صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الإثنين 29 نيسان 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

"أخصائيات العمل الاجتماعي قدمن إلى بلدات غير معترف وتفتقر إلى التحصينات الحامية من القصف لأجل لتقديم العناية للمحتاجين"

عدا عن النقص الشديد في ميزانيات التوظيف الذي يؤثر على المجتمع بأكمله، فقد وجد تقرير أصدرته جمعية "آذار" أنه في بداية الحرب، واجه الأخصائيون الاجتماعيون العرب مشاكل فريدة من نوعها في القطاع: "الكثير من الخوف وموافقة صامتة على الالتزام بالامتناع عن الحديث في الأمور السياسية.

أطفال بدو يلعبون في قرية غير معترف بها (تصوير: مريم الستر / فلاش 90)
أطفال بدو يلعبون في قرية غير معترف بها. "الطرود الغذائية والأمن الغذائي كانا أمران أساسيان في النقب" (تصوير: ميريام إلستير / فلاش 90)
بقلم ينيف شرون

في تقرير أعدته جمعية "آذار" يتكرر فيه تباعاً مصطلح "الواقع الصادم المشترك". يتناول التقرير الأخصائيين الاجتماعيين في الوسط العربي، المطلوب منهم أثناء الحرب التعامل مع معايشة حالة الحرب ومع الضائقة التي يعيشها الناس، في حين يعايشون بأنفسهم حالة الحرب والضائقة الناجمة عنها.

تعمل جمعية "آذار" في العادة على إكساب المعرفة للأخصائيين المعنيين بالتعامل مع العنف وقتل النساء في المجتمع العربي. يستند التقرير إلى 15 مقابلة مع الأخصائيات الاجتماعيات، ومناقشات في منظمات المجتمع المدني، ومجموعات الدعم للأخصائيين الاجتماعيين.

تقول مُعدة التقرير، لمى منصور، إن "الأخصائيات الاجتماعيات جزء من المجتمع، وهذا ما يزيد من صعوبة الأمر بالنسبة لهن، إنهن يتعاملن مع انعكاسات الوضع عليهن ويتعين عليهن القيام بعملهن على أكمل وجه، ومعظمهن أمهات لأطفال صغار.  أغلقت رياض الأطفال وبرزت معضلة كيفية الذهاب إلى العمل. كثيرات منهن لا يعملن في مناطق سكنهن ويقلن إنهن علقن على الحواجز المنصوبة على الطرق بين القرى".

وتشير منصور إلى ظهور صعوبات جديدة في المقابلات، كما تغيرت بعض أنماط العمل. "في البلدات البدوية في النقب، لم يأت الناس إلى مكاتب الرعاية الاجتماعية في الأسبوع الأول. خرجت الأخصائيات الاجتماعيات لزيارات في التجمعات السكانية، وبعضها قرى غير معترف بها. لقد عرضن أنفسهن للخطر بسبب نقص الحماية وذلك من أجل التواجد مع الأسر المحتاجة للرعاية.

لمى منصور. "وظيفة الأخصائي الاجتماعي تحتاج إلى تعريف" (الصورة: ألبوم خاص)
لمى منصور. "وظيفة الأخصائي الاجتماعي تحتاج إلى تعريف" (الصورة: ألبوم خاص)

"في الشمال، غير إخلاء السكان معايير العمل. الأخصائيات الاجتماعيات ذهبن للعمل في الفنادق، أو اتصلن بالمتعالجين. أصبحت المحادثات أقصر. ولم تشعر كل من المتعالجة والأخصائية الاجتماعية أن هناك مساحة كبيرة للحديث عن المشاكل "الطبيعية"، مثل العنف المنزلي."

"اتفاق صامت على عدم الحديث في القضايا السياسية"

ويشير التقرير، الذي ركز على الأخصائيات الاجتماعيات في النقب والشمال، إلى أن هناك اختلافا في المصاعب الناشئة من الواقع المهني بين المناطق المختلفة، توضح منصور: "في النقب، أن مسألة الحماية هي الشيء المركزي للغاية، وكذلك الطرود الغذائية والأمن الغذائي من ضمن الأمور الأساسية. إن عدم اليقين موجود لدى الجميع، لكنه يظهر بأشكال مختلفة. في الشمال ليس لديهم معرفة متى سيعودون إلى بيوتهم، وفي النقب يتعلق الأمر بالعمل والتعليم والحياة معًا. الفرق العربية من الشمال تعمل في النقب، وهذا يضعهن أمام تحديات كبيرة".

وبحسب حديث منصور، في المدن المختلطة يتم العمل من خلال فرق مختلطة. "هناك الكثير من الخوف. لا يتم الحديث عن الأمور في معظم الأماكن. هناك انفصال صعب للغاية. هناك اتفاق صامت على عدم التحدث عن القضايا السياسية. وقالت عاملة اجتماعية في مقابلة إنها عندما كانت منزعجة من "ما حدث في غزة، لم تستطع التواجد في المكتب وقررت زيارة المتعالجين في البلدات. أرادت البكاء، وهذا لم يكن مقبولا. هناك توقع ليس فقط بالصمت، بل بتبني رواية الدولة، لقد أثقل كاهلهم، وهي رسالة مخفية، قالت إحدى من أجريت معهم المقابلات إنها لم تقل أي شيء، لكنها شعرت في صمتها أن زملائها غير راضين، فقالوا لها: إذا لم تقل أي شيء، "إنه يشير إلى شيء ما. إنها ديناميكية خفية والناس خائفون للغاية."

ومع التحديات والمشاكل، ارتفع الالتزام الكبير للأخصائيات الاجتماعيات بعملهن ومتعالجيهن. تقول منصور: "لقد عبرن عن التزامهن الكبير تجاه المجتمعات والمتعالجات. قال البعض منهن إن عملهن هو نوع من العلاج لهن أنفسهن. ويشعرن أن هناك حاجة إليهن. وقالت إحدى الأشخاص الذين أجريت معهن مقابلات إنه عندما يكون هناك إنذار في غرفة العلاج، فإنها تفكر في أطفالها المتواجدين في روضة الأطفال وتريد الاتصال بالروضة لتتأكد من أن الأطفال بخير، هناك ديناميكية بين الشخصي والمهني طوال الوقت، ولكنها تشتد في أوقات الحرب.

"تحدث عدد لا بأس به من الأشخاص الذين أجريت معهم المقابلات عن الخروج من الصدمة. إنه قرار عملي – أنني أريد أن أتعلم شيئًا ما. وكانت هناك أيضًا دورات تدريبية حول هذا الموضوع. لقد تطلب الأمر تدريبًا واتخاذ قرار عملي".

"أن النقص في ميزانيات التوظيف وساعات العمل كان قائماً قبل الحرب"

وتقول الدكتورة منال شلبي، المديرة التنفيذية لجمعية "آذار" التي ترافق الأخصائيين الاجتماعيين: "إن الصدمة المشتركة تجعلهم أنفسهم ضحايا. ولم يتمكن الكثير منهم من العمل في أول أسبوعين من الحرب. وهم أنفسهم ضحايا بطريقة تعرض حياتهم للخطر. كمواطنين، تأثروا بالحرب، وهم مطالبون برعاية الناس أيضًا، تواجدوا وعملوا في اليوم الأول للحرب لرعاية الناس. وزاد وعيهم العلاجي من حدة الضائقة التي يعايشونها. لقد حضروا للعمل من منطلق التزامهم العميق تجاه عملهم ومتعالجيهم. وينبغي أن يكونوا مع الناس في ذلك اليوم. إنه دور أساسي ورائد في وقت الأزمات".

وتضيف شلبي: "تحدث الكثيرون عن الشعور بالوحدة. والبعض ألآخر تحدث عن التوجيه والدعم من وزارة الرفاه، وقال البعض الآخر إنهم شعروا بالوحدة، وأنهم لا يعرفون من يستشيرون وكيفية تقديم الخدمات أثناء الحرب. إن المنظومة تحتاج بأكملها إلى تجنيد ودعم الأخصائيات الاجتماعيات في هذه الفترة، لم تكن المنظومة مستعدة لذلك، ففي بعض المناطق لم تحصل الأخصائيات على كل ما يحتجنه للعمل.

تواصل شلبي وتقول: "يوضح التقرير أنه يجب تحسين المنظومة لتوفير حزمة كاملة ومساعدة عاطفية ونفسية للأخصائيين، لقد عانت المنظومة من نقص المعايير وساعات العمل، ومن عبء العمل، حتى قبل الحرب. وتم تجنيد العديد من الموارد لمنطقة غلاف غزة. وكانت الحاجة واضحة خلال الحرب، ولكن المنظومة بأكملها كانت بحاجة إلى الدعم والمرافقة. الجميع كانوا داخل الفخ، وداخل الفخ يمكن للأخصائيين الاجتماعيين العمل بمعرفتهم وقوتهم. الوضع يظهر أنه لا تزال هناك فجوات في الخدمات بين أقسام الرعاية الاجتماعية وبين المناطق. عقدت جمعية "آذار" العديد من ورشات العمل المتعلقة بالحصانة الاجتماعية، ولكن المجتمع المدني "لا يمكنه أن يسد جميع الفجوات القائمة. لقد ساعدت المنظمات، ولكن ليس بما فيه الكفاية. تحتاج المنظومة إلى معرفة ما ينقص وكيفية العمل في حالات الأزمات."

تؤكد شلبي على ضرورة فتح المزيد من مراكز الحصانة. يوجد اليوم 14 مركز حصانة نشط في المجتمع اليهودي، ومركز حصانة واحد متاح للمجتمع البدوي في النقب. تقول شلبي: "هذا لا يكفي. نحن بحاجة إلى مراكز حصانة في البلدات والجامعات وتلك التي تتكيف مع المجتمع العربي."

"هناك حاجة إلى تقييم شامل لعمل منظومة الرفاه الاجتماعي"

وتلخص شلبي إلى أن: "احتياجات الأخصائيين الاجتماعيين تنقسم إلى مستويين: على المستوى المادي هناك حاجة للمعايير. اليوم النقابة تتحدث عن أن كل عامل كان لديه 800 ملف قبل الحرب. وبعد الحرب سيكون لكل عامل أكثر من 1,000 ملف. نحن بحاجة إلى وظائف ومعايير جديدة للأخصائيين الاجتماعيين. نحتاج إلى أكثر من وظيفتين في كل أقسام الرفاه الاجتماعي. الميزانيات مهمة جدا.

"المستوى الثاني هو التدريبات. نحن بحاجة إلى تدريبات مصممة خصيصًا للعاملين الاجتماعيين الذين هم جزء من هذا المجتمع، وتدريب وثيق على عواقب الحرب عليهم، وعلى معاملة ومعالجة الناس. وهذا أمر ضروري ومهم للغاية".

تحذر شلبي من أن العديد من الأخصائيين الاجتماعيين سيتخلون عن وظائفهم إذا لم يتلقوا التدريب المناسب. نحن بحاجة أيضًا إلى الحديث عن مدى ملاءمة التدريب وخصوصيته. رد فعل المجتمع العربي مختلف، والمعضلات في حالة الطوارئ مختلفة أيضًا. نحن بحاجة إلى التطرق لهذا ومعالجته. نحن بحاجة إلى معالجة الشعور بالتهديد الذي يهدد الوجود في المجتمعات المختلطة ومسألة كم الأفواه برمتها".

وتختتم منصور أيضًا وتقول إن المقابلات تظهر أن الحاجة الملحة للأخصائيات الاجتماعيات هي المرونة في ساعات العمل. "إنهن على دراية في كيفية القيام بهذه المهمة، لكنهن بحاجة إلى الموارد والساعات اللازمة للقيام بذلك. هناك حاجة إلى تقييم شامل لعمل منظومة الرعاية الاجتماعية، وأساليب عملها وعلاقاتها مع المجتمع المدني. كل شيء أصبح فوضوي.

"يجب تحديد دور ووظيفة الأخصائي الاجتماعي. تغير المنظومة تخصصاتهن خلال الحرب. احداهن التي عملت مع كبار السن، تعمل الآن مع الشبيبة. وهذا بدون تدريب. يقمن الأخصائيات الاجتماعيات اليوم بملء النماذج مع الناس أو توزيع طرود الطعام. اللقاءات مهمة. نحن بحاجة إلى التركيز على الدور العلاجي المُلّح للغاية في هذا الوقت."

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع