يتواجد بشير الزيادنة (27 عاما) في مقر المختطفين في شارع دافنشي في تل أبيب، بعيدا عن منزله في رهط، وبعيداًعن أفراد عائلته الذين يسكنون هناك وفي القرى غير المعترف بها المحيطة به. هناك في النقب، يتعافى أقاربه بلال وعائشة، الأخ والأخت، اللذان عادا من أسر حماس بعد 55 يومًا في الأسر؛ وينتظر الجميع إطلاق سراح الأب والابن، يوسف وحمزة، اللذان اختطفا في 7 تشرين أول/أكتوبر من حظيرة كيبوتس حوليت ولم يعودا بعد.
بشير، طالب الحقوق في كلية سابير، ينتقل مع طلاب آخرين من سكن الكلية إلى سكن جامعة تل أبيب: "عندما بدأت الدراسة في تل أبيب، انتقلت إلى شقة ساعدني المقر في العثور عليها". وبحسب أقواله، ليس من السهل عليه التأقلم في الشقة والمناظر المدنية والحياة الجديدة، لكنه موجود هنا. ويقول: "خرجت من حضن عائلتي لحضن عائلة أخرى. الجميع هنا في نفس القارب، ويريدون نفس الشيء، أن يعود المختطفون. نحن شركاء في كل شيء".
على الرغم من وجود اختلافات في الرأي أيضًا. "هناك يهود يشعرون أن هجوم 7 أكتوبر كان معاديًا للسامية. وبرأيي، لم يكن معاديًا للسامية فحسب، بل كان أيضًا معاديًا للصهيونية ومعاديًا لإسرائيل بشكل خاص. إنهم أصعب الناس للتعامل معهم. لكنني "سأستمر في قول ما أشعر أنه الصواب. ليس من الضروري أن نتفق. لدينا هدف مشترك وجميعنا متفقون عليه".
"أميل للاعتقاد بأنه هناك إمكانية للإصلاح"
كيف حال بلال وعائشة؟
"إنهم يعيشون صدمة سيئة للغاية. عندما عادوا لم يتحدثوا كثيرًا، ولم نضغط عليهم. نريدهم أن يشعروا بالارتياح، لا أن نُثقل عليهم. في رأيي، كانوا في الأنفاق معظم الوقت. في ذلك الوقت لم يكونا على علم بما يحدث. لم يعرفا أن هناك حربًا، وأن ألف إسرائيلي قُتلوا، والمئات اختطفوا، وأن 70 بالمائة من غزة قد تم تدميرها. وعندما عادا إلينا "قالا: "بعد أسبوعين لن تكون هناك حرب". ما سينهي الأمر بنظرهم هو رؤية والدهم وأخيهم. إنهما يشعران بالذنب لأنهما تركوهم هناك".
هل أنت قلق على وضعهم؟
"أنا شخص متفائل وأعلم أن لدينا باحثين ممتازين في مجال الصدمات. أميل للاعتقاد بأنه من الممكن استعادة الحياة الطبيعية من جديد. أريد أن يتحررا من هذا الوضع. إنهما يتلقيان العلاج المهني والمساعدة المالية. العائلة موجودة دائمًا. نحن عائلة متماسكة للغاية. ما يساعد الأسرة الآن هو التمسك ببعضها البعض، كذلك العلاجات والزيارات التضامنية تساعد أيضاً."
ماذا تعرفون عن يوسف وحمزة؟
"نعلم أنهما كانا على قيد الحياة عند خروج بلال وعائشة. ومنذ ذلك الحين ليس لدينا أي مؤشر بخصوصهم. ليس لدينا سوى الأمل. نحن نتمسك بكل شيء، بكل أمل، مهما كان صغيرا. نذهب إلى أي شخص يمكنه مساعدتنا. نتمنى ونُصلي ونفعل كل ما في وسعنا. نحن عائلة كبيرة جدًا، ما يقرب من 4,000 شخص. الجميع معنا، كل مدينة رهط معنا".
"الحديث عن البدو يشجع على الانعزالية"
وعندما سُئل عن المختطفين من المجتمع البدوي، سارع الزيادنة إلى التصحيح: "المجتمع البدوي جزء لا يتجزأ من المجتمع العربي، والمختطفون من المجتمع العربي. والحديث عن البدو يشجع على الانعزالية. في هذا الوقت وفي كل الأوقات ينبغي التحدث دائمًا بطريقة أقل عزلاً. في وسائل الإعلام الإسرائيلية يحاولون الفصل، وأنا لا اتفق مع ذلك. أنا بدوي وعربي وفلسطيني وإسرائيلي". وعلى حد قوله وأسفه فإن الحديث عن المخطوفين في المجتمع العربي "شبه معدوم".
لماذا؟
"في المجتمع العربي يشعرون بالأسى حيال ما يتعرض له سكان غزة. في لحظات الصدمة، من السهل والطبيعي التركيز على ألم واحد. أما في الأزمات فليس بوسعك احتواء العالم كله. أنت تحوي قصة وقضية الناس الأقرب إليك، كل ما يحدث في الضفة الغربية وفي غزة يشغل الناس أكثر من انشغالهم بالمختطفين".
عائلتك أيضاً لم تُكثر من الظهور في وسائل الإعلام.
"لقد فضلنا الابتعاد عن الأنظار، لأننا كنا نخشى على سلامة المختطفين. كنا نخشى ألا يروق كلامنا للخاطفين، حيث سيؤذون المختطفين. الشيء أكثر ما يهمنا الآن هم المختطفين".
"أنا أعتاش من الأمل"
القلق على يوسف وحمزة والعناية ببلال وعائشة يطغى على مخاوف أخرى، لكن لا يخفيها: "عائلتي من قرية غير معترف بها، بلا بنية تحتية. ليس لدينا ملاجئ. ومن المثير للسخرية أننا نخشى من ناحية على سلامة المختطفين، ومن ناحية أخرى نخشى على سلامتنا من قصف حماس".
أين كنت في السابع من أكتوبر؟
"لقد صادف أن كنت في رهط يوم السبت، وليس في سديروت. قُتل أحد أقاربي وزوجته اليهودية على شاطئ زيكيم. بكيت. كان من الممكن أن أموت هناك، أو أُختطف. أشعر بشراكة مع الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين. لقد نشأت ودرست هنا. ما حدث في السابع من أكتوبر وما يحدث في غزة في كلا الطرفين صعب بالنسبة لي.
"نحن العرب نرى الجيد والقبيح. وبمقدورنا إلى حد ما احتواء كل الغضب والأسى والألم الناجم عن الحرب. الأمر صعب للغاية، لكنني أعيش من الأمل. على بطاقة هويتي "اسمي إسحاق بشير سلام. والدي كان يعمل محققا في الشرطة. ولدت بعد أشهر قليلة من مقتل رابين. بالعبرية اسمي يتسحاق يبشر بالسلام. آمل أن يكون هناك حل سياسي لا يشمل حماس وخلفاء كهانا وبن جفير وسموتريتش".
"حلمي هو أن يعم سلام إقليمي شامل"
لقد أعادت بداية العام الدراسي القليل من الروتين إلى حياته، حتى لو كان من الصعب عليه الدراسة: "لا أستطيع التركيز في المحاضرات. أدرس عبر تطبيق الزوم وآتي إلى هنا. من المستحسن العودة إلى الروتين. لكن ذلك لن يحدث بشكل فوري، فهذا أمر يستغرق وقتًا. تساعدني العلاجات، العلاج العاطفي، والطب التكميلي، وكذلك التدريب في صالة اللياقة البدنية. هناك حاجة أيضًا إلى أشياء حقيقية وملموسة."
ولا يضر النظر إلى الأفق: "لدي حلم، ولن أتخلى عنه. ربما يتعلق الأمر باسمي. أنا متفائل للغاية. إذا تم فعل كل ما هو ممكن بصدق وايمان فإن من شان الوضع أن يتغير، يمكن تغيير الواقع. حلمي هو أن يعم سلام إقليمي شامل، وأن نحظى بحياة جيدة ومتساوية، جميعنا، الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربية والفلسطينيون في غزة. أريد ركوب القطار والذهاب إلى جدة والأردن وزيارة سوريا ولبنان".