قال رئيس مجلس صحة الموظفين في وزارة الصحة، الطبيب الوظيفي الدكتور حاييم كوهين، في النقاش حول صحة العمال الفلسطينيين في إسرائيل الذي عُقد يوم الثلاثاء (29/11) في السفارة الألمانية، بحضور السفير الألماني في إسرائيل ستيفان زايبرت: " من الممكن أن يكون الصداع الذي أبلغ عنه حوالي 75% من العمال الفلسطينيين في فرع البناء في إسرائيل ناتجاً عن قلة ساعات النوم".
وأضافت الدكتورة لاليب أغوزي، مديرة قسم البحوث في مؤسسة السلامة والأمان، أن "قضية الوصول إلى مكان العمل بعد ثلاث أو أربع ساعات سفر هو أمر مُتعب ومُرهق، وقد تؤثر عليهم بلا شك. والاستطلاع الذي تم إجراءه في أوساط العمال الإسرائيليين بشان الصحة الوظيفية يدل على أن العمال الذين يسافرون لأكثر من ساعتين إلى العمل يُصبحون أكثر عرضة للتورط في حوادث العمل، كما انهم أيضا في خطر متزايد للإصابات بالأمراض المهنية".
عقد المؤتمر بعد تقرير شامل نشرته مؤسسة "كاف لعوفيد"، حيث ترتسم منه صورة مقلقة للعواقب الصحية للعمل في فرع البناء على العمال الفلسطينيين العاملين فيه. وكشف التقرير أن 42% من العمال الفلسطينيين يعملون بمواد خطرة لا يعرفون لمن يتوجهون في حالة تعرضهم لتلك المواد، وأن 17.6% فقط من العمال الفلسطينيين في فرع البناء تمكنوا من الاستفادة من استحقاقهم لأيام مرضية مدفوعة الأجر في العام الماضي.
وقال المحامي وائل عبادي الذي ينسق مجال العمال الفلسطينيين في نقابة عمال البناء والصناعات المرتبطة به: "الصداع سببه بالفعل قلة النوم. يغادر العمال المنزل في الساعة 2:00 صباحاُ للوصول إلى المعبر مبكراً، وإلا فإن الاكتظاظ سيتعبهم. لقد ذهبت إلى المعابر التي تحتوي على 8 مسارات ولكن اثنين منهم فقط كانا مفتوحين. هذه مسؤولية الدولة حيث يجب عليها الاهتمام بفتح جميع المسارات في نفس الوقت حتى يتمكن العمال من المرور بسرعة ".
أشار المحامي خالد دوخي من "كاف لعوفيد" إلى أن أكثر من 98% من المشاركين في استطلاع أجرته "كاف لعوفيد" أجابوا بأن الوصول إلى مكان عملهم يستغرق ما بين ساعتين وأربع ساعات. وحسب حديثه، فإنه يحلم بإزالة الحواجز، ولكن للأسف يجب تعزيز التحسينات للسماح بانتقال أسرع، والتنظيم من خلال وزارة المواصلات، مواصلات عامة من نقاط التفتيش تلبي احتياجات العمال الفلسطينيين وساعات دخولهم إلى إسرائيل.
"يجب السماح لهم بالنوم هنا، إنتاجية العمال الفلسطينيين أقل بنسبة 30%"
وأضاف نير يانشوفسكي، نائب رئيس اتحاد مقاولي البناء، بأن هذا تم بالفعل خلال فترة كورونا، عندما حصل المقاولون على تصريح استثنائي لإيواء عمال البناء الفلسطينيين في إسرائيل "في رأيي، ما يجب أن يحدث هو أن من يحصل على تصريح للعمل في إسرائيل يجب أن يحصل أيضًا على تصريح إقامة، وسيكون بإمكانه الاختيار بين العودة في المساء إلى السلطة أو البقاء للنوم هنا. السفر الطويل والمرور عبر الحواجز اليوم يضر أيضاً بإنتاجية العمال الفلسطينيين، والتي تقل بنسبة 30% عن إنتاجية العامل الإسرائيلي. لا يوجد منطق في ذلك، يجب السماح لهم بالنوم هنا، فهذا أفضل لهم ولنا وللدولة ".
أكد ياناشوفسكي أن اتحاد المقاولين يعمل على تشجيع إدخال تقنيات فعالة في فرع البناء حيث يمكن أن تقلل من الحاجة إلى إجراء عمليات خطيرة أو متكررة. بالإضافة إلى ذلك، قال إن الاتحاد يسعى في هذه الأيام مع الدولة من أجل الدفع باتجاه صياغة خطوط عريضة لبلورة جداول عمل للبناء. "فرع البناء بأكمله يعمل اليوم في ظل توتر عالٍ للغاية مما يؤثر سلبًا على صحة كل من العمال والمديرين. يضطر المقاولون اليوم إلى التوقيع على أنهم سيبنون بوتيرة أسرع مما هم قادرون عليه بالفعل، وبعد ذلك فإنهم يمارسون ضغوطاً على المقاولين الثانويين الذين يضغطون على العمال حتى لا يتم تغريمهم. نحن نحاول ترتيب هذه القضية ". وحسب أقواله هناك مشكلة أخرى تستدعي التنظيم وهي حقيقة أن المقاولين الذين يوظفون عمالًا أجانب حاليًا ملزمون بتوظيفهم لمدة لا تقل عن 236 ساعة. "هناك عمال إسرائيليون يجب عليهم إدارة هؤلاء العمال الأجانب. إنه عمل إضافي غير ضروري يجبرنا القانون على القيام به. لا أريد العمل أيام الجمعة والوردية المسائية. هذا لا يفيد الصحة ولا الإنتاجية. فهذا وضع غير منطقي ".
قال الدكتور راز ديكال، الطبيب الوظيفي الرئيسي في فرع العمل، الذي أشار إلى أنه في إسرائيل بأكملها يوجد أقل من مائة طبيب مهني: " حالة الصحة الوظيفية في إسرائيل بشكل عام ليست بسيطة. هناك العديد من الصعوبات الإضافية في حالة عمال البناء الفلسطينيين. فرع البناء في حد ذاته معقد، لأن الطب الوظيفي يفحص عادة بيئة العمل الدائمة للموظف على مستوى العمل وطرق العمل فيها. عندما يكون العمل في مبنى، يكون كل شيء مؤقتًا ويتغير. يتم تغيير الورشات وكذلك تتغير ظروف العمل في كل ورشة بسرعة. وهناك مشكلة أخرى تتمثل في إمكانية الوصول إلى التاريخ الطبي للعامل الفلسطيني الذي يتعالج في الغالب في مكان آخر، بلغة لا يعرف هو نفسه كيف يقرأها دائمًا وبمعيار فحص غير موحد دائمًا ".
وأكدت الدكتورة لاليب أغوزي أن مبنى العمل المعقد في الفرع يعني أن العاملين الذين يعملون بمواد خطرة يتنقلون بين أصحاب العمل بوتيرة عالية. وأن فترة عملهم القصيرة عند كل مُشّغل يعني أن أصحاب العمل لا تشمل أعمالهم في برامج السلامة في ورش العمل، ولا يدرجونهم في برامج المتابعة الصحية المطلوبة وفقاً لنوع عملهم والمواد التي يعملون بها. قالت أغوزي: "قد يكون من الضروري وضعه في برنامج صناعي وإنشاء بطاقة موظف للمعرضات السنوية". اتفق معها الدكتور ديكل في المستوى الطبي، لكنه أشار إلى أن متابعة التعرض على مستوى الموظف وليس على مستوى نقطة العمل كما يتم فعله هذه الفترة في المصانع لأنه صعب التنفيذ للغاية. في "كاف لعوفيد" أوصوا بترتيب فحوصات طبية دورية في فرع البناء للعمال الفلسطينيين، على حساب أصحاب العمل، أو تشغيل سيارة طبيّة متنقلة تابعة لوزارة الصحة تتنقل بين أماكن العمل وإجراء الفحوصات الأساسية بشكل كاختبارات نظر وسمع مع الحفاظ على خصوصية العاملين.
كان هناك إجماع بين المشاركين في النقاش حول الحاجة إلى تعزيز وعي العمال الفلسطينيين بقضايا الصحة الوظيفية، من خلال إطلاق حملة توعوية حول هذا الموضوع بالتعاون مع مختلف الأطراف: منظمات العمال وأصحاب العمل، بما في ذلك فرع العمل الإسرائيلي بالتعاون مع وزارة العمل الفلسطينية. قال المحامي عبادي من النقابة- الهستدروت وأكد على أهمية زيادة الوعي بقضايا الصحة المهنية بين أرباب العمل في الفرع أيضًا: "أنا متأكد من أنهم لا يعرفون كيفية الاستفادة من أيام المرض والعناية بأنفسهم في حالة وقوع حوادث. نحتاج إلى شرح ذلك لهم بلغة بسيطة يفهمونها".
أكد تسفي روث من مؤسسة تشجيع وتطوير فرع البناء أن جزءًا من المشكلة يكمن في مبنى التوظيف في المجال مع العديد من المقاولين والمقاولين الثانويين، مما يضعف مسؤولية أصحاب العمل عن موظفيهم. "هناك علاقة واضحة بين حجم المقاول ومن هم عُمّاله. في نهاية السلسلة، هناك أضعف العمال مع أضعف المقاولين وهذه هي النتيجة."