صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم السبت 4 أيار 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

"لا يمكننا العمل بالزراعة بهذا الشكل. إنهم يقضون علينا": زيارة لبستان عائلة الشاعر التي تناضل ضد بناء توربينات الرياح في الجولان

فؤاد الشاعر، البلغ من العمر 75 سنة من سكان قرية مجدل شمس، اكتشف أن هناك نية لنصب توربينات رياح بارتفاع بناية أبراج عزرئيلي بالقرب بستان التفاح الذي تفلحه عائلته منذ خمسمائة سنة، وذلك دون أن يطلب منه أحد ذلك الأمر | نظرة عن قريب على نضال الدروز في الجولان

פואד אלשאער במטע התפוחים של משפחתו במג'דל שמס (צילום: דוד טברסקי)
فؤاد الشاعر في بستان التفاح الذي تملكه عائلته في مجدل شمي (تصوير: دافيد تابيرسكي)
بقلم دافيد تابيرسكي

فؤاد الشاعر يتفقد الثمار في بستان التفاح الذي يملكه بالقرب من قرية مجدل شمس في هضبة الجولان. هناك مثل بالعربي يقول: "جاي الجمل هون يتربع بين الغنم"، "غير أن جملنا هو توربينات رياح بحجم بناية برج عزريئلي".
قدمت عائلة الشاعر إلى قرية مجدل شمس قبل نحو خمسة قرون وظلت هناك منذ ذلك الحين. يزرعون الكرز والتفاح والمشمش وقليل ن أشجار الزيتون. حكمت الإمبراطورية العثمانية هذه المنطقة ومن ثم حكمها الفرنسيون والسوريون والآن الإسرائيليون. أما الأسرة وأشجارها المثمرة فقد ظلت مكانها. وتملك الأسرة مع 1500 أسرة مزارعين درزية أخرى قطع أرض بملكية خاصة على مدرجات ومنحدرات التلال والوديان في هذه المنطقة التي تمتد على مساحة 4500 دونم وتقع بين بركة رام في الناحية الغربية وبين مجدل شمس في ناحية الشمال وبين الحدود السورية.

مُدرّجات زراعية في مجدل شمس (تصوير: دافيد تابيرسكي)
مُدرّجات زراعية في مجدل شمس (تصوير: دافيد تابيرسكي)

خلال السنوات الأخيرة بدأ يتضعضع الهدوء الذي ساد في المنطقة عند دخول شركة إنرجيكس إلى المنطقة، حيث تطمح هذه الشركة ببناء توربينات رياح ضخمة لإنتاج الكهرباء في المنطقة. في بداية الأمر تعاون قسم من السكان مع المشروع، غير أن كثيرون منهم تراجعوا فيما بعد وهبوا مع المئات من سكان القرى لمحاربة هذا المشروع.
كان من المفترض أن تباشر شركة إنرجيكس بأشغال بناء التوربينات قبل ثلاثة أسابيع، لكنها جوبهت بمعارضة شديدة تطورت إلى مواجهات عنيفة بين السكان ورجال الشرطة. أشعلت هذه الأحداث احتجاجات كذلك في أوساط دروز الجليل والكرمل على قضايا أخرى مثل قانون القومية وأزمة الأراضي في البلدات الدرزية. وبعد أن تدخل رئيس الطائفة الدرزية في إسرائيل، الشيخ أمين طريف ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تم الاتفاق على تجميد الأشغال حتى نهاية عيد الأضحى في نهاية الأسبوع الماضي. وتم الاتفاق هذا الأسبوع على تأجيل إضافي لأجل التفاوض حتى نهاية شهر تموز/يوليو على ما يبدو.

"الاتفاقية أخفت عمداً تفاصيل عن الأسر"

"الأمر لا يقتصر على مساحة الأرض الزراعية التي تُبنى عليها التوربينة، بل هناك مسألة الضجيج والأضرار البيئية"، هذا ما قاله الشاعر، ثم أضاف: "إذا تم تنفيذ هذا المشروع فلن يكون بإمكاننا أن نكسب قوتنا من الزراعة على الإطلاق". ويشير بيده نحو المدرجات الزراعية الشمالية التي تقع على أطرف جبل الشيخ. وعلى حد زعمه فإن العائلات في المنطقة استثمرت ما يقارب مليار شيكل في تطوير هذه المنطقة، ما أثمر عن نمو زراعي وسياحي كبير.
كان المزارعون الدروز في الجولان يصدرون الكرز إلى سوريا حتى عام 2011، لكن بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا توقفوا عن التصدير ويبيعون معظم محاصيلهم داخل إسرائيل في شبكات التسويق وفي نقاط بيع على امتداد الشوارع في شمال هضبة الجولان، وذلك إضافة إلى بساتين يزورها سياح لقطف الكرز بأيديهم، حيث تتردد على تلك البساتين كل موسم ما يقارب 15 ألف أسرة إسرائيلية.
لم يسأل أي شخص عائلة الشاعر إذا كانت ترغب أن يتم بناء توربينات بالقرب من أراضيهم الزراعية. وعلى حد قول فؤاد الشاعر فهناك في المنطقة 1070 من مالكي الأراضي المسجلة في مستندات حصر الإرث. الراضي غير مقسمة إلى أحواض وقسائم (وهي طريقة تقسيم الراضي المتبعة في إسرائيل). ومن جمل الأسباب التي أدت إلى ذلك رفض الدولة إجراء تسوية بسبب الادعاء بأن تلك الأراضي بملكية سورية.

بركة رام ومن خلفها مدرجات زراعية في القرى الدرزية في الجولان (تصوير: دافيد تابيرسكي)
بركة رام ومن خلفها مدرجات زراعية في القرى الدرزية في الجولان (تصوير: دافيد تابيرسكي)

وقعت شركة إنرجيكس في عام 2010 عقوداً لاستئجار أراض من حوالي 50 عائلة من سكان المنطقة، ولم يتم الكشف عن المضمون الدقيق لتلك العقود لا لفؤاد الشاعر ولا لباقي العائلات، حيث قال "إنها اتفاقية مراوغة عمدت عن قصد إخفاء بعض التفاصيل". وفي عام 2018 فهمت العائلات أنها وقعت على اتفاقية مع جاراتها العائلات مفادها أن شركة إنرجيكي تنوي وتحت رعاية الدولة بناء 24 توربينة رياح يصل ارتفاع كل واحدة منها 220 متراً وموزعة في المدرجات الزراعية والحقول في جميع أنحاء المنطقة. وللمقارنة فإن برج سارونا، وهو البرج الأعلى في إسرائيل على من تلك التوربينات بما لا يزيد عن 15 متراً.
"سمعت النشرات الإخبارية التي قيل فيها أننا وقعنا على الاتفاقيات بمحض إرادتنا، لكن نسبة من وقعوا على الاتفاقيات لا تتعدى 5% من العائلات"، هذا ما قاله فؤاد الشاعر. طالبت العائلات بتحديد الأماكن التي ستُنصب فيها التوربينات، وهذه مشكلة بحد ذاتها، وفقط بعد ضغوط من الشركة والدولة علموا أن قسم من تلك التوربينات قد يتغلغل إلى أراضي لعائلات لم تشارك أصلاً في المفاوضات مع شركة إنرجيكس. "معظم أصحاب الأراضي هنا لم يوقعوا أبداً على اتفاقية وسوف يقومون بتدمير أراضيهم الخاصة لن الشركة لم تنشر معلومات دقيقة بشأن من وقع على اتفاقية معها وبخصوص أي أرض"
تدعي شركة إنرجيكس أن جميع الاتفاقيات تم التوقيع عليها بموجب القانون. لكن حين طلبنا من المحكمة أن نقرأ لنعرف منن كتب وماذا كُتب بالضبط في تلك الاتفاقيات بدأوا باتهامنا باننا موالين لسوريا وبنيتنا الاعتداء على أمن الدولة. منذ حرب حزيران 67 لم يحدث هنا أي أمر يشكل خطراً على الدولة. هذا أمر مهين ومثير للغضب".

"لا يمكننا العمل بالزراعة بهذا الشكل. إنهم يقضون علينا"

عدا عن تشويهها للمنظر الطبيعي فقد فهم المزارعون أن تلك التوربينات ستعرقل ممارسة الأنشطة الزراعية المعتادة وطلبوا إلغاء المشروع نهائياً، مدعين بأنهم كمن باعوهم سمكاً في البحر. لكن شركة إنرجيكس ولجنة البني التحتية القومية أصرتا على أن الاتفاقيات قد وُقعت ودُفعت الأموال ولا يمكن إعادة العجلة إلى الوراء.
وعلى حد قول الشاعر فإن "ادعاءاتنا مسنودة بآراء خبراء من معهد التخنيون ومن جامعة تل أبيب وهم يقولون ما نقول- خطر". وبحسب المستندات التي تم تقديمها للمحكمة المركزية في الناصرة، حيث يتم النظر في قضيتهم، فإن الضجيج الصادر عن التوربينات يجعل من الصعب التواجد على مقربة منهن، سواء كان ذلك لأجل العمل أو الراحة، ذلك لأن تلك المناطق تُستخدم أيضاً للسياحة. وهناك ادعاءات أخرى تم طرحها مع أنها موضع خلاف من الناحية العلمية، ومفادها أن صوت الإنفرا الصادر عن التوربينات يؤثر سلباً على السمع، وخاصة لدى صغار الأطفال.

بستان تفاح لعائلة الشاعر (تصوير: دافيد تابيرسكي)
بستان تفاح لعائلة الشاعر (تصوير: دافيد تابيرسكي)

"المشكلة الأكبر هي عملنا"، هذا ما قاله فؤاد الشاعر، قم أضاف " قال لنا أحد الخبراء الزراعيين إنه بعد نصب التوربينات سيكون بإمكاننا العمل ما بين 19- 30 يوماً في السنة في المنطقة بسبب الضجيج- هذه نكتة. لا يمكن العمل بالزراعة هكذا. إنهم يقضون علينا".
لم يصدر بعد القرار القضائي الحاسم في الالتماس بشان هوية أصحاب كافة مساحات الأرض المرتبطة بمشروع التوربينات، لكن القضاة سمحوا للشركة بالاستعداد للبناء. "نحن نمارس نضالاً قانونياً. قبل أسبوعين جاء إلى هنا مئات من رجال الشرطة ووضعوا سياج حول كل شيء، أحضروا الجرافات لكي يفرضوا الوقائع على الأرض".

"الشرطة تدفع الوضع باتجاه العنف"

روى لنا أحد سكان المنطقة الذي رفض الكشف عن هويته قصة أحداث الاحتجاجات من وجهة نظر السكان: "هذا تحرّش واستفزاز لمشاعرنا. لم يأت أحد بقصد مواجهة الشرطة. أردنا الاحتجاج على تدمير أراضينا. حين اقترب المتظاهرون على المنطقة على جراراتهم وكانوا بعيدين عن رجال الشرطة، حينها بدأ رجال الشرطة بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع وأطلقوا أعيرة نارية بلاستيكية أصابت أربعة من رجالنا إصابات بالغة. كان هنا أطفال ونساء وكبار. لقد أثار هذا العمل موجة غضب ورداً على ذلك اقتحم المتظاهرون محطة الشرطة في قرية مسعدة. كل ما أردناه هو الدفاع عن بيتنا بلا عنف. الشرطة هي التي دفت الأمور وجعلتها تنزلق إلى العنف".

لافتة وعليها دعوة لقطف الكرز وراية الدروز بالقرب من مزرعة في شمال الجولان (تصوير: دافيد تابيرسكي)
لافتة وعليها دعوة لقطف الكرز وراية الدروز بالقرب من مزرعة في شمال الجولان (تصوير: دافيد تابيرسكي)

إنهم يطالبون بعدم الربط بين احتجاجات دروز الجليل بخصوص قضايا البناء وغضبهم من قانون القومية، وبين النضال ضد التوربينات، وهو نضال غايته الحفاظ على رزق سكان المنطقة، غير أنه لا يخفي الغضب العام الذي يستند إليه هذا النضال. وعلى حد تعبير صديق فؤاد الشاعر "هناك شعور بالمساواة في الواجبات لكن ليس في الحقوق".
وعلى حد قول فؤاد الشاعر فإن "المسؤولية عن التصحيح تقع على عاتق رئيس الحكومة. لا احد هناك يعير أي اهتمام لبنغفير الذي يدمر الدولة وحسب. نحن واثقون من المحكمة لأننا نعرف ما هي حقوقنا على أرضنا".

 

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع