صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأحد 28 نيسان 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

الأطفال على هامش الطريق /  طفل. مفترق. مال.

يوم عمل الطفل الذي يتم تهريبه من السلطة الفلسطينية لكي يعمل في التسوّل يبدأ قبل الساعة 7:00 فجراً في محطة وقود وينتهي بالنوم في مخزن أو في كوخ على قارعة الطريق| حال الأطفال، الأكياس اللا مبالاة والاستغلال المستمر الذي تسمح به دولة إسرائيل | المقال الأول من السلسلة

שני ילדים מקבצים נדבות בצומת אחיהוד (צילום: יהל פרג')
طفلان يتسولان على مفترق أحيهود (تصوير: ياهل فرج)
بقلم ياهل فرج

الساعة 7:00 إلا بضعة دقائق صباحاً، طفل بعمر حوالي ثمان سنوات الى فرع محطة وقود yellow بالقرب من قرية إعبلين. الأشخاص في طابور المشترين يطلبون منه أن يقف في الدور، فيتراجع ويعتذر منهم بحركة بيديه. وبعد أن ينتهي زبون آخر، يطلب الطفل ثلاثة قطع من الفطائر ومشروب كبير الحجم، ويتبادل حديثاً قصيراً ومؤدباً مع البائع ، ثم يتناول بعض الشواكل من جيبه، ويذهب. ومن هناك يمشي نحو 3 كيلومترات ليصل إلى أصدقائه أو لربما أشقاءه على مفترق ابلاييم.
انه ليس من هنا. لقد تم تهريبه إلى إسرائيل من السلطة الفلسطينية لكي يتسول، وقام مشغلوه أو أصحاب العمل أو السماسرة بتسكينه في كوخ مرتجل على مقربة من المفترق.

طفل يشتري طعاماً من محطة الوقود في طريقه الى العمل على المفترق (تصوير: ياهل فرج)
طفل يشتري طعاماً من محطة الوقود في طريقه الى العمل على المفترق (تصوير: ياهل فرج)

"أطفال على جنب الشارع" ليست بالظاهرة الجديدة. إنها ظاهرة موجودة في إسرائيل منذ عدة سنوات في، ولكن إزاء الأوضاع الاقتصادية الآخذة بالتدهور في مناطق السلطة الفلسطينية بعد انتشار فيروس الكورونا، فأن مفترقات الطرق في شمال البلاد ومركز البلاد وأيضا في منطقة المثلث تكتظ بالأطفال المتسولين، أو من يبيعون الدمى أو واقيات الشمس للسيارة وآخرون يقومون بتنظيف زجاج السيارة.
تابعت "صحيفة دافار" عن كثب الأطفال الذين يقفون أياماً كاملة على المفترقات والشوارع بدلاً من الدراسة في المدرسة وتابعت أيضا مشغليهم. تمت كتابة هذه السلسلة من المقالات بعد قضاء عشرات الساعات في المشاهدة والمراقبة الميدانية والحوارات مع رجال القانون ونشطاء حقوق الانسان والمسؤولين في الحكومة، وذلك في محاولة لتقصي العوامل المسببة لهذه الظاهرة والنظر في طرق تغييرها.

الأكياس

العلامة هي الأكياس. يمكن رؤية أكياس النايلون المربوطة على الأسوار المعدنية وجزر المرور بجوار المفترقات الرئيسية في منطقة كرمئيل والناصرة أو أم الفحم. فالأكياس هي إحدى علامات وجود اتجار بالأطفال.
وتقريباً في أي ساعة أخرى من النهار نرى الأطفال والطفلات والفتيان والفتيات يبيعون الدمى وواقيات الشمس وولاعات السجائر والمناشف وغيرها من الحاجيات التي يمكن شراؤها بسعر زهيد وبيعها بالمبلغ الذي يوافق على دفعه أي شخص يفتح نافذة السيارة. أحياناً يتخلى الأطفال عن العرض أو الحماية التي يوفرها لهم البيع خشية اتهامهم بالتسول، فيكتفون بمد الأيدي، وغالباً مع طفلين أو ثلاثة أطفال آخرين. وإذا نظرت إلى مسلك السفر المعاكس ستكتشف طفلاً آخر، وآخر وواحد آخر.

الأكياس التي تشكل علامة تدل على المفترقات التي يتسول فيها الأطفال (تصوير: ياهل فرج)
الأكياس التي تشكل علامة تدل على المفترقات التي يتسول فيها الأطفال (تصوير: ياهل فرج)

عند حلول الليل يتركون كيس عند المفترق، كعلامة لمنطقة تابعة لأحدهم أو ببساطة كوسيلة مريحة لتخزين الحاجيات التي يستخدمونها لتجنب التهمة. بطبيعة الحال فإن العالم هو مجرد ديكور بالنسبة لهم، فيمكن على الأقل إبقاء الإكسسوارات على المنصة.

بدلاً من معالجة الظاهرة تقوم الدولة باعتقال الأطفال

لا توجد هيئة واحدة في إسرائيل مكلفة بمعالجة هذه الظاهرة، وبما أن العديد من الأطفال هم ماكثون غير قانونيين. فعندما تفعل الشرطة شيئا حيال ذلك – فسيكون ذلك اعتقال الأطفال واستجوابهم وإعادتهم إلى السلطة الفلسطينية. وبغض النظر عن المسائل الأخلاقية، فإن الواقع على الأرض يدل بوضوح على عدم جدوى هذا الإجراء. عموماً، دولة إسرائيل فشلت فشلا ذريعا في التعامل مع هذه الظاهرة.
صنفت وزارة العدل هذه الظاهرة في خانة "الاتجار بالبشر" وأشارت إلى ارتباطها بالمنظمات الإجرامية. وفي الفيلم الوثائقي «أغوروت» الذي يتناول قصة يحيى الذي كان يتسول طوال طفولته، وصف المخرج بدران أصحاب عمل الأطفال بـ«السماسرة». المحامية ميخال تاجار، مديرة عيادة حقوق العمل في جامعة تل أبيب، تصر في قولها إن "إسرائيل ملتزمة بمكافحة الاتجار بالبشر بموجب القانون الدولي. يمكنها محاربة هذه الظاهرة، وقد فعلت ذلك بالنسبة للنساء العاملات في الدعارة".
أعضاء الكنيست يدركون هذه الظاهرة أيضًا. عضوة الكنيست ميخال شير (يش عتيد)، رئيسة لجنة حقوق الطفل في الكنيست السابقة، والتي عقدت جلستين حول هذه القضية، قالت إن "طفل عمره ثماني سنوات يقف في مفترق طرق مُعّرض للخطر… لذلك سأحل لكم المعضلة. إنه في خطر. يجب إدخال هذا الأمر في النظام، وإلا فلن تصلوا إلى إجابة أبدًا. إنه نظام في دولة إسرائيل، وهي دولة تقدمية وإصلاحية، عندما تلتقي بطفل على مفترق طرق – تأخذه، مدركة أنه ضحية وهو موجود هناك ليس لأنه يريد ذلك". قبل نحو شهرين طالب مجلس سلامة الطفل اللجنة بالاجتماع مرة أخرى لبحث هذا الموضوع وحتى الآن لم يحدث ذلك.

لا خوف هناك

مشغلو الأطفال يتواجدون دوماً في المنطقة. إنهم مخفيون أكثر بكثير من الأطفال ولا يمكن رؤيتهم، لكنهم حاضرون ويشرفون على العمل ويديرونه بأعلى المستويات. العنف الذي يتعرض له الأطفال غالباً غير مرئي، فهم يتحكمون بمصيرهم كما يفعل أصحاب العبيد. الأطفال ليسوا محليين، ولا يتحدثون اللغة، ومن الواضح أنهم خائفون من كل شيء. يعرف المشغلون ذلك ويستغلون هذه الميزة لصالحهم.
في مفترق أبالاييم، حيث دُهس طفل عمره 8 سنوات من الخليل قبل أكثر من عامين، يجلس المُشغّل في الظل تحت شجرة بجانب الشارع. سيارات الشرطة ودراجات الشرطة النارية وقوافل سيارات الشرطة التي تمر عبر المفترق لا تردع الأطفال ولا المُشغّل. يبدو أنهم وسيارات الشرطة لا يرون بعضهم البعض. ليس هناك أي خوف. ولا حتى تعرض امرأة وابنتها للدهس قبل بداية شهر تموز/ حزيران السابق بينما كن يعملن في التسول على مفترق المكر.

" حالتي تصرخ إلى السماء"

لم يتم إرسال الأطفال الفلسطينيين فقط للتسول على مفترقات الطرق. نفتالي أمباش قال في اجتماع خاص للجنة حقوق الطفل تم عقده في ديسمبر/كانون الأول 2021: "من سن 7 إلى 8 سنوات، كان يتم إرسالي إلى مفترقات الطرق مفترق مركزي في "سحاروف". كنت أقف هناك، في كل مرة تتوقف فيها إشارة المرور، وكنت اتنقل من نافذة سيارة إلى نافذة أخرى، وإلى النافذة التي بعدها، وأحيانًا يتم إرسالي مع إخوتي. كان ذلك يحدث في حار بشكل جنوني، أو في يوم صيام، وأحياناً كان ذلك شرط للحصول عل الطعام – حتى نجمع الحصة المطلوبة ". في بعض الأحيان شكل الأمر مصدر إحباط كبير وغضب – المنافسة بين الأطفال العاملين حول من سيتوجه إلى أي سائق، ذلك لأنهم يطورون بالفعل مهارة تجعلهم يعرفون "هذا سيفتح نافذة، هذا لن يفتح نافذة".
يصف نفتالي أمباش تجاربه كطفل ولد في طائفة دانيال أمباش المسيئة والمؤذية، والذي، وإلى جانب كل المعاناة التي مر بها، تم إرساله للتسول على مفترقات الطرق في القدس. مقارنة بالعديد من الأطفال العاملين على مفترقات الطرق، كان دانيال طفلاً يهوديًا، وكان ينام ليلاً في منزله المسيء والمؤذي. يتم إيواء الأطفال الفلسطينيين عند مفترقات الطرق في منازل أو مخازن أو ساحات تابعة للمشغلين، أو في أكواخ على جوانب الطرق، بينما هم معرضون باستمرار لمخاطر الدهس والاستغلال الجنسي والترحيل والسرقة والعنف المباشر. وتحدث أمباش عن تجاربه في اللجنة كرجل بالغ، وحتى في ذلك الحين كان الألم والإهانة بائنان على ملامح وجهه.

نفتالي أمباش في جلسة اللجنة لحقوق الطفل حول استغلال الأطفال للتسول (تصوير: الناطق بلسان الكنيست/ نوعام موشكوفيتس)
نفتالي أمباش في جلسة اللجنة لحقوق الطفل حول استغلال الأطفال للتسول (تصوير: الناطق بلسان الكنيست/ نوعام موشكوفيتس)

يتحدث أمباس ويقول: " هناك قصة واحدة محفورة في ذاكرتي، كان ذلك في الليل، ذات مساء روتيني وعادي، وشارة مرور حمراء عبرت ومررت بين السيارات. لم يكن لدي وعي ومعرفة بشأن الحذر، هناك شيء عن الشعور العام المخفي – محاولة إثارة شفقة الناس الذين يتصدقون، يعني من الجائز أن حياتي لا قيمة لها بالنسبة لي ، ربما من الأفضل أن يحدث لي شيء ما بدل أن أكون هنا."
يتذكر أمباش قائلاً: "في ذلك المساء كنت قد جمعت مبلغاً من المال وكان هناك سائق دراجة نارية يقودها في المنتصف بين السيارات، فضربني وألقاني على الجانب الآخر من الشارع. ولحسن الحظ، كانت هناك سيارة إسعاف وسيارة شرطة عند هذا المفترق. صندوق المال تناثر وتطاير، وسقطت الأموال في كل مكان، وحالتي صرخت إلى حد السماء. أخذوني إلى مستشفى شعاري تسيديك حتى استيقظت. كانت الشرطة هناك. عندما استيقظت، استغرق الأمر بضع ساعات، بالنسبة لي كان ذلك بارقة أمل، حدث حاسم من شأنه أن يضع نهاية لهذا الأمر.
لقاء أمباش مع السلطات لم يجعل أحداً يتوقف ويسأل، لا الشرطي، ولا الطبيب، ولا سائق سيارة الإسعاف، ولا الأخصائية الاجتماعية. وقال إنه لو توقفوا، فربما تم الكشف عن جرائم العائلة في وقت أبكر. "إذا أردت الوصول إلى المرسل فسوف تصل على المُرسل"
وبعد الحادث عاد إلى مفترقات الطرق للتسول. " سألني أحد رجال الشرطة ذات مرة إذا كنت أذهب إلى المدرسة، وقال لي: "إياك أن أراك هنا مرة أخرى". لا حاجة أن تكون ذكياً لتفهم أنني سأعود إلى هناك خلال وقت قصير."
ووصف أمباش قائلاً: "في كثير من الأحيان كنت أقف هناك، وحافلتين مع ضجيج المحركات "فام"، خطر على الحياة كل يوم. كل من يقود السيارة على الطريق متورط ومشارك. إذا تبرعت، فأنت جزء من النشاط، فبفضلنا يتم هذا النشاط. ممن يجمعون المال؟ من مهرجين يمرون هنا ولا يكترثون لشيء".

الأطفال هناك لأن الدولة تسمح بذلك

قصة أمباش هي قصة تم الكشف عنها وعرضها على الجمهور بشكل واضح وبالتفصيل وباللغة العبرية. قصص العشرات والمئات من الأطفال العرب ممن يقضون أياما طويلة على مفترقات الطرق في الشمال وليس على مقاعد الدراسة لم تُرو بعد.
على مفترقات الطرق الشمالية على شارع 70 و85 في أشهر حزيران، تموز وآب، وكذلك خلال أعياد المسلمين، أثناء موجة الحر، أثناء المظاهرات الدرزية ضد التوربينات في الجولان، أثناء المظاهرات ضد الإصلاح، وحتى خلال عملية جنين – الأطفال على مفترقات الطرق. في بعض الأحيان أقل، ولكن عادة أكثر. لقد كانوا هناك لسنوات عديدة، وبأعداد يبدو أنها تتزايد منذ ظهور فيروس الكورونا. إنهم هناك لأنه تم إرسالهم، لأنه تم نقلهم، لأنه لم يكن هناك خيار، لأنهم غضوا الطرف وتجاهلوا، لأن الناس يستفيدون من الأموال التي يتلقاها الأطفال، ولكن خلاصة القول – إنهم هناك لأن الدولة تسمح بذلك.

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع