تم إغلاق مخيم شعفاط القريب من القدس بشكل كامل لمدة خمسة وتم منع السكان من مغادرة المخيم أو الدخول إليه. في أعقاب العملية التي استهدفت الحاجز القريب من المخيم والتي أسفرت عن مقتل الجندية نوعاه لازار وإصابة حارس أمن آخر بحالة حرجة، قام الجهاز الأمني بإغلاق المخيم الذي يبلغ تعداد سكانه نحو 20 ألف نسمة منذ يوم الأحد حتى يوم الخميس الماضي.
تحدث زكي ماجد، مُرّكز جمعية "علم" في شرقي القدس لصحيفة دافار: " أكثر من مئة ألف شخص تم حبسهم في شعفاط وأحياء أخرى. هذا عقاب جماعي غير مقبول وغير إنساني، فبدلاً أن يوقفوا الفوضى فقد زادوا الطين بلة. أن هذا عقاب للمخيم بأسره".
بالتزامن مع إغلاق المخيم اقتحمته أعداد هائلة من قوات الجيش والشرطة، والذين بشكل يتجنبون عادة الدخول إلى هذا المكان. ثم اندلعت مواجهات عنيفة بين الجنود ورجال الشرطة وبين المواطنين وتخللها أيضاً إلقاء الحجار والمفرقعات والزجاجات الحارقة مما أدى إلى اعتقال العديد من المواطنين ومن جملتهم شبيبة من صغار السن. وقد بلغت المواجهات ذروتها يوم الأربعاء، حيثُ أصيب اثنان من ضباط الشرطة وتعرضت عائلة يهودية للهجوم عندما تاهت في طريقها ودخلت إلى بلدة بيت حنينا القريبة واعتقل 23 شاباً عربياً. وكذلك تم إعلان إضراب شامل في شرقي القدس في يوم الأربعاء.
يقول ماجد: " الأحداث تقع هنا طيلة الوقت، بمعدل حادثين كل أسبوع، أما خلال أيام الإغلاق الخمسة فقد وقعت الأحداث كل يوم وفي كل مكان. نحن لا نخرج من البيت في ساعات المساء بسبب ما يحدث".
يقع مخيم شعفاط شمال مدينة القدس بمحاذاة بلدتين عربيتيْن- من الغرب راس خميس ومن الشرق ضاحية السلام، واثنان من الأحياء اليهوديّة – من الشمال بسجات زئيف ومن الجنوب هجعفاه هتسرفتيت (التلة الفرنسية). تأسس المخيم في عام 1965، ومنذ ذلك العام سكنه الفلسطينيين الذين أصبحوا لاجئين بعد حرب الاستقلال وحرب الأيام الستة. يقع في نطاق منطقة نفوذ بلدية القدس، وهو مخيم اللاجئين الفلسطينيين الوحيد الذي يقع داخل الأراضي الإسرائيلية.
لكن في واقع الأمر فإن العلاقة بين المخيم ومدينة القدس هشة وضعيفة. فمثله كمثل باقي الأحياء العربيّة الأخرى، حيث يقع المخيم على الجانب الفلسطينيّ للجدار الفاصل، والوصول عبره إلى كافة أقسام المدينة محدود ويشمل المرور عبر حواجز عسكرية. إجمالاً يعيش في البلدات الواقعة خارج الجدار الفاصل حوالي 100 ألف نسمة.
يقول ماجد: "في الأيام العادية ليست هناك أنشطة للسلطات الإسرائيلية في المخيم ولا يُسمح لمؤسسات السلطة الفلسطينيّة بالعمل هناك. يتم توفير بعض الخدمات للسكان اللاجئين عن طريق الوكالات العالمية التابعة للأم المتحدة. والحجة الرئيسية التي تقدمها السلطات الإسرائيلية لعدم وصولها إلى المخيم هي العنف المتكرر ضد الموظفين. لا يوجد شيء هنا، فقط طرق مزدحمة ومياه الصرف الصحي تتدفق في الشوارع وأكوام من القمامة".
وفي خضم هذا الواقع الفوضوي حاول ماجد رعاية الشباب. يقول: " وضعهم ليس جيد، هم يجلسون في بيوتهم وليس هناك ما يعملونه، فلا يوجد عمل ولا تعليم. معظمهم يدرسون داخل منطقة الجدار (في بلدات على الجانب الإسرائيلي من الجدار الفاصل-) لقد كانوا عالقين. يتجمع معظمهم في البيوت المكتظة. أنا أحاول العمل من خلال العائلات وتقديم المساعدة. جميعهم الآن قابعون في البيوت ويجب التعامل مع هذا الوضع وإيجاد فسحة".
يقول ماجد: " المشكلة هي الوضع الراهن، هم (الحكومة الإسرائيلية) يريدون إبقاء الوضع كما هو. ماذا تتوقع أن يحدث في مكان لا توجد به قوات إسرائيلية أو فلسطينية. والذي يدهشني أن الشرطة متفاجئة. ما الذي كانوا يتوقعونه؟ فهم لا يدخلون المخيم ولا يقدمون حلولاً للأزمات والمصاعب".
يقول ماجد: " أحداث شرقي القدس كانت مصحوبة بخطاب مثير للحماس من جانب الجهات الإسلامية بشأن مسجد الأقصى واقتحامات اليهود للمكان المقدس. وهذا ما أشعل النار".
يأمل ماجد أن تُغيّر الحكومية الإسرائيلية موقفها. إذا لم يفهموا أن هذا الأسلوب لا ينفع فهذا أمر مخيب للآمال. إنها خطوة في منتهى الحماقة (إغلاق المخيم). يجب الإصغاء وتحليل الأمور. كلما ساد الهدوء كلما كان أفضل. لا مصلحة لأحد في الحرب".