صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الثلاثاء 20 أيار 2025
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

نائل فوارسه لقي مصرعه نتيجة انفجار طائرة مسيرة: "حين يأتي ابنه هنا يضع يدع على الصور ويقبلها ويقول (أبي) "

عائلة فوارسه من سكان قرية المغار تتحدث عن التلميذ المتفوق الذي أصبح ضابطاً في حرس الحدود، وبعد تسريحه من الخدمة التحق بمصلحة خدمات السجون وقُتل في الحرب: "القلب والعقل لا يستوعبان. إنه معنا دائماً. نحن نشعر به معنا"

רפיק ואלהאם, פוארסה, הוריו של נאיל פוארסה ז"ל, ליד פינת הזיכרון שלו (צילום: יניב שרון)
والدة نائل فوارسه وشقيقه وائل في الخلفية ركن لذكراه. الأب رفيق: "لم تمض ستة أشهر وليس بوسعنا أن نستوعب غيابه" (تصوير: ينيف شارون)
بقلم ينيف شرون

في الساحة الموجودة على المدخل الشمالي لقرية المغار هناك نصب تذكاري لذكرى القتلى الدروز في حرب "السيوف الحديديه". والد سفيان دغش، أول جندي درزي سقط في الحرب/ هو من بنى هذا النصب ويحافظ على رعايته والعناية به. وإلى جانب الساحة منصوبة لافتة كبيره وعليها صور جميع القتلى الدروز في الحرب، ومن جملتهم نائل فوارسه وهو يرتدي الزي العسكري ويحمل السلاح وينظر مباشرة إلى الكاميرا. الكتابة على الصورة: "أبو أيام، نائل فوارسه، الوطني".

"ساحة قتلى الجيش الأبطال" عند مدخل قرية المغار (تصوير: ينيف شارون)
"ساحة قتلى الجيش الأبطال" عند مدخل قرية المغار (تصوير: ينيف شارون)

وُلد نائل فوارسه نجل الأب رفيق والأم إلهام في قرية المغار بتاريخ 29 نيسان/أبريل 1981، وهو أخ لوائل وناريمان وبهاء. كان تلميذاً متفوقاً ووقع عليه الاختيار ليدرس في مدرسة "عالي" لرعاية العلوم في هرتسيليا. وقد كان يسافر طيلة سنة من قرية المغار إلى هرتسيليا لكي يدرس.

اللافتة على مدخل القرية إحياء لذكرى الجنود الدروز الذين سقطوا في الحرب، وفوارسه على اليمين. "أبو أيام، نائل فوارسه، الوطني" (تصوير: ينيف شارون)
اللافتة على مدخل القرية إحياء لذكرى الجنود الدروز الذين سقطوا في الحرب، وفوارسه على اليمين. "أبو أيام، نائل فوارسه، الوطني" (تصوير: ينيف شارون)

التحق فوارسه بالخدمة العسكرية في عام 2000 وتم تحويله مباشرة للالتحاق بدورة ضباط. حدم في حرس الحدود. وبعد تسريحه من الخدمة العسكرية التحق بخدمة مصلحة السجون. "منذ أن تم تسريحه برتبة ضابط في الجيش حتى الحرب الأخيرة، فقد كان يخدم كل سنة 40 يوماً بدل المدة الإلزامية لجنود الاحتياط ومدتها 20 يوماً"، هكذا قال والده رفيق. "لقد تطوع دائماً لبذل مجهود مضاعف . لقد كان ببساطة إنسان يحب الجيش، أحب الدولة وأحب الغير وساهم كثيراً وقدم الكثير من وقته للآخرين. في 7 تشرين أول/ أكتوبر نشبت هذه الحرب اللعينة على إسرائيل، وكان هو أول من هب للالتحاق بخدمة الاحتياط العسكرية".

نائل فوارسه رحمه الله (تصوير: الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي)
نائل فوارسه رحمه الله (تصوير: الناطق باسم جيش الدفاع الإسرائيلي)

يجلس والده منتصباً على الأريكة في صالون بيته، وعلى أحد جانبيه خزانة تخليد ذكرى كبيرة مليئة بالصور وشهادات التفوق والزي العسكري وعلى الجهة الأخرى علم إسرائيل يرحب بالداخلين إلى البيت. يتحدث رفيق برباطة جأش عن سيرة ابنه. "حين سمع أن صديقه المُقَدَّم (في الجيش) عليم عبد الله أصيب مع سائقه بصاروخ مضاد للدروع في 9 تشرين أول/ أكتوبر، سارع بالوصول إلى المكان. وحين وصل شاهد سيارة الإسعاف تغادر المكان، ففتح الباب وقال له "سلام يا صديقي". إنه يتذكره طيلة الوقت".

سقوط الابن

بعد شهرين ونصف الشهر هب نائل لإنقاذ المواطنين ممن أصيبوا من جراء انفجار طيارة مسيرة في كنيسة إقرث. "لثد كانوا في يوم إرشادي، وفجأة سمع دوي انفجار شديد على مقربة من المكان الذي كان فيه". هذا ما قاله والده ثم أضاف: "خرج من المكان فرأى سحابة من الدخان تتصاعد على مبعدة مئات الأمتار من قاعدته العسكرية. فبدأ بالجري إلى الموقع وتبعه جميع الضباط". بدأ فوارسه بالعناية بالجرحى. فأطلق نحوهم صاروخ مضاد للدروع، ما أدى لإصابة فوارسه، لكنه واصل العناية بالجرحة ورفض نقله إلى المستشفى. وفي النهاية تم نقله إلى المستشفى وهناك التقى بأفراد أسرته. "عند الساعة 11 ليلاً قالي لي "أبي، خذ العائلة وعودوا إلى البيت. سأظل أنا هنا وسأعود للوحدة العسكرية. سأوقع بالخروج على مسؤوليتي وسأغادر المستشفى".

رفيق فوارسه، والد نايل. "الشخص الذي ربيته مدة 40 سنة، ونشعر بنقصانه" (صورة: يانيف شارون)
رفيق فوارسه، والد نايل. "الشخص الذي ربيته مدة 40 سنة، ونشعر بنقصانه" (صورة: يانيف شارون)

في 19 أيلول/ سبتمبر 2024 قُتل نائل فوارسه من جراء انفجار طائرة مسيرة. "كنت في نادي متقاعدي الشرطة ومصلحة السجون هنا في المغار، وتلقيت مكالمة هاتفية من صديق قال لي أن نائل ف المستشفى يخضع لعملية جراحية. وخلال دقيقتين كنت في البيت وأخذت معي زوجتي وبدأنا بالسفر". لم يخبر زوجته بما حدث، لكن هاتفه لم يتوقف عن الرنين. "أثناء السفر فقط وبعد أن اتصل الناس فقد فهمت الأمر".

وائل، شقيق نائل البكر تلقى الخبر أثناء اجتماع طارئ للشرطة في مركز البلاد. "اتصل بي قائد كتيبته وفهمت الغاية من الاتصال. أحد أعز أصدقائي وهو متطوع في خدمة نجمة داوود الحمراء كان يتصل بي كل بضعة دقائق. وكان يقول لي كل مرة: "لا تقلق، إنه قوي. أنا على تواصل معهم".

حين وصلوا إلى المستشفى والتقوا بأفراد الأسرة، تقدم منهم ضابط وطلب منهم الدخول إلى غرفة جانبية. "ضابطتين أمسكتا بزوجتي. بدأن نشعر أن شيئاً ما ليس على ما يرام. وقال الضابط إنه يخضع لعملية وسيخرج بعد قليل. استمر الأمر ساعة ونصف الساعة. ثارت أعصابي وهرعت إلى غرفة العمليات فقام ضابطان من الشرطة العسكرية بمنعي من الدخول. دخل الطبيب وأغلق الباب. نظر إلى الجميع من أولهم لآخرهم. قلت له: "يا دكتور قل لنا شيئاً، نريد أن نسمع. فأدار رأسه وقال لي: "ليس عندي ما أخبركم به. لقد وصل إلينا وهول ليس على قيد الحياة".

الأسرة والأصدقاء لا يستوعبون الأمر: "مقعده دائماً فارغ"

قدم للمشاركة في تشييع جنازته جمهور غفير قدرته الشرطة بما يقارب 5700 شخص وشارط فيها أشخاص من كافة أنحاء البلاد. "أشخاص لا يعرفوننا ولا يعرفونه"، قال واده رفيق، "إنما بمجرد ما قرأوا عنه في الصحف وسمعوا عنه في النشرات الإخبارية وعرفوا من كان".

في اليوم التالي قدم مندوبو جيش الدفاع الإسرائيلي لحضور الدفن. "منذ البداية تلقيت الخبر لي عن طريق الجيش ولا عن طريق مندوب عسكري ولا عن طريق مصدر موثوق. لا يمكن بناء المستقبل اعتماداً على شائعات ولن نستطيع أن نعرف بالضبط ما هي الحقيقة. لم تمض ستة أشهر وليس بوسعنا أن نستوعب غيابه. العقل والقلب لا يستوعبان. إنه دائماً معنا. نحن نشعر به معنا.

"في كثير من المرات حين اجلس أنا وأمه لاحتساء فنجان قهوة في ساعات الصباح الساعة 07:00، لأننا اعتدنا أن يأتي إلينا تقريباً كل يوم. ندخل على هنا ونرى هذه الأشياء. لقد ربيته مدة 40 سنة، ونشعر بنقصانه، حتى الأطفال الصغار يشعرون بالنقصان.

قال لي أحد الأصدقاء: "كل أسبوع تقريباً كنا نجلس معاً حتى بدأت الخدمة العسكرية الاحتياطية، لكن اليوم لا يمكننا أن نجلس كما اعتدنا. مقعده دائماً فارغ".

بعد شهرين عاد شقيقه وائل للخدمة العسكرية. يقول: "إنه ليس بالأمر السهل. لقد كنا نتحدث دائماً عن الأمن. وفي العمل كنا نساعد أحدنا الآخر". إنه يذكر أخ كان قائداً في كل مكان. "إنه يتمتع كذلك بشجاعة قيادية. الشجاعة القيادية تعني أشخاص يتخذون قرارات ويعرفون كيف يتحدثون إلى الجندي تحت إمرتهم إلى أخطاً". ويقول أن شقيقه الذي قُتل اعتاد القدوم لزيارة أولاده الصغار واللعب معهم.

الحفيد لم تُسنح له فرصة للتحدث مع والده

تزوج نائل راية قبل ثلاث سنوات وقبل سقوطه بوقت قليل رُزق بابن، اسمه ليام. "زوجته من قرية الرامه وقد بقيت في المغار"، هذا ما قالته والدته. "في 5 نيسان/ أبريل اكتمل لابنه من العمر سنة. لم يحظ بمعرفته. إنه ينظر إلى صوره".

رفيق: "حين يأتي الطفل إلى هنا فإنه يضع يده على الصورة ويقبلها ويقول "أبي". لقد رأى نائل الأطفال الصغار من حوله وحين رُزق بابن فقد كان يرى الحياة كلها مفتوحة أمامه. لقد ضم ابنه وداعبه لكنه لم يحظ بسماع كلمة "بابا"، هذا هو ألمنا الفظيع، أن نرى الابن الذي لم تُسنح له فرصة للحديث مع أبيه والتعرف عليه، وغداً سيأتي إلينا ويسأل "من هذا الظاهر في هذه الصور؟ وسنقول له "هذا والدك".

وتقول الأم: "قبل سقوطه بيوم واحد اتصل بابنة أخيه وائل وهي في العاشرة من العمر وأرسل لها صور وتسجيل "حبيبتي، هذه صورة محدثة، سأظل أنا طيلة حياتي في الخدمة العسكرية الاحتياطية". وبعد الجنازة بيوم حدثتني عن ذلك وعرضت الصورة أمامي".

لوح لذكرى فوارسه. "أينما وطأت قدمه شعر بانتمائه لذلك المكان، ولهذا كان يعطي بكل جوارحه"
لوح لذكرى فوارسه. "أينما وطأت قدمه شعر بانتمائه لذلك المكان، ولهذا كان يعطي بكل جوارحه"

رفيق: "أينما كان يذهب نائل كان يشعر بالانتماء لذلك المكان. سواء كان ذلك في الجيش أو في الشرطة أو في الدراسة وفي كل مكان. أينما وطأت قدمه كان يشعر بالانتماء لذلك المكان، ولهذا كان يعطي بكل جوارحه".

حين كان مرابطاً على الحدود الشمالية، اقترح على نائل أحد أصدقائه ممن تم إخلائهم من بيوتهم في كيبوتس شومرا أن يبيت في بيته. "فنظر أليه نائل بابتسامته المعروفة والساحرة وقال له، اعد المفتاح لجيبك. لست مستعداً ولا باي حال من الأحوال أن أدخل للنوم في بيت بينما جنودي ينامون في العراء في ميدان القتال. وهناك آلاف الحكايات، فمع مرور كل يوم يأتي أصدقائه ويحدثوننا بأشياء لم نعرفها عنه وعن عطائه ومساعدته وعن حبه للغير".

"أنا أراه تقريباً طيلة الليل"

يقول رفيق أن الألم يظل دائماً، لكن سماع الحكايات عن نائل يواسيه والسماع عن أفعاله الطيبة وعن شخصيته التي تمتع بها. من سماع المزيد والمزيد من الحكايات عن نائل ترتسم صورة إنسان كان متفانياً في إنجاز مهامه ومساعدة الغير كان جزءً من أسلوب حياته. ويقول رفيق أن نائل رفض تسريحه من خدمة الاحتياط العسكرية للعودة إلى عمله في مصلحة السجون. "لقد قال لقائده في مصلحة السجون – لن أعود طالما لم ننتصر في الحرب ولم ننهي الحرب. أفضل أن أموت في الحرب على الموت جراء حادث طرق أو مرض"

لكن الحكايات لا تخفف من لوعة الاشتياق. "أما أراه تقريباً كل ليلة. كل ما قاله لي، أنا أستعيد أقواله وابتسامته، غنه لم يفارقنا".

نائل كان ليس فقط من أفراد قوات الأمن. "لقد كان محباً للحياة" تقول والدته وتمسح دمعة، "كان يحب الرياضة ويحب التنزه ويحب الأصدقاء والناس".

دورة وغرفة لياقة بدنية لذكرى نائل

يحدثنا رفيق أن أفراد مصلحة السجون واصلوا القدوم لزيارة بيت الأسرة طيلة شهور. وقبل شهرين تم إحياء مناسبة تخليد في "شعاري أفراهام"- مركز التدريب القطري لمصلحة السجون. ويقول رفيق: "كان من المفترض أن يشارك في دورة مديري عيادات في مصلحة السجون. وقد أجلوا الدورة مرتين لحين تسريحه من خدمة الاحتياط العسكرية. لم يرجع من الخدمة. فقرروا تكريس الدورة لذكراه. لقد وضعوا صورته في منتصف صور خريجي الدورة".

كذلك غرفة اللياقة البدنية في سجن حرمون والتي بادر نائل إلى إقامتها تم تكريسها لذكراه. "الأمر المهم هو أنهم يحتضنون ويعززون ويساندون". تمت دعوة الأسرة للمشاركة في مناسبة إنهاء دورة ضباط قيادة ومقر للشرطة ولمصلحة السجون، وهي دورة لم يحظ نائل بإنهائها. "من جهة واحدة نتذكر وهذا أمر مؤلم، لكن من جهة ثانية هذا يخفف الألم في الوقت ذاته. إنه أشبه بالميزان – مؤلم لأننا نذكر دائماً، لكن حين يدعوننا نشعر بانهم يكنون له الاحترام. لا أفلح بالعثور على الكلمات المناسبة لأشكر كل من يعمل لتخليد ذكراه.

زاوية ذكرى. "ليتعلموا بطولة هؤلاء الأشخاص، ليتعلموا مبادئهم" (تصوير: ينيف شارون)
زاوية ذكرى. "ليتعلموا بطولة هؤلاء الأشخاص، ليتعلموا مبادئهم" (تصوير: ينيف شارون)

بفضله وبفضل كل قتلى جيش الدفاع الإسرائيلي نعيش كلنا ونتواجد كلنا هنا اليوم. بفضلهم، من حرسونا وحرسوا حدود الدولة، بفضلهم نحن على قيد الحياة ونواصل العيش. أتضرع وأطلب من كل إنسان قادر أن يساهم في تخليد ذكراهم وتعليم تراثهم. ليتعلموا بطولة هؤلاء الأشخاص، ليتعلموا مبادئهم وليتعلموا هذا التراث وليتعلموه على مر الأجيال. هذا هو جذر الحياة.

"الحرب الأخيرة كلفتنا أرواحاً كثيرة. نحن نتمنى لكل العائلات الثكلى ونتمنى ألا يصيبهم مكروه ونتمنى لجرحى حروب إسرائيل الشفاء الكامل والشفاء السريع والعودة إلى بيوتهم وعائلاتهم وأولادهم. أصحاب القرار في دولة إسرائيل يجب أن يعملوا كل ما بوسعهم لاستعادة المخطوفين والمخطوفات من أنفاق العدو. نتضرع إلى الله أن يعم الهدوء والسكينة والأمن في دولتنا"

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع