صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأحد 28 نيسان 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

معلم وصديق بكر قاعود، مرسال شركة "وولت" الذي لقي مصرعه: " قلتُ إن بانتظاره مستقبل باهر"

بكر قاعود جبارين، الذي لقي مصرعه الأسبوع الماضي أثناء عمله، كان "عبقري" الأسرة، وكافح لأجل الخروج للدراسة وإعالة أسرته، وقد قال في السابق: "لن ينقصنا شيء بعد الآن"| معلمه وصديقه، أحمد محاميد، يروي عن الشاب اللامع الذي أحب البلاد، والذي كان مستقبله كله أمامه: "إنسان يخرج إلى العمل ولا يعود. هذا يحدث كثيرًا في أم الفحم".

מימין: מוחמד בכּר קאעוד ג'בארין, שנהרג במהלך עבודתו כשליח וולט; אחמד אבו עמאד מחמיד, מורו של קאעוד (צילומים: מתוך רשתות חברתיות לפי סעיף 27א' לחוק זכויות יוצרים, אלבום פרטי)
من اليمين: محمد بكر قاعود جبارين الذي لقي مصرعه اثناء عمله مرسالاً لتوصيل الطلبيات في شركة "وولت". أحمد أبو عماد محاميد، مُدّرس قاعود (الصور: من شبكات التواصل الاجتماعي وفقًا للبند 27 أ من قانون حقوق النشر، الصورة منشورة بإذن صاحبها)
بقلم هداس يوم توف

"كان أمل العائلة"، هذا ما قاله الأستاذ والصديق المُقرب لمحمد بكر قاعود جبارين، مرسال توصيل الطلبيات في شركة "وولت" الذي لقي مصرعه الأسبوع الماضي. حدثنا عن فتى عبقري من أسرة تعيش ظروف صعبه في أم الفحم وكان يحلم ببناء منزل لأسرته، حدثنا عن رجل لطيف ومهذب كان يحترم الجميع ويريد السلام، وعن رغبته في الاندماج والحب لإسرائيل وللغة العبرية وعن شاب يبلغ من العمر 23 عامًا فقط، ذهب للعمل في الصباح – ولم يعد.
يقول أحمد أبو عماد محاميد: "منذ أن استوعبته في الصف العاشر عرفت على الفور أنه مميز. صبي لديه إلمام واسع جدًا بكل شيء، ليس أدري من أين اكتسب تلك المعرفة". محاميد كان مدرس محمد بكر قاعود جبارين لمدة ثلاث سنوات في مدرسة عين جرار الشاملة (التسامح) في أم الفحم، ويعمل حاليا مديراً للمدرسة الثانوية التكنولوجية في جسر الزرقاء، وأكمل حديثه: "كل من درّسه من معلمات ومعلمين، حتى قبل سنوات عديدة، يتذكرونه جيدًا ويتألمون لموته".
قبل أسبوع واحد فقط صدمت سيارة قاعود البالغ من العمر 23 عامًا عند تقاطع شارعي أينشتاين ونمير شمال تل أبيب، بينما كان يركب دراجته النارية ويمارس عمله كمرسال لتوصيل الطلبيات في شركة "وولت"، وكانت إصابته بالغة. تم نقله إلى مستشفى إيخيلوف وهو في حالة خطيرة مع إصابات في الرأس، وفي وقت لاحق أعلنت وفاته. ترك قاعود والدين وأخ أكبر وأخت صغيرة والعديد من الأصدقاء والمعارف.

"كُنّا نسميه "العبقريّ"

حدثنا محاميد عن فتى فضولي جداً تعلم الكثير بقواه الذاتية، وعلى إلمام كبير باللغة الإنجليزية والتاريخ والمدنيات وإدراك سياسي مذهل، وكان يدرس في تخصص بيولوجيا (علم الأحياء) بمستوى 5 وحدات، والكيمياء 5 وحدات، واللغة الإنجليزية والعبرية 5 وحدات، وتخرج بتفوق.
يقول محاميد: "كنا نسميه "عبقري". عندما كان والديه يأتيان لاستلام شهادة علاماته السنوية، كنت أقول لهم إنه سيصل بعيداً في إنجازاته. كانوا دائمًا فخورين، ولم يصدقوا أن أبنهم قد حصل على مثل هذه الشهادة. حيث أنه كان يحصل عليها بسهولة، لم يكن عليه بذل أي مجهود ".
على الرغم من أن قاعود تخرج من المدرسة الثانوية قبل خمس سنوات، إلا أنه وعلى على مر السنين نشأت علاقة خاصة بينه وبين محاميد. "كنت نائب المدير ومُرّكز امتحانات البجروت، وقمت بتدريس التاريخ والمدنيات. منذ أن أنهى دراسته وترك المدرسة، بقينا على اتصال وأصبحنا أصدقاء. كان يقول لي دائماً بأنني مصدر إلهام له، وظل يخبرني بكل شيء يحدث معه، ويحدثني عن مخططاته وكان فخوراً للغاية بأنه كسر الحواجز والتحق بالدراسة الجامعية وبأنه سينجح وسيكسب ما يكفي لمساندة الأسرة ".
يقول محاميد إن قاعود "كان دائمًا يسبق الآخرين بثلاث خطوات، بالتأكيد مقارنة بأقرانه. كان له رأياً مركباً دائماً في كل قضية، وكان من المهم بالنسبة له دراسة الأطراف وفهمهم. ومنذ كان تلميذاً في الصف الحادي عشر والثاني عشر كان يعرف كل شيء، بل كان يعرف أفضل مني."
لكن في الوقت نفسه، يقول محاميد إن قاعود كان في الواقع شخصًا متواضعًا للغاية. "كان دائما يحترم عائلته، والديه، وأصدقائه ومربية صفّه. كان مهذبا، ولم يصرخ أو يتشاجر مع أحد، وكان أسلوبه في التعامل لطيفاً وكان متفائلا للغاية. كان يؤمن أن لكل إنسان قيمته، وتعامل مع الجميع باحترام دون النظر إلى انتماءاتهم".
كما أخبرنا بأن قاعود أحب أيضًا اللغة العبرية حقًا وأحب إسرائيل. "كان يعيش في يافا في السنوات الأخيرة مع شريك يهودي، ودائماً كان مهتماً بهذا الجسر للتواصل بين اليهود والعرب في البلاد، تلك الحياة المشتركة. وايضاً كان مهتماً بالانخراط والمشاركة في المجتمع وكان يؤمن بضرورة أن يكون المرء مواطنًا صالحًا، وكانت لديه دائمًا رغبة بتقديم الدعم والمساهمة، وأراد أن يكون مواطنًا يعمل ويكسب رزقه ويدفع الضرائب ويسعى للنهوض بأسرته وترقيتها لتعيش حياة كريمة ".

" سوف أبني لنا بيتاً، ولن ينقصنا أي شيء بعد ذلك"

يقول محاميد إن قاعود من عائلة تعيش ظروف صعبة للغاية ووالدين بسيطين يعملان بكد. "أمه كانت تعتبره حلمها. هكذا اعتبرت كل أولادها ذلك، لكن هو بالذات كان مميزاً. رأت فيه خلاصها وخلاص الأسرة كلها. اعتقدت أنه سيحقق النجاحات وأنه هو مستقبلهم، وأنه أنجح شيء في حياتها وكانت فخورة جدا به. ".
ويضيف: "كان يحلم بالدراسة في الجامعة، ولهذا كان بحاجة إلى مبلغ مالي ليس بمقدور أسرته توفيره، ولهذا السبب ذهب إلى تل أبيب للعمل في شركة "وولت". كان يرغب بتوفير المال، وأصر على ادخار الكثير من المال قبل أن يبدأ الدراسة، توفير كل ما سيحتاجه من رسوم طوال سنواته الدراسية، وذلك لكيلا يضطر إلى ترك دراسته في منتصف الطريق ".
يقول محاميد: "لقد فوجئت بتأخره عن الالتحاق بالدراسة الجامعية. كنت أقول له، يا بكر، هناك منح دراسية، ومن الممكن ان تتدبر أمرك. لكنه كان يقول لي دائماً إنه لا يرغب بالمنح، وأنه يريد أن تكون أموره منتظمة، ولكمي لا يضطر إلى ترك الدراسة حتى في السنة الثالثة لكي يخرج إلى العمل، يريد أن يؤمن لنفسه ما يكفي لأربع سنوات من الدراسة ".
ويضيف مبتسماً: "لقد كان في الفترة الأخيرة في ذروة التفاؤل". "تحدث عن مساندة الأسرة ونقلها إلى مكان آخر. قبل بضعة أسابيع أخبرني أنه تم قبوله لدراسة علوم الحاسوب في العام الدراسي المقبل، وأنه قد دفع بالفعل دفعة أولى عن السنة الدراسية الأولى." قال لي بفخر "في غضون بضع سنوات سأكون موظفاً في شركة "امدوكس"، شركة "انتيل" وسأتقاضى 30-40 ألف شيكل شهرياً. سأستثمر في العقارات، وسأبني لنا بيتاً، ولن ينقصنا شيء بعد الآن. في غضون 20 عامًا سنكون أسرة مقتدرة."

أتساءل لماذا لا يتم التعامل مع هذا الشخص بالاحترام الذي يستحقه؟

يقول محاميد: "أتذكر جيدًا ذلك اليوم الذي أُعلنوا فيه عن وفاته. ما زالت زوجتي تُدّرس في المدرسة الإعدادية من نفس المدرسة، وهي تعرف بكر جيدًا، وتعرف العلاقة الخاصة التي تربط بيننا. اتصلت بي وأخبرتني أن لديها أخبارًا سيئة، بأن بكر قد لقي مصرعه في حادث طرق. لقد صدمت حقًا، اقشعر بدني ".
بمجرد أن سمع الخبر، ذهب محاميد إلى منزل عائلة قاعود جبارين. "هذا منزله، وكم هو بسيط ولا يوجد فيه الكثير، إنما هو بيت دفء ومحبة. لقد دعمت هذه الأسرة أولادها دائمًا وقدمت لهم كل بوسعها تقديمه. والدته كانت تعمل، وقد عملت طيلة هذه السنوات بجد وكد لتؤمن لأولادها فرصة للتقدم، وبالذات له. كان الحزن عظيمًا للغاية وبكينا معًا كثيرًا ".
يقول محاميد باكياً: "هؤلاء الناس فقدوا أعز ما لديهم، فقدوا شخصاً كان من الممكن أن يغير حياتهم. لكنهم ليسوا غاضبين بل يحمدون الله ويترحمون عليه. إنهم يواسونني بدل أن أواسيهم أنا. لقد تأثرت بشكل خاص من حضور العديد من الأشخاص إلى الجنازة. حضر صديقان يهوديان له من مركز البلاد خصيصاً. لقد أتوا للتعزية وقالوا كم هو عزيز عليهم، بل دخلوا إلى المسجد."
يضيف باكيًا: "بكر دائمًا في مخيلتي وعقلي. إنها خسارة كبيرة للمجتمع الإسرائيلي، للبلدة وللعائلة. علينا أن نصرخ ونسم صيحتنا إزاء أوضاع الطرق في البلاد وإزاء ثقافة سياقة السيارات، وكذلك إزاء ثقافة العمل هذه تحت الضغط بدون حقوق. انسان ذهب للعمل لكسب لقمة العيش بكرامة ولم يعد. وللأسف هذا يحدث كثيراً في أم الفحم وبشكل عام في الوسط العربي وهذا استهزاء بحياة العمال وهو مؤلم جدا ".
يضيف محاميد أيضًا أنه حتى الآن، بعد أسبوع، لم تتلقى الأسرة أي تفاصيل تقريبًا عن الحادث. "يراودني شعور بأنها لو كانت أسرته أكثر نخبوية قليلاً، لكانوا قد أرسلوا شخصًا ما، من الشرطة، من الدولة، لكنا عرفنا أكثر قليلاً عن ملابسات الحدث. حتى في البداية كانت الأسرة تتلقى المعلومات بشكل رئيسي من الشائعات، حيث اعتقدوا أنه لربما أطلقوا النار عليه، لأن مثل هذه الأخبار ظهرت وأُعلن عنها. أتساءل لماذا لا يتم التعامل مع هذا الشخص المميز ومع هذه العائلة بالاحترام الذي يستحقونه ".

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع