تقول سكينة طاعون: "إن حضورنا اليوم معًا لهو أكثر أهمية من أي وقت آخر". طاعون، البالغة من العمر 40 سنة، من سكان قرية كوكب أبو الهيجاء، هي منسقة اجتماعية في مدرسة "الجليل"، وهي مدرسة ثنائية اللغة تقع في كيبوتس "أشبيل". طاعون التي تعرف نفسها كناشطة اجتماعية وسياسية لتعزيز الشراكة المتساوية والعدالة الاجتماعية، تعمل حتى في هذه الأوقات العصيبة على تعزيز الحياة المشتركة بين العرب واليهود: "المسؤولية كبيرة جداً، خاصة هذه الأيام. "
وتصف طاعون الوضع قائلة: "نحن في وضع معقد وصعب للغاية. مشاعر العجز والغموض والأسى والحزن. مشاعر لم أعتد عليها، وأقوم بتحليلها. التجربة التي نعايشها هي ألم مضاعف ويتضاعف، أنا بين المطرقة والسندان، بين ألم من أجل شعبي وألم على أصدقائي وزملائي، الأمر ليس سهلاً وليس بسيطاً".
"لا أمتلك الأدوات والوسائل. هذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها شيء كهذا في البلاد. سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى نتعافى من صدمة هذا الحدث. لا أمتلك الأدوات، في الصباح أكون بكامل قوتي وفي ظهيرة اليوم لا أستطيع فتح الهاتف وفي المساء أساعد الناس. كل شيء غامض وملتبس، كل شيء صعب. وأنا أتعلم كيف أتدبر أمري بينما أخوض هذه التجربة ".
تقول طاعون "كل شيء صحيح، كل المشاعر حقيقية، الحزن، الغضب، الخيانة. كل شيء صحيح، وهذا هو الوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه. الأمر ليس سهلاً، لكن المُقدّر لنا أن نكون معًا. الصور التي أتعرض لها كامرأة، إسرائيلية، عربية، فلسطينية، هي صور صادمة. ولا جدوى مهما حاولت وصف الألم، فالألم لا يوصف، إنه ألم أشعر به. ستظل هذه الصدمة تلازمنا طيلة حياتنا."
"الضرر لا يمكن إصلاحه، الصدمة التي ستلازمنا وتلازم العائلات. الشخص المختطف الذي يعود، ستظل هذه الصدمة تخيّم عليه مدى الحياة. الشخص الذي فقد عزيزًا عليه، هذا ضرر لا يمكن إصلاحه. الحياة المشتركة باتت تحت المجهر بكل تفاصيلها. الأمر ليس بسيطًا ولا سهلاً. أنا قلقة على مستقبل أطفالي وأصدقائي وشعبي. إما أن نواصل العيش معًا أو نغرق معًا".
"ليس لدينا دولة أخرى، إما أن نعيش معًا أو نغرق معًا"
طاعون تنتفض ضد مقولة "أين عرب إسرائيل؟ لماذا لا يساعدون؟" وتقول بألم: "عندما قرأت تلك الرسالة، لم أستطع الصمت. هذا تصريح من مكان متعجرف. نحن بين المطرقة والسندان. ومن الصعب حتى الرد على المنشور. نحن تحت الرقابة. نشعر بالألم تجاه جيراننا وشعبنا. ليس صحيحا بأننا لا نفعل شيئا. هذه الرسالة مثيرة للانقسام. نشعر بالألم. هناك أشخاص لديهم عائلات في غزة، وهناك عائلات لديها مختطفين في غزة. هناك أشخاص غير قادرين على فعل أي شيء. كل شيء صحيح. هناك أشخاص لديهم قدرات مختلفة للتحمل. الأمر صعب بالنسبة لي، عدم القدرة على التعبير عن الرأي. إذا كتبنا أنه يصعب علينا ما يجري في غزة، فسنخضع للتحقيق، لا يجيزون لنا التعبير عن رأينا بحرية".
توضح طاعون: "أنا امرأة متفائلة، تؤمن بالحياة المشتركة. ليس لدينا دولة أخرى، إما أن نعيش معًا أو نغرق معًا". شعار " فقط معا سننتصر" يأخذ معنى آخر حين تقوله هي.
تشير طاعون إلى طريق التغيير" نحن بحاجة إلى أشخاص يؤمنون بالحياة المشتركة. ليس الأشخاص الذين سيقولون إنهم يؤمنون فحسب، ولكن الأشخاص الذين يتحاورون، ويساعدون الآخرين، ويحاولون تعزيز الحياة المشتركة. يجب الحديث عن السرديتيْن، والموافقة على تقبل الاختلاف "، هكذا تشير طاعون إلى الطريق نحو التغيير.
"الهدف هو جمعنا معًا وان نتعرف على بعضنا البعض ونبني الثقة. إن وجودنا معًا اليوم أكثر أهمية من أي وقت آخر، على الرغم من صعوبته. هناك زوبعة من العواطف والألم. هناك أشخاص لا يستطيعون العمل. ولكن هناك أيضًا من يمكنه المساعدة. حتى من خلال مكالمة هاتفية، أن تعطي اهتمام، وتسأل عما يمكن القيام به. الأمر ليس سهلاً، فنحن مرهقون عاطفيًا، ولكن هناك مجال لأن نعمل معاً."
تصف طاعون وتقول: "هذه الكلمات تصاحب الأفعال اليومية. جميع الطواقم في المدارس (مدرسة "الجليل") متأهبة وتتجند لهذه المهمة، وهي التحدث مع الأهالي والأطفال، لقد اجتمع منتدى القيادة. لا نعرف من أين نبدأ، لكن هذا الاجتماع مهم. هناك فراغ كبير هنا ونريد تقليصه. لقد تقسمنا إلى فرق، وتحدثنا مع أولياء الأمور حول ما يمكننا القيام به لمساعدة الأطفال، طرود غذائية. لدينا 300 طالب، الاهالي يستجيبون للنداء ويقدمون المساعدة بأنفسهم رغم ان هناك شعور بالصدمة والإحباط، الوضع صعب جدا، نحن في صدمة ولكن هناك تجاوب."