لم تتراجع ظاهرة الأطفال الفلسطينيين المتسولين على مفترقات الطرق في إسرائيل، هذا ما أفادت به مجموعة ناشطين تراقب أنشطة الأطفال في شمال البلاد. تدعي الشرطة الإسرائيلية أن هناك انخفاضًا كبيرًا في هذه الظاهرة، ولكن حتى عندما تم تقديم المعلومات والأدلة حول هذا الموضوع إلى الشرطة فقد كان الردع ضئيلًا ولم يعكس سوى القليل جدًا من حجم أنشطة الاتجار والتسول التي تم الكشف عنها.
وبحسب المتحدث باسم الشرطة، فقد قامت الشرطة باتخاذ إجراءات رادعة في هذا الشأن، لكن الشرطة تشتكي من عدم التعاون من جانب السلطة الفلسطينية في كل ما يخص إعادة الأطفال إلى أراضيها. وهذا بالفعل يجعل من الصعب على سلطات التنفيذ في إسرائيل إنهاء هذه الظاهرة، لكن لا يبدو أيضًا أن هناك إجراءات تتخذها الشرطة ووزارة العدل لتغيير الوضع، مما قد يؤدي إلى غمر الطرقات بأعداد متزايدة من الأطفال الفلسطينيين.
وبحسب كبار المسؤولين في وزارة العدل، المكلفين بمكافحة ظاهرة الاتجار بالأطفال لغرض التربح، فإن شرطة إسرائيل تقول في الأشهر الأخيرة إن الظاهرة توقفت تقريبا، إلا أن الفحص الميداني والمعلومات الواردة من المواطنين الذين يتابعون هذه الظاهرة تثبت عكس ذلك. ويقول أندريه وهو من سكان منطقة وادي عارة، مدير "مجموعة أطفال مفترقات الطرق" التي يقوم أعضاؤها برصد الظاهرة وتقديم المساعدات الغذائية للأطفال وإبلاغ الشرطة بالأمر، لصحيفة "دافار": "إن الشرطة تعرف حق المعرفة أن الظاهرة موجودة".
الظاهرة ملفتة للنظر، ولم تتوقف مع الحرب
السفر عبر الطرق شمالي البلاد والمرور عبر مفرق افالييم، على شارع 65، عند مفترق أحيهود، أمام محطة شرطة عيرون، عند مفترق كفر قاسم وعلى مفترقات طرق منطقة كرميئيل، تكشف الظاهرة الملفتة المتمثلة في تجمع الأطفال المتسولين في كل ساعات النهار وفي كل الفصول. وفي الصيف الماضي، تناول مشروع خاص على الموقع الظاهرة بعمق من خلال سلسلة من المقالات، التي كشفت عن الظاهرة الموجودة في عدة أماكن في شمالي البلاد، إلى جانب الجوانب القانونية والاجتماعية للاتجار بالبشر الموجودة داخل دولة إسرائيل.
مع بداية حرب "السيوف الحديدية" وتطبيق الحصار على أراضي الضفة الغربية، كانت هناك فترة تم فيها ترك مفترقات الطرق. ولم يتمكن المتاجرون بالأطفال من نقل الأطفال إلى إسرائيل أو لم يرغبوا في ذلك، وعلى أية حال، لم يكن اهتمام الجمهور والشرطة مُنصّباً على هذه الظاهرة. لكن سرعان ما عاد التجار لتشغيل الأطفال الذين يجلبون لهم دخلاً ثابتًا وكبيراً.
يقول أندريه، وهو ناشط رئيسي في المجموعة المكافحة للظاهرة: "الظاهرة لم تتوقف ولو ليوم واحد، في منطقة وادي عارة، رأيت أطفالاً منذ الأيام الأولى للحرب وحتى اليوم. ويقفون على بعد أمتار قليلة من محطة شرطة "عيرون"، وتمر سيارات دوريات الشرطة وينظر رجال الشرطة إلى وجوه الأطفال مباشرة ".
كما يزعم ناشطون آخرون في مجموعة عبر تطبيق الواتساب التي يديرها أندريه، والتي قررت تقليص نشاطها خلال أشهر الحرب، أن الأطفال يتجمعون عند المفترقات دون أن يزعجهم أحد، وكتبت أحدى أعضاء المجموعة: "أرى الأطفال كل يوم عند مفترق "عبيلين"، وعند مفترق "سوميخ" هناك طفل أو طفلين". وكتب عضو آخر: "في ليلة الخميس، كان هناك أطفال صغار في مفترق طرق "افالييم". صعوداً لاتجاه مدينة "حريش" كان هناك أطفال أكبر بقليل يقفون عند مفترق الطرق". وادعت عضوة أخرى في المجموعة: "رأيت أطفالًا يتسولون على شارع 65"، في الأسابيع الأخيرة رأيت أطفالًا عند مفرق "افالييم" ومفرق "أحيهود" عدة مرات. على الأقل في مفترق "افالييم"، هؤلاء هم نفس الأطفال الذين كانوا هناك حتى قبل الحرب"،
الناشطون يبلغون عن الظاهرة لكن ليس من الواضح ما إذا كانت الشرطة تتحرك
كتبت عضوة أخرى لأندريه، بعد أن سأل: "في عيد المساخر، كان مفترق "أحيهود" و "عبلين" مليئين بالأطفال، كالعادة، اتصلت بالشرطة عند مفترق الطرق، وأثناء المحادثة مع متلقي الاتصال رأيت سيارة شرطة تتوقف بجوارهم مباشرة، كانت هناك سيارة شرطة على بعد عشرات الأمتار منهم عند مفترق طرق "عبلين". أخذ متلقي الاتصال تفاصيل الموقع وقال إنه سيتم الاعتناء بذلك". لذا، لا يقتصر الأمر على المواطنين الذين يرون الظاهرة المستمرة على أرض الواقع، بل علمت بها الشرطة بعد الشكاوى المتكررة.
إن معالجة هذه الظاهرة، وهي من أخطر الظواهر في إسرائيل من ناحية حقوق الإنسان، لا تقع فقط على مسؤولية الشرطة المنشغلة كثيراً بأعمالها الروتينية، وبالتأكيد في أوقات الحرب. ويبدو أنه حتى في تنفيذ ممارسة إعادة الأطفال إلى السلطة الفلسطينية، فإن الدولة تواجه صعوبة مع الأطراف المعنية في السلطة الفلسطينية. الهيئات الحكومية ذات العلاقة بالتعامل مع الظاهرة مثل وزارات الرفاه والتعليم وسلطة السكان والهجرة ووزارة الدفاع والسلطات العربية المحلية ولائحة طويلة من الهيئات الأخرى تفشل في منع الظاهرة، ومن المشكوك فيه أنها تحاول. ولكن إذا لم تصل المعلومات الموجودة لدى وكالات إنفاذ القانون إليهم، فإن القدرة على حل المشكلة آخذة في التناقص.
ردت الشرطة الإسرائيلية: "منذ اندلاع الحرب، حدث انخفاض كبير في هذه الظاهرة نتيجة الوضع الأمني والأنشطة الأمنية التي تجعل من الصعب على الفلسطينيين دخول إسرائيل. ونلاحظ أنه في الأنشطة الأخيرة التي تم تنفيذها في منطقة شمالي البلاد بخصوص هذه الظاهرة، واجهنا عدم تعاون من جانب السلطة الفلسطينية لنقل القاصرين إلى أراضيها".