شارك مئات الإسرائيليون يوم الجمعة (29/3) في دوائر الحوار بين الدروز واليهود وحضروا للمعرض الذي أقيم في ساحة هابيما في تل أبيب لذكرى الجنود الدروز الذين سقطوا في الحرب. حضر ذوي بعض الجنود القتلى من الشمال للالتقاء والمواساة وللحديث عن بطولة أعزاءهم.
لقد ضحى أكثر من 500 شاب من الطائفة الدرزية بحياتهم في سبيل الدفاع عن دولة إسرائيل منذ تأسيسها، ومنهم 8 قتلوا في الحرب الحالية. ياهلي نيس وبن ألشفيلي، تلاميذ في الصف الحادي عشر في مدرسة "هولتس" العسكرية اختاروا عرض حكايتهم وحكاية الطائفة الدرزية في وسط تل أبيب، في ساحة هابيما.
"أنا والد كل القتلى" قال خالد دغش، والد رقيب أول، المرحوم سفيان دغش "وفي هذه اللحظات أشعر باحتضان الشعب لي".
سفيان دغش من سكان قرية المغار كان محارباً في سلاح الهندسة وسقط خلال المعارك في شمال قطاع غزة في 2 يناير.
أمير حرب، شقيق رقيب أول، المرحوم عدي مالك حرب: "نحن لا نصنع جميلاً لأحد، نحن نقوم بواجبنا مثل كل مواطن آخر في إسرائيل. الطائفة الدرزية تقدم العطاء دون الحصول على مقابل. لدينا نضالات منفردة ولا علاقة لها بالموضوع". عدي مالك حرب، من سكان بيت جن، كان محارباً في لواء ناحال وسقط في المعارك في قطاع غزة في 18 نوفمبر 2023.
أمير حرب حث الحضور على أن يكونا مبعوثين لإيصال الرسالة: "متى قلتم لأولادكم لأول مرة كلمة درزي" في الجيش؟ لقد تعلمت أن في طفولتي عن موسى وعن يترو وعن الشعب اليهودي. وأتوقع من كل واحد ان يعلم أولاده عن الدروز".
من القرية إلى الساحة
دوائر حوار مع الطائفة الدرزية في ساحة هابيما. "لنزيد الوعي تجاه العلاقة بين الدروز والدولة" (تصوير: ياهل فرج)بادر على المشروع سيفان شارون وياهلي نيس وبن ألشفيلي، تلاميذ يهود في الصف الحادي عشر ومتدربين في مشروع "كاف هزينوك" ومعهم مرشدتهم التربوية ساره ترودي، ابنة أحد قتلى القوات الأمنية من قرية كسرى-سميع القريبة من الحدود اللبنانية.
"هدفنا هو نشر الوعي تجاه العلاقة بين الدروز والدولة، لكن ليس من المفترض أن يكون هذا حلف دماء في الحرب فقط، إنما حلف للحياة"، هذا ما قاله ألشفيلي "فبعد أن أجرينا حوارات مع العائلات الثكلى فهمت كم هو صحيح هذا الأمر وكم هو كبير عطائهم إلى حد الجنون. لقد سمعت قصصاً أثارت مشاعري إلى حد كبير".
حوارات مع العائلات الثكلى
شارون نيس وألشفيلي متدربان في مشروع القيادة "كاف هزينوك" التابع لشراكات إدموند دي روتشيلد. والسنة الثانية في مشروع كاف هزينوك هي سنة المشاريع والمبادرات، وحين اندلعت الحرب فقد تحولت إلى الموضوع الذي أشغل الجميع، واختار فريق نيس وشارون وألشفيلي الغوص في الموضوع المؤلم للقتلى الجنود من الطائفة الدرزية.
حاور المشاركون العائلات الثكلى عبر تطبيق الزوم وسمعوا حكاياتهم وتأثروا معهم لسماع قصص الأعمال البطولية، ومن ثم قرروا إتاحة فرصة للقاء مباشر ونادر إلى حد كبير مع القصص. قالت شارون: "وجدنا أن الشعب لا يعترف بهم بالقدر الكافي" "وهذه جملة تكررت على لسان الكثير من العائلات، حيث قالوا أن الشعب يراهم فقط من خلال رغيف الخبز الدرزي، ونحن ذهبنا باتجاه تغيير هذه النظرة".
"نحن نأتي بالقصص إليكم- ما عليكم سوى الحضور"
"إحياء الذكرى في القرى الدرزية هو أمر مهم، لكنه أمر مفروغ منه ونحن أردنا أن يطلع المزيد من الناس على هذا الأمر"، تقول ساره ترودي، مركزة المشروع، وهي في سن 24 سنة وفي الصل من قرية كسرى- سميع قرب الحدود اللبنانية وتدرس للقب الأول في جامعة تل أبيب. ترودي هي بنفسها من يتامى القوات الأمنية، فقد قُتل والدها في كريات شمونه في عام 2013 وتشهد عن نفسها وتقول أنه هو وغيابه يرافقانها في كل عملها الاجتماعي الواسع، وتقول "أنا أتحرك انطلاقاً من نقطة ألمي الشخصية ومن منطلق هويتي".
لم تكن في قريتها مقبرة عسكرية إلى أن قُتل والدها. ومن المهم لترودي أن توضح بانه بالرغم من تخليد الذكرى والحداد على القتلى المتبعة لدى اليهود تختلف عن الطقوس المتبعة لدى الدروز، فإن هذا لا يعني أننا لا نألم "لن ترى الناس حاملين باقات الورود وذاهبون إلى المقابر، لكن هذا لا يعني أننا لا نذكر الأشخاص الذين نفقدهم. لكل عائلة طريقتها في إحياء الذكرى. وهذه ليست فقط حكايتي الشخصية، إنما هي حكاية الطائفة الدرزية بأكملها وحكاية المزيد من العائلات الثكلى، إنها حكاية اجتماعية".
قالت ترودي: "أعلم أن الجيش والجنود الدروز هي من اهتمامات الإسرائيلي المتوسط، ولست بحاجة لإقناع أحد، هناك إجماع على هذا الأمر وهكذا يجب أن يكون". "إنهم قتلانا كلنا وقد حاربوا ونحن نجلب القصص إليكم- ما عليكم سوى الحضور، وطبعاً بحضوركم تحترمون العائلات اللاتي أتين خصيصاً من شمال البلاد".
"لكي يقوم كل من يسمع القصص بنشرها ونقلها"
أما نيس فقال: "تعلمت الكثير عن الدروز بشكل عام وعن قتلى هذه الحرب بشكل خاص"، حيث قال أنه لم يلتقي بالدروز قبل هذا المشروع ولم يعرف "أنهم أناس مذهلون ولدينا شعور بالفقد ومنقصة لأن مثل هؤلاء الأشخاص يسقطون قتلى". وتضيف شارون: "نفهم من القصص التي سمعناها كم كانت لديهم صهيونية وحب للوطن/ وأملي بأن يقوم كل من يسمع القصص بنقلها"
وقال ألشفيلي: "كل قتيل هو عالم بحد ذاته ولا يمكننا إنكار هذا الأمر. هدفنا هو زيادة الوعي تجاه العلاقة بين الدروز والدولة، لكن لا يجب أن يمون هذا حلف دماء فقط، إنما حلف حياة. يجب ألا نتذكرهم فقط في أوقات الحرب وأن لا نهتم بهم فقط حين نحتاجهم".
وتؤكد ترودي وتقول: "هذا ليس بالمر المثالي أن نتحدث عن الطائفة الدرزية فقط في سياق الجنود الدروز القتلى"، "هناك مسائل تشغلنا عدا الثكل والحروب، فخلال السنوات الأخيرة هناك مآخذ للطائفة الدرزية على الدولة ومنها ما هو بشأن قانون كمنيتس وقانون القومية وتوزيع الموارد، لكن رغم كل هذا هناك تجند مذهل للطائفة في جبهة القتال وفي الجبهة الداخلية"
وشرحت شارون أهمية هذه المناسبة بقولها: "إذا شعر الدروز بأنهم غير منتمين واننا لا نعرفهم بالقدر الكافي فإننا نهملهم، والهدف الأساسي لدوائر الحوار هذه هو أن نتوحد كما طلبت العائلات التي تحدثنا معها".