صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الإثنين 6 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

لقمان سليم ابن الموت شهيد السلام

كان لقمان محسن سليم (1962 - 4 فبراير 2021) كاتب وناشر وناشط سياسي لبناني، الذي دعا إلى خلق هوية لبنانية مدنية وغير طائفية وناضل من أجل الحفاظ على حقوق الإنسان |أُغتيل بأربع رصاصات في الرأس وواحدة في الظهر في سيارته في منطقة العدوسية أثناء عودته من نيحا في جنوب لبنان

לוקמן מוחסן סלים (RomanDeckert,  via Wikimedia Commons)
لقمان محسن سليم (RomanDeckert, via Wikimedia Commons)
بقلم محمد سعد خيرالله
أتعرفون ما هي قائمة  الجرائم الكبرى في عالمنا العربي طبقا لقواعد  وأدبيات وأبجديات الأنظمة الحاكمة ؟؟
قائمة  الجرائم الكبرى أن تكون من أنصار السلام الحقيقي ما بين الشعوب والمجتمعات تعمل بصدق وإخلاص من أجل الوصول إليه وتحقيقه، أن تنحاز الى حق المجتمع في معرفة كل الحقائق الشائكة وتؤسس ما يحقق ذلك بشكل مستدام من خلال الأبحاث والتوثيق "في قلب أمة عربية ذاكرتها أضعف من ذاكرة السمك" ويراد لها من قبل حكامها أن تظل هكذا ،أن تنحاز إلى الإنسانية بضمير ،أن تسأل كل الاسئلة الممنوعة، أن تقول "للغولة عينك حمراء بأعلى صوت و شموخ في قلب قلعتها، أن تكون مثقف عضوي تعي وتقدر شرف الكلمة، أن تكون المبدع المتميز المتجاوز لكل الخطوط المحظور الاقتراب منها والتي دشنها مؤسسي "قلاع الكراهية" أن تكون حراً في وسط مجتمعات لابد لساستها أن يكونوا عبيد للأنظمة يأتمرون باوامرها وينفذون خطط تغييب العقول وسحق المعرفة، أن يكون همك وشاغلك الشاغل مع رفيقة دربك السؤال الأهم   "لماذا يقتل الإنسان؟؟"
كان كل ذلك وأكثر شهيد الكلمة والسلام "لقمان سليم"  فقرروا اغتياله والخلاص منه بخمسة رصاصات أربعة في الرأس وواحدة في الظهر"كانت واحدة تكفي  "ولكنه الإمعان في الانتقام وهوس إيصال الرسائل الغرائبية التي وصل شططها لحد إطلاق الهشتاج الهذياني "المجد لكاتم الصوت ".
اليوم يمر أكثر من عامين على اغتيال "لقمان سليم " ( 4 فبراير 2021) الباحث الاجتماعي والناشط السياسي والحقوقي والكاتب والمحلل السياسي  والمخرج والناشر المتميز المتفرد في كل هذه المجالات صاحب ومؤسس مع زوجته "مونيكا بورغمان " الحقوقية والباحثة المتميزة "مركز أمم للتوثيق والأبحاث في منزله" بقلب الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله) ، وبالمركز أرشيف ضخم عن صحف وإصدارات الحرب الأهليّة اللبنانيّة وله السبق في  نشر جزء منه  بالإنترنت على موقع ⁦‪memoryatwork.org‬⁩.
عامين واكثر والقاتل المعلوم حر طليق يطل علينا من آن إلى آخر  ينفث سمومه ويملأ الشرق الأوسط ولبنان الجميلة "بضجيج الخواء " ولما لا فكما يقال الجواب "بيبان من عنوانه" وهو ما تجسد بوضوح من خلال  كلام شقيقة لقمان "رشا الأمير" وهي ناشرة وناقدة ثقافية وروائية مرموقة عندما قالت في إحدى اللقاءات بعد حادث الاغتيال" نحن نعرف قتلة لقمان ولا نثق بالقضاء والتحقيقات، الحقيقة جلية للجميع مثل نور  الشمس ولكن قوى الأمر الواقع تضرب الحائط بكل شيء حتى القضاء الدولي وأضافت نحن ورثة مشروع حضاري والدي هو محسن سليم المحامي المدافع عن حقوق الإنسان ووالدتي سلمى مرشاق كانوا حاملين هذا المشروع العملاق " بالتاكيد تعلم السيدة رشا أن المشاريع  العملاقة المهمومة والمعنية بالإنسان في قلب الواقع العربي "جرم أكبر " وعلى أصحابها دفع الأثمان!! والأمر لن يتخطى أبدًا الشجب والإدانات والتضامن والمساندة  وبالطبع كلها أمور مقدرة جدا و لكن  الأهم ، الأهم بالتاكيد هي العدالة التي يبدو بوضوح أنها ستظل غائبة في البلدان العربية وإلى حين أتمنى أن لا يطول أكثر .
في حادث لقمان إستوقفتني كلمتين الأولى للأم والدته الروائية المبدعة "سلمى مرشاق" التي قالت في حديث لإحدى الجرائد العربية في الذكرى الثانية لرحيله "ايه همجية هذه ؟!" إلى هذا الحد تصل الأمور كونه صريحاً يقول الحقيقة، أما هم فيحبون المنافقين ، وأضافت إن ألم فقدان الولد لا تشفيه الأيام والسنوات وهو يختلف عن ألم فقدان الأم والأب فلحزن تحول لرفيق في أيامي وسيرافقني إلى الآخرة " ولمن لا يعرف الام سلمى من أب سوري وأم لبنانية ولدت وعاشت في مصر ورفضت رفض باتاً مغادرة منزلها الواقع في قلب معقل " الفاعل " والكلمة الثانية كانت  لزوجته حبيبته ملهمته الحقوقية البارزة مونيكا بورغمان التي كانت  تشاركه أفكاره ونضاله ونجاحاته "عندما قالت  في لقاء مع أحد أهم المنابر العالمية"نحن غاضبون هنا والعمل محركنا ، عشرون عاما عشنا معا وعملنا معا قتلوا ربما لقمان لكن عمله ما زال حيا في داخلنا"  ويا لها من عبارة عظيمة فائقة الدلالة تكشف عن قيمة  الميراث المعرفي  الانساني الهائل للراحل العظيم ، وهنا لابد من التذكير بالجلسات التي كان يعقدها "سليم " على هامش تظاهرات أكتوبر 2019 ويدعو فيها بوضوح لا لبس فيه لتبني الحياد والانفتاح والسلام مع المجتمع الإسرائيلي "والدعوة للسلام لوحدها في بلدنا العربية كفيلة بأن تذهب بصاحبها إلى الآخرة، كفيلة باتحاد جميع الفرقاء في الشكل عليك "هؤلاء دائما متفقون في الموضوع فهو يضمن لهم الوجود " ومن  الأسماء التي دفعت سابقا ضريبة هذا الطريق بشكل أو بآخر العظماء  "فرج فودة ونجيب محفوظ وأمين المهدي وقبلهم يوسف حلمي وآخرين…"
وهنا نأتي إلى الفقرة الأخيرة في مقالي،و فيها سأعيد كتابة بعض مما قاله لقمان سليم في لقائه الوداعي مع  إحدى القنوات الإعلامية قبل اغتياله بأيام ، كلماته كانت تجسيد حي غير مسبوق للشجاعة في أنبل صورها وأكثرها ادراكا لمعنى المسؤولية وكأنها عبارات تخليده في لوحة المجد الأبدية.
قال ابن حارة حريك " ما يجري في طرابلس هو الوجه الأخر للإخفاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي والصحي (للعصابة الحاكمة) ، اليوم في لبنان بطبيعة الحال هناك من يريد نسب ما يتم إلى المؤامرة وهذا البعض وأعني به حلف "سعد الحريري وحزب الله " في حالة إنكار منذ انتفاضة اللبنانيين في 17 تشرين الأول 2019 ( لقمان كان من أبرز من أعلنوا دعمها منذ اللحظات الأولى لها كحراك شعبي له مطالب مشروعة وواجبة ومستحقة) ويكمل سليم ما تشهده طرابلس اليوم هو تعبير طبيعي عن حالة الانهيار التي وصل إليها لبنان ، نحن أمام مشهد مقبل على استمرار الشكل العنفي، لا حكومة في لبنان منذ استقالة حكومة حسان دياب ، حكومات تصريف الأعمال دائما مقيدة وبالتالي لبنان كباخرة أصيب قبطانها بالإغماء، لبنان كسفينة في بحر هائج ولا قبطان يسيرها " أنتهت الرسالة الضميرية لابن الموت "لقمان سليم" ولروحه العطرة السكينة والسلام.