كانا قد ملؤوا مدرجات استاد ويمبلي، حيث كانت بريطانيا في طريقها لتحقيق فوز تاريخي بالبطولة. أما في إسرائيل فقد تم بث مباريات اليورو هذه السنة لأول مرة (عبر قنوات تشارلتون) وكان هذا الدوري بحد ذاته بمثابة علامة قارقة هامة في النمو السريع لفرع كرة قدم النساء في القارة الأوروبية وفي العالم أجمع.
كيف يمكننا جلب هذا النجاح الذي حققه دوري اليورو إلى إسرائيل؟
"يجب أن يأتي ذلك من جانبين، من جانب اتحاد كرة القدم ومن جانب اللاعبات. يجب علينا أن نعمل أقصى ما بوسعنا لمواصلة التقدم والتحسين وعلينا اكتساب الخبرة. اللاعبات يسافرن إلى أوروبا لأنهن يرغبن أن يصبحن لاعبات محترفات. توصلنا إلى اتفاق مع اتحاد كرة القدم ونأمل أن يحدث تغيير حقيقي وأن يأتي شخص ويقود هذا المسار على المدى البعيد ويرسم لنا الغاية النهائية التي يراها في الأفق"
في المباراة القادمة سيلعب المنتخب الإسرائيلي على ملعب صغير نسبياً في نس تسيونا وليس على استاد رمات جان واستاد بيتاح تكفا الكبيرين، حيث لعب المنتخب خلال السنوات الأخيرة. هناك مبادرة لمشروع جديد من جمعية "زازا" واتحاد كرة القدم لتأمين حافلات لنقل فرق نساء وفتيات لمشاهدة المباراة.
"يتوقف الأمر إلى حد كبير على التسويق. قبل المباراة ضد فريق تشلسي كانت هناك لافتات منصوبة في كل مكان وقدم لمشاهدة المبارة 8500 مشجع. عادة يصل بالمعدل حوالي ألف مشجع. وحين نلعب على ملعب كبير فمن الصعب أن تشعر بالمشجعين وأن تسمعهم"، هذا ما قالته عوض ثم أضافت: "أنا أنظر دائماً إلى الجانب الإيجابي، ففي نس تسيونا الملعب صغير وآمل أن أرى أكبر عدد ممكن من المشجعين. لأن حضورهم يدفعنا وللمشجعين أهمية كبيرة حين ندخل الملعب".