صوت ألعمال في إسرائيل
menu
يوم الأحد 28 نيسان 2024
histadrut
Created by rgb media Powered by Salamandra
ألأخبار

الأطفال على قارعة الطريق / في نظر سلطات تطبيق القانون، الأطفال الفلسطينيون على مفترقات الطرق ليسوا ضحايا بل مجرمون| المقالة الثانية في السلسلة

محاضر جلسات المحاكم في قضايا فتيان وفتيات بأعمار 13 و14 سنة والتي تنشر لأول مرة في صحيفة "دفار" تكشف واقعا سخيفا ومثيراً للسخرية | تطالب الشرطة بتمديد اعتقالهم، بل وتطالب بإدخالهم إلى السجن بتهمة الإقامة غير القانونية، فيما يواصل مشغليهم ممارسة أعمالهم كالمعتاد | قاضية انتقدت الشرطة بقولها: " يتكرر كثيراً وبشكل مبالغ فيه عرض حالات مثل حالة هذا الفتى الصغير الماثل أمامي" | المقالة الثانية في السلسلة

קטעים מפסקי הדין בנושא נערים בצד הכביש שנידונו בבתי המשפט בעכו ובחיפה (מקור: הסנגוריה הציבורית)
مقتطفات من الأحكام الصادرة بحق فتيان على قارعة الطريق ممن تمت إدانتهم في محاكم عكا وحيفا (المصدر: مكتب المدعي العام)
بقلم أور جويتا وياهل فرج

إن ظاهرة الأطفال الفلسطينيين المتسولين والباعة على مفترقات الطرق في إسرائيل معروفة ومستمرة منذ سنوات عديدة. وعلى الرغم من أن وزارة العدل تصنفهم على أنهم ضحايا الاتجار بالبشر، إلا أنهم في الواقع الجناة من وجهة نظر الشرطة.
ومن وقت لآخر، تداهم الشرطة احدى مفترقات الطرق وتعتقل الأطفال المتسولين أو باعة الألعاب. بعضهم يتم إعادتهم إلى مناطق سيطرة السلطة الفلسطينية، وبعضهم الآخر يُحتجزون في إسرائيل وتُقدم بحقهم لوائح اتهام. مشغليهم الكبار لا يتواجدون معهم بشكل فعلي على مفترقات الطرق ويمكنهم مواصلة حياتهم كالمعتاد.
محاضر جلسات المحاكم في قضايا فتيان وفتيات بأعمار 13 و14 سنة والتي تنشر لأول مرة في صحيفة "دفار" تكشف واقعا سخيفا ومثيراً للسخرية. يحاول المدعي من طرف الشرطة إقناع قضاة القاصرين بأن الطفل الذي عبر الحدود إلى إسرائيل، وكان بعيدًا عن منزله لأيام طويلة بهدف التسول للمساعدة في إعالة أسرته، هو مجرم، بل ويطالبون في بعض الحالات بسجنه بحجة "الردع".
ويدرك قضاة القاصرين في هذه القضايا أن الجريمة قد ارتُكبت من الناحية الرسمية، لكنهم يحاولون في بعض الحالات تجنب الإدانة أو العقوبة، بل وينتقدون الشرطة لمجرد اعتقال القاصرين.
جهاز تطبيق القانون يفضل التعامل مع طرف الظاهرة بدل التعامل مع جذورها. في المحاضر التي حصلت عليها صحيفة "دافار"، لم يسأل أحد على الإطلاق السؤال من الذي أحضر الأطفال إلى إسرائيل، ومن يستلم الأموال التي يجمعونها.
قصص الأطفال الأربعة الذين تم تقديمهم إلى المحكمة لأنهم كانوا يتسولون تتيح لنا لمحة عن طريقة تعامل الجهاز مع الظاهرة وعن وضع الأطفال أنفسهم. وبما أنهم قاصرون، فإن الإجراءات في هذه القضايا سرية وتم تقديم التفاصيل دون الكشف عن أسماء القاصرين.
وتابعت صحيفة "دفار" عن كثب الأطفال الذين يقفون أياماً كاملة على مفترقات الطرق بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وتتبعت مشغليهم. سلسلة المقالات هذه تعتمد على عشرات الساعات من المراقبة الميدانية، والحوارات مع المحامين ونشطاء حقوق الإنسان ومصادر حكومية، في محاولة لتتبع أسباب الظاهرة وسبل تغييرها.

"لا مبرر لاحتجاز طفل بعمر 13 سنة"

(أ‌) عمره 13 سنة، قبضت عليه الشرطة عدة مرات بينما كان يتسول في إسرائيل. وفي شهر أيّار الماضي، تم القبض عليه وهو نائم على الرصيف وبحوزته حوالي 500 شيكل قام بجمعها عن طريق التسول. وقدمت نيابة الشرطة لائحة اتهام بحقه بتهمة الإقامة غير القانونية.
حين سألته قاضية شؤون القاصرين في محكمة الصلح في عكا، القاضية شوشانا فينسود كوهين، كيف سيصل من المعبر الحدودي إلى منزله في السلطة الفلسطينية بدون المبلغ المالي الذي جمعه وأخذته الشرطة، أجابها: "ليس لدي وسيلة للعودة إلى منزلي، فأنا أعيش بعيداً عن المعبر".
المحامي الذي ترافع عن (أ)، إحسان حمود، من مكتب النيابة العامة، شرح وضعه للمحكمة قائلاً: "لقد جاء للتسول من الناس لإعالة نفسه وأسرته. وربما تم استغلاله من قبل الآخرين". هؤلاء المشغلون هم جزء من سلسلة الاستغلال التي دفعت بفتى فلسطيني يبلغ من العمر 13 سنة للتسول في إسرائيل، وتعريض نفسه للخطر، والتغيب عن المدرسة والتعرض للاعتقال – هؤلاء لم يمثلوا أمام المحكمة ولم يدفعوا الثمن.
ويكشف محضر الجلسة صورة مزعجة ومقلقة، مفادها أن أهل القاصر (أ) البالغ من العمر 13 عاماً لم يعلموا بأمر اعتقاله، وذلك على حد قول الشرطة، "حاولنا الاتصال ولم ننجح"، ولم يحاولوا مرة أخرى.
وكتبت القاضية فينسود كوهين في قرارها: "نحن بصدد فتى يبلغ من العمر 13 عامًا، وإذا كانت الشرطة تعتقد أن هناك حاجة لمواصلة التحقيق معه، فلا يوجد سبب لمواصلة احتجاز فتى يبلغ من العمر 13 عامًا، حتى لو كان ماكثاً غير شرعي في إسرائيل، وهذه هي المخالفة الخطيرة الوحيدة المنسوبة إليه".
وأمرت القاضية المحكمة بالإفراج الفوري عن (أ) وإعادة المبلغ المالي المأخوذ منه.

"مهما كانت المخالفة مزعجة ومثيرة للقلق، إلا أنها لا يمكن أن تكون سببًا لاعتقال شخص ما"

وقال محقق الشرطة للمحكمة: "القضية ليست معقدة، إنها عملية مكوث غير شرعي بسيطة، مع دخول غير شرعي عدة مرات خلال العام… ولا يمكن أن نتجاهل بأننا نتعامل اليوم مع قاصرين يتسولون على جميع مفترقات الطرق". وفي ختام تصريحاته أمام محكمة القاصرين في محكمة الصلح في عكا، شرح المحقق أن القاصرين يعرضون أنفسهم ويعرضون السائقين على الطريق للخطر، "وإذا لم يكن هناك رادع سيستمر هؤلاء القاصرون في التسول". وكان استنتاجه هو أنه يجب تمديد اعتقال القاصرة لحين تقديم لائحة اتهام بحقها.
اعتقلت الشرطة الطفلة (ب) البالغة من العمر 14 سنة وثلاثة أشهر، عند مفترق مجد الكروم في شهر أيار الماضي، ولم تكن هذه هي المرة الأولى. القاضية فينسود-كوهين التي نظرت أيضًا في هذه القضية قالت لندوب الشرطة إن جريمة التسول لا يمكن أن تكون سببًا للسجن، "إنها مخالفة بسيطة"، كما قالت القاضية فينسود-كوهين، "والعقوبة القصوى لها (التشديد في الأصل) هو السجن لمدة ثلاثة أشهر لذلك. لذلك ومهما كانت المخالفة مقلقة ومزعجة ، لا يمكن أن تكون سببًا لاعتقال إنسان".
وبعد ذلك وبخت القاضية الشرطة وقالت إن الشرطة بالغت وتصرفت بطريقة "تطرفية" على حد تعبيرها، "أعتقد أن بعضها على الأقل (عمليات الاعتقال – أ.ج) تمت بهدف تمديد الاعتقال".
وقال المحامي إحسان حمود من مكتب النيابة العامة الذي يترافع عن (ب): "برأيي (هذه) وصمة عار لهذه الوحدة التي تقدم طلبا ضد القاصرة. بدل أن تهتم بمعالجة الأمر الأساسي، وهو القضاء على الجريمة في الوسط العربي، فإنهم يبحثون عن اعتقال القاصرين. ألا تعتقدون أن هناك مشكلة رمي طفلة خلف القضبان؟ … يجب التعامل بإنسانية. هؤلاء الناس يأتون للتسول لأجل العيش والبقاء".

فتى يبلغ من العمر 14.5 سنة وشقيقه الصغير قطعا مسافة 211 كيلومترًا من أجل المساعدة في إعالة الأسرة

(ج) تم اعتقاله في إسرائيل مرتين بتهمة الإقامة غير القانونية. وفي الاعتقال الثاني كان عمره 14.5 سنة. إنه يقطع مسافة 211 كيلومتراً من القرية التي يسكنها في منطقة الخليل إلى المفترق، حيث تم اعتقاله. ومن محضر جلسة المرافعات التي عقدت في محكمة القاصرين في محكمة الصلح في حيفا، يتضح بأن والد (ج) مريض وغير قادر على إعالة الأسرة و (ج) ينتمي لأسرة كثيرة الأولاد.
حين تم اعتقاله في المرة السابقة التزم بعدم ارتكاب هذه المخالفة مرة أخرى. ورغم ذلك، تسلل مرة أخرى إلى إسرائيل لبيع الألعاب وقبضت عليه الشرطة. وطلب المدعي العام من المحكمة أنه "على الرغم من أن المتهم صغير السن، إلا أننا نطالب بمعاقبته بعقوبة تردعه عن ارتكاب المخالفة للمرة الثالثة. نطلب إدانة المتهم والحكم عليه بالسجن الفعلي، وأن يتم تطبق العقوبة المشروطة مجتمعة على أي فترة سجن أخرى، وأن يُفرض عليه التزام وتعهد".

طفل يتسول على مفترق المكر في الجليل. الشخص في الصورة لا علاقة له بالمقال (تصوير: ياهل فرج)
طفل يتسول على مفترق المكر في الجليل. الشخص في الصورة لا علاقة له بالمقال (تصوير: ياهل فرج)

عندما سألت القاضية الكبيرة عدنا بن ليفي الكفل (ج) كيف وصل إلى إسرائيل، أجاب مستعيناً بمحاميه من مكتب النيابة العامة، ساهر فار، بأنه دخل بمفرده. وعندما سألته القاضية عن كيفية وصوله إلى مفترق الطرق حيث ألقي عليه القبض، أجاب: "أنا أحاول إيجاد توصيلة". ويدعي أنه لم يكن معه سوى ملابسه، وأنه جاء إلى إسرائيل لبيع الألعاب. وأكد المدعي للقاضية أنه لم يتم ضبط أي ألعاب منه، ثم شرح (ج): "أخي الصغير أخذ الألعاب، وكان أيضًا في المفترق".
وأشارت القاضية بن-ليفي: "حقيقة أن المتهم انتهك ثقة المحكمة به وارتكب نفس الجريمة بعد شهرين من الحكم عليه من خلال إجراء مختلف هو امر يثير الشكوك حول ما إذا كان بإمكاننا الوثوق بكلامه بأنه لن يعود إلى إسرائيل مرة أخرى. في الوقت نفسه، وبما أن الأيام هي أيام شهر رمضان، وفي نهاية الأسبوع ستكون إجازة عيد الفطر، وهي عطلة مهمة للطائفة الاسلامية، ونظرا لصغر سن المتهم، فقد قررت إعطائه فرصة وعدم استنفاد تعاليم القانون تجاهه". أدين (ج) وحكم عليه بدفع مبلغ 200 شيكل إذا عاد ودخل إلى إسرائيل بطريقة غير قانونية، ويتم ترحيله إلى مناطق السلطة الفلسطينية.
وبحسب ادعاء المحامي فار: "قال إنه جاء للعمل ولديهم عيد. وعلى الرغم من أنه مخالف لأنه خالف القانون، إلا أنه ضحية للواقع الذي يعيش فيه. كلمة "معاقبة" لا تناسب هذه الحالة. نحن نتحدث عن طفل، بدلاً من أن يكون على المقاعد الدراسية في مثل عمره، يُجبر على عبور الحدود".

" قضايا فتيان صغار مثل قضية المتهم الماشل أمامي صارت تُعرض علي بشكل متكرر أكثر من ذي قبل "

ألقت الشرطة القبض على (د) البالغ من العمر 15 عامًا في إحدى مدن الشمال في 17 نيسان من هذا العام، عندما لاحظته الشرطة واقفًا عند مفترق طرق يبيع الأشياء، فزع (د) لرؤية الشرطة وهرب من المكان، وبعد وقت قصير قبض عليه الشرطي. عندما مثل أمام القاضية الكبيرة عدانا بن ليفي في محكمة القاصرين في محكمة الصلح في حيفا، تبين أنه تم القبض عليه وحوكِم في الماضي بنفس التهمة – الإقامة غير القانونية في إسرائيل.
وطلب المدعي العام من المحكمة تنفيذ الحكم مع وقف التنفيذ المفروض عليه في الإدانة السابقة، لكن محامي الدفاع فارس بريك من مكتب النيابة العامة، قال للقاضية إن "الظروف التي دفعت القاصر في مثل هذا السن الصغير إلى تحمل عبء إعالة الأسرة دفعه إلى ارتكاب هذا الفعل".
وقالت القاضية في قرار الحكم: "لا يمكن للمتهم أن يدعي أنه لا يعرف أن المكوث في دولة إسرائيل يتطلب تصريحاً، ومن ناحية أخرى، في أحيان متكررة أكثر من اللازم تُعرض أمامي قضايا أطفال صغار من نوع المتهم الماثل أمام المحكمة. نحن بصدد قاصرين صغار جدًا من المفترض أنهم طلاب في المدرسة، لكنهم يضطرون بسبب الصعوبات المالية إلى العمل في وظائف مختلفة من أجل إعالة أفراد أسرهم.
وأضافت: "في العادة، كان ينبغي قبول موقف المدعي، ولكن نظرًا لصغر سن المتهم وحقيقة أن نهاية هذا الأسبوع هي عيد الفطر، وهو عطلة مهمة للطائفة الاسلامية، قررت اتخاذ إجراء الرحمة بناء على طلب محامي العام". على أمل ألا يعود إلى إسرائيل بعد ترحيله إلى السلطة الفلسطينية، أمرت القاضية بن ليفي د. بإلزام المتهم بدفع غرامة بقيمة 500 شيكل إذا عاد إلى إسرائيل، إلى جانب تمديد فترة الاعتقال مع وقف التنفيذ لمدة عام آخر.

*****

وتابعت صحيفة "دفار" عن كثب الأطفال الذين يقفون أياماً كاملة على مفترقات الطرق والشوارع بدلاً من الذهاب إلى المدرسة، وأيضا تابعت مشغليهم. تمت كتابة سلسلة المقالات هذه بناء على عشرات الساعات من المراقبة الميدانية، والحوارات مع المحامين ونشطاء حقوق الإنسان ومصادر حكومية، في محاولة لتتبع أسباب الظاهرة وسبل تغييرها.
للمقالات أخرى في السلسلة:
طفل. مفترق. مال.: طفل. مفترق طرق. المال: نظرة عن كثب على الأطفال الفلسطينيين الذين يتم إرسالهم للتسوّل على مفترقات الطرق في إسرائيل

اشترك في النشرة الإخبارية الشهرية
من خلال التسجيل، أقرّ بقبول شروط استخدام الموقع